غداة فشل جهود إحياء الهدنة وإعلان الجيش بدء هجوم جوي وبري

حلب تتعرض لإبادة والغارات بالمئات

عائلة تغادر حي المواصلات إثر الغارات المكثفة / أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

غرقت الأحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال سوريا أمس، في جحيم الغارات الكثيفة، التي شنتها طائرات سورية وروسية، متسببة بدمار هائل ومقتل نحو 100 مدني بعد ساعات من إعلان الجيش السوري بدء هجوم جوي وبري في المنطقة.

ويتزامن التصعيد مع فشل الجهود الدبلوماسية في نيويورك في إعادة إرساء هدنة انتهت الاثنين الماضي، بعد أسبوع من تطبيقها في مناطق سورية عدة بموجب اتفاق أميركي- روسي، في وقت عقد وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري لقاءً بنتائج محدودة، مع الإعلان عن تأجيل محادثات جنيف المزمعة مطلع الشهر المقبل.

وتعرضت الأحياء الشرقية في حلب، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، لغارات كثيفة بشكل متواصل منذ ليل الخميس/‏‏‏الجمعة، تنفذها طائرات روسية وسورية، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأحصى المرصد مقتل «27 مدنياً على الأقل بينهم ثلاثة أطفال جراء ضربات شنتها الطائرات الروسية والمروحيات السورية» على أحياء الكلاسة والقاطرجي وباب النيرب والمعادي والفردوس والمواصلات شرق المدينة. وأشار إلى أن عدد القتلى «مرشح للارتفاع لوجود جرحى في حالات خطرة ومفقودين».

وشملت الغارات أيضاً أحياء صلاح الدين وبستان الباشا والصالحين والسكري والصاخور والشيخ فارس والكسارة وكرم النزهة والشيخ سعيد.

وقال مدير الدفاع المدني في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة عمار السلمو، إن قصف الأحياء الشرقية للمدينة أسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصاً وتدمير 40 مبنى على الأقل. وأضاف، إن ما يحدث الآن «إبادة» بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

وقال حمزة الخطيب مدير مستشفى في حلب إن عدد قتلى القصف بلغ 91 شخصاً.

وأفاد شهود أن القصف على حلب «عنيف جداً». وأظهرت مقاطع فيديو في حي طريق الباب جرافة تعمل على رفع الأنقاض من شارع ضيق على جانبيه أبنية بعضها تدمر بشكل كامل والبعض الآخر تصدعت جدرانه، قبل أن تقوم بردم حفرة ضخمة مملوءة بالمياه جراء القصف.

وقال أبو عمر وهو أحد الناجين «كان الصوت أقوى من صاروخ بحيث انهارت الجدران وحدها».

وبات متطوعو الدفاع المدني، مع كثافة الغارات، عاجزين عن التحرك خصوصاً بعدما استهدفت الغارات صباحاً مركزين تابعين لهم في حيي هنانو والأنصاري.

وتدمر مركز الأنصاري بالكامل جراء الغارات، وباتت سيارة إسعاف وأخرى لإطفاء الحرائق ومعدات أخرى خارج الخدمة. وتسببت الغارات بدمار كبير، بينها ثلاثة أبنية انهارت بكاملها على رؤوس قاطنيها جراء غارة واحدة على حي الكلاسة.

وأوضح شاهد أن جرافة واحدة كانت تعمل على رفع الأنقاض، فيما يقف عمال الإغاثة مذهولين محاولين رفع الركام بأيديهم بحثاً عن العالقين تحته.

وذكر مركز إعلام حلب إن حرائق اندلعت إثر القصف ونتجت عن «قنابل فوسفورية حارقة».

الريف الغربي

على جبهة أخرى في حلب، أفاد المرصد بمقتل «12 مدنيا ًمن عائلة واحدة بينهم ستة أطفال جراء غارات روسية على قرية بشقاتين في ريف حلب الغربي».

كما قتل 11 شخصاً على الأقل في غارات نفذتها طائرات لم تعرف هويتها على مدينة الباب الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش شمال شرق حلب، فضلاً عن قصف طال بلدة عينجارة بريف حلب الغربي. وطالت الغارات قرية تل مصيبين وبلدة حريتان بريف حلب الشمالي.

