الخلافات حول القوات المشاركة حسمت باستبعاد الحشد والبيشمركة من الدخول

الموصل تنتظر تحرير الممر.. و«داعش» ينهار من الداخل

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

«مثلما دخل عناصر داعش.. سيخرجون».. وقد يبدو في هذه النظرة التي يعكسها العديد من المراقبين السياسيين، نوعاً من «التسطيح»، إلاّ أنّها الأقرب إلى الواقع في نظر مراقبين آخرين متفحصين للواقع العراقي ولواقع محافظة نينوى خصوصاً، لأن مدينة الموصل، مركز المحافظة، لم تكن لتسقط بيد تنظيم داعش بتلك السرعة المذهلة لولا وجود ظروف موضوعية ممهدة، أبرزها فقدان الثقة بين «جيش المالكي» وسياساته الطائفية القمعية، وهذا الأمر يتكرر الآن مع «داعش» وسلوكياته وآيديولوجيته، التي «اتضح» أنها لا تمت بصلة إلى ما كان يعتقده ويتمناه أهالي الموصل.


وأخذ الموصليون الأصيلون ينفرون من شيء اسمه «داعش»، بل حتى انه يواجه مقاومة «قدر المستطاع» داخل الموصل، ولعل التنظيم بات متيقناً من ذلك، ما جعل متابعين للوضع الميداني يرون أن الذين سيقاتلون ضد القوات العراقية والحشد الوطني اقل بكثير جدا من التوقعات الروتينية.


ويشير المتابعون إلى وجود حالة من انهيار المعنويات مع تفجّر خلافات حادة داخل تنظيم داعش، بين القياديين والمقاتلين العراقيين من جهة، وغيرهم من العرب والأجانب من جهة أخرى، فالطرف الأخير جاء ليموت، أما الطرف العراقي فهناك ما يدفعه إلى عدم مقاتلة العراقي، إضافة إلى أن معظمهم لا يؤمنون بفكر «داعش» وما انتماؤهم إليه إلا لأسباب طائفية «سقطت»، أو لمصالح خاصة، أو لتجنب الأذى، وما إلى ذلك من أسباب.


ويقدر خبراء عسكريون دوليون أعداد مقاتلي التنظيم بما يتراوح بين ثلاثة آلاف و4500 مقاتل في الموصل، ثلثهم نواة مقاتلي «داعش» ممن هم مستعدون للموت في منطقة الاشتباك، أما الباقون فهم «مجندون أو انتهازيون».


حسم القوات المشاركة
وفي هذا الصدد، يرجح العديد من المراقبين وجود نوع من التفاهم، المباشر أو غير المباشر لتكون المعركة المرتقبة الشرسة «شكلية» إلى حد ما، وأن هناك «تهويلاً» في الموضوع لأغراض سياسية.
وشهدت بغداد وأربيل قبل أيام مباحثات ماراثونية قادها وفد أميركي رفيع، برئاسة نائب وزير الخارجية انتوني بلينكن، أجرى خلالها لقاءات مع رئيس الوزراء العبادي وزعماء سياسيين، واستكملها في إقليم كردستان بلقاء رئيس الإقليم مسعود بارزاني.


ويبدو أن مسألة الخلافات حول القوات التي ستشارك في معركة الموصل حسمت إلى حد بعيد، من خلال إناطة المهمة بالضربات الجوية للتحالف الدولي وقوات الجيش من الفرقتين 15 و16 وجهاز مكافحة الإرهاب إضافة إلى الشرطة و«الحشد الوطني» من أهالي الموصل، فيما تم استبعاد قوات الحشد الشعبي والبيشمركة من الدخول إلى الموصل. ويؤكد مسؤول إعلام الفرع 14 من الحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل سعيد مموزيني أن قوات البيشمركة والحشد الشعبي لن يدخلا الموصل، مشيراً إلى التزام البيشمركة بحماية المناطق «الكردستانية» في محافظة نينوى حيث كانت هناك قبل سقوط الموصل، سبع وحدات إدارية فاز بها الطرف الكردي في الانتخابات.


بدء الحرب الجوية
من جانب آخر، يرى الخبير الاستراتيجي إحسان القيسون إن طبول معركة تحرير الموصل ستكون قوية، لافتاً أن فرنسا اشتركت في المعركة بطائرات رافال ووجهت ضربات جوية على مواقع القيادة والسيطرة في المدينة. ويضيف القيسون إن معركة استعادة الموصل بدأت جوياً، ومن المتوقع انطلاق العمليات البرية بشكل فعلي في الثلث الأخير من الشهر الجاري، لأن «هناك مناطق يجب أن تحرر قبل أن نصل إلى الموصل»، وهي: الشورة، وحمام العليل، والحمدانية، وتل كيف. ويوضح الخبير الاستراتيجي أن «داعش انتهى، وحسم أمره بأن يقاتل في الموصل، وخاصة في الجانب الأيسر، وليس في الطرف الأيمن، ولا يعلم أحد ما هي المفاجآت، والمتغيرات الموجودة على الأرض، ونتمنى أن ننهي داعش في الموصل مع نهاية العام الجاري».

توضيح طالباني
قال رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني قبل الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 للمسؤولين العسكريين الاميركيين، إنهم كانوا يبالغون كثيرا في تخوفهم من مقاومة»شرسة«. وأضاف أنهم يعتمدون على الحاسوب الذي يعطيهم هذه الأرقام، لكنه لا يعطي قياسا للروح المعنوية. ما تحدث عنه طالباني في 2003 ينطبق على ما حدث في الموصل، وما يحدث لـ «داعش» الآن.
 

تركيا تُغيّر موقفها من المشاركة في المعركة
في تغيير مفاجئ بالموقف التركي حيال معركة تحرير الموصل المرتقبة، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم دعمه لـ«خطة جديدة مشتركة بين بغداد وواشنطن لتحرير» المدينة، لكنه حذّر من «حدوث حرب أهلية في حال تغيير التركيبة السكانية للمدينة».


وذكرت وسائل إعلام عراقية أن ملامح تغيير الموقف التركي واضحة في هذا التصريح بعد أن أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الحكومة، في مناسبات سابقة، على بقاء القوات التركية في معسكر بعشيقة العراقي ومشاركتها في المعركة المرتقبة، ان اقتضت الضرورة وهو ما ترفضه حكومة بغداد وحذرت منه واشنطن. وقال يلدريم في تصريحات للصحافيين قبل يومين انّه «توجد خطة جديدة من أجل تطهير مدينة الموصل من داعش، بقيادة من أميركا والحكومة العراقية، ونحن ندعم هذه الخطة، ونقول لهم «لتفعلوا ما تشاءون، ولكن لا تمسّوا سكان الموصل الأصليين، إنَّ الموصل للموصليِّين».

وأضاف: «ندعو إلى عدم تغيير ديموغرافية الموصل عبر جلب مدنيين من خارجها وتوطينهم فيها»، محذراً من «حدوث حرب أهلية في الموصل إذا تم اتخاذ أي خطوة لتغيير تركيبتها السكانية». وجاء تصريح رئيس الحكومة التركية بعد ساعات من تصريح لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أبدى فيه استغرابه من إصرار تركيا على وجود قواتها على ارض العراق.

وقال العبادي: «لن نسمح للقوات التركية بالمشاركة في تحرير الموصل، وإنما سنسهل لهم الأمر بالعودة إلى بلادهم»، مشيراً إلى ان «وجود القوات التركية يعرقل جهودنا في تحرير الموصل من تنظيم داعش».

Email