هجوم بري

ويأتي هذا التصعيد بعد إعلان الجيش السوري ليل الخميس/‏‏‏الجمعة، بدء هجوم على الأحياء الشرقية في حلب، التي يحاصرها منذ شهرين تقريباً، ودعوته السوريين إلى «الابتعاد عن مقرات ومواقع المجموعات المسلحة».

وفرّت عائلات من أحياء تشكل جبهات ساخنة في شرق حلب في اليومين الأخيرين إلى أحياء أخرى، لكن لا طريق أمامها للخروج من المدينة.

وأوضح مصدر عسكري سوري في دمشق أن العمليات البرية في حلب لم تبدأ بعد. وقال: «حين أعلنا بدء العمليات البرية، فهذا يعني أننا بدأنا العمليات الاستطلاعية والاستهداف الجوي والمدفعي، وقد تمتد هذه العملية لساعات أو أيام قبل بدء العمليات البرية»..

مشيراً إلى أن «بدء العمليات البرية يعتمد على نتائج هذه الضربات». وذكر أن الضربات الجوية التي ينفذها الطيران تستهدف ما سماها «مقرات قيادات المسلحين».

وأكد ضابط سوري على جبهة حلب أن «القوات البرية لم تتقدم ميدانياً بعد». وبحسب مصدر عسكري ثان في دمشق، فإن «هدف هذه العملية هو توسيع مناطق سيطرة الجيش» في حلب..

لافتاً إلى «وصول تعزيزات تعزز القدرة على القيام بعملية برية». وفي محافظة حماة (وسط)، أفاد المرصد بمقتل خمسة عناصر من فصيل مقاتل بعد استهداف طائرات حربية مغارة كانوا يتخذونها مقراً، فيما لا يزال 13 مقاتلاً آخرين تحت الأنقاض.

مفاوضات تحت النار

وتبحث الأمم المتحدة وفق ما أعلن الناطق باسم مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لاركي، عن طريق بديل لإرسال مساعدات إلى الأحياء الشرقية من مدينة حلب، حيث يقيم نحو 250 ألف مدني في وضع مأساوي، في وقت لا تزال 40 شاحنة مساعدات عالقة في منطقة بين تركيا وسوريا.

وقال الموفد الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا في نيويورك إن «ما يحصل هو أن حلب تتعرض للهجوم، والجميع عاد إلى حمل السلاح» معلناً عن تأجيل محادثات جنيف المزمعة مطلع أكتوبر المقبل غداة فشل الجهود الدبلوماسية في نيويورك في إعادة إحياء وقف إطلاق النار.

حيث أكد كيري فشل اجتماع عقدته المجموعة الدولية لدعم سوريا لإعادة إرساء الهدنة. وحض روسيا على إبداء جدية، مطالباً دمشق بوقف استخدام طيرانها الحربي. وقال كيري إن السبيل الوحيد لاستعادة الثقة في الهدنة هو أن توقف الأطراف استخدام القوة الجوية في الصراع، في إشارة إلى الطائرات السورية والروسية، غير أن لافروف رفض اقتراح كيري وقال، إنه من الضروري أن توقف الجماعات المسلحة أيضاً القتال.

وفشل كيري ولافروف في تحقيق اختراق على صعيد إعادة إحياء الهدنة بعد إجتماع لهما في نيويورك أمس. ونُقل عن نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف قوله إنه لن يتم التوصل إلى اتفاقات أو قرارات جديدة بشأن سوريا في نيويورك.

تقسيم

من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيروليت،في مؤتمر صحافي في الأمم المتحدة، إن قصف حلب يظهر أن هدف الحكومة في دمشق وحلفائها هو تقسيم البلاد.

اندماج

أعلنت فصائل صقور الجبل والفرقة الشمالية والفرقة الـ13 التابعة للجيش السوري الحر عن توحدها الكامل تحت مسمى جيش إدلب الحر. وذكر بيان مصور أنه تم تعيين النقيب حسن حاج علي قائداً عاماً للجيش والنقيب محمد بيوش نائباً له. وبهذا الاندماج تكون فصائل الجيش الحر العاملة في إدلب قد اندمجت تحت مسمى واحد لأول مرة منذ بدء الأزمة السورية.

Email