أنقرة تتوقع «الأسوأ» وتحصّن أبوابها.. وموسكو تهاجم «صدمة» ميركل

مخاوف تركية من تدفق مليون لاجئ سوري

ت + ت - الحجم الطبيعي

مشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

حذّرت تركيا أمس من أن تدفق اللاجئين السوريين إليها قد يصل إلى مليون شخص في حال استمرار حملة القصف الجوي الروسية المتواصلة على مواقع فصائل إسلامية ومعارضة شمال سوريا، في وقت لم تظهر أي مؤشرات على تغيير تركيا سياسة «الباب المغلق» في التعامل مع الموجة الأخيرة من الفارين.

واقتصر فتح الحدود على الجرحى والمصابين وسط دعوات من الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية بضرورة فتح الأبواب أمام النازحين المتكدسين على الحدود في ظل ظروف جوية سيئة، فيما احتد السجال الروسي الغربي حول التأثيرات الإنسانية لحملة القصف التي تشنها موسكو، حيث طلب مسؤول روسي من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ان تنتبه لما تقوله بشأن الأزمة السورية.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن تركيا تسمح بدخول اللاجئين السوريين بطريقة مضبوطة وإنها سمحت حتى الآن بدخول عشرة آلاف لاجئ من نحو 50 ألف شخص وصلوا إلى حدودها في موجة التدفق الأخيرة.

وقال الوزير التركي في مؤتمر صحافي مع نظيره المجري خلال زيارة لبودابست إن عدد اللاجئين المتدفقين على تركيا قد يصل إلى مليون شخص إذا استمرت الحملة العسكرية الروسية والحكومية السورية على المعارضة.

الباب المغلق

بدوره، أعلن نائب رئيس الحكومة التركية نعمان قورتولموش في ختام اجتماع للحكومة ان السلطات التركية تخشى وقوع الأسوأ مع تدفق جديد للاجئين السوريين الى حدودها قد يصل عددهم الى 600 ألف شخص. وقال المسؤول التركي إنه «نتيجة هذا الوضع نلاحظ ان نحو 200 ألف شخص أجبروا على الهرب بينهم 65 ألفا باتجاه تركيا و135 ألفا داخل سوريا».

وهناك 30 ألفا غالبيتهم من النساء والأطفال، يتجمعون وسط الصقيع وفي ظروف قاسية جدا أمام معبر اونجو بينار التركي بانتظار السماح لهم بدخول تركيا.

لكن قورتولموش لم يشر إلى تغيير سياستها الجديدة غير المصرح عنها «الباب المغلق» أمام اللاجئين في الوقت الحالي، لكنه عبر عن ذلك بالقول: «هدفنا في الوقت الحاضر هو إبقاء هذه الموجة من المهاجرين وراء حدود تركيا أطول فترة ممكنة، وتقديم الخدمات اللازمة لهم حيث هم».

وتكرر السلطات التركية منذ أيام عدة القول إنها لا تزال تنتهج سياسة «الأبواب المفتوحة» وإنها مستعدة في حال الضرورة للسماح لهم بدخول أراضيها.

العبور للجرحى فقط

وصرح ناطق باسم مؤسسة المساعدة الإنسانية «أي.اتش.اتش» بأن تركيا فتحت حدودها مع سوريا للسماح للاجئين المصابين فقط بدخول أراضيها. وقال مصطفى اوزبيك، أحد المسؤولين بالمنظمة القريبة من الحكومة التركية، إن المصابين يتلقون العلاج في المستشفيات التركية.

وقال مسؤول حكومي كبير يتولى التعامل مع مشاكل الهجرة موضحا أن الوضع على الحدود تغير في السنوات الأخيرة: «لدينا الآن اعتبارات أكبر بكثير... فهناك منظمات إرهابية لم تكن موجودة عندما بدأ الصراع السوري». و

أضاف أن عددا متزايدا من اللاجئين لا يريد سوى استخدام تركيا كمعبر إلى أوروبا رغم الأخطار، الأمر الذي يحمل تركيا مسؤولية منع حوادث غرق المراكب مثل حادثة غرق الطفل السوري في سبتمبر الماضي أثناء محاولة أسرته العبور إلى الجزر اليونانية.

مطالبة أممية

إلى ذلك، طالبت المفوضية العليا تركيا بفتح حدودها أمام عشرات آلاف الأشخاص النازحين، هربا من المعارك الدائرة في محافظة حلب شمال سوريا.

في السياق، قال الناطق باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وليام سبيندلر في مؤتمر صحافي في جنيف ان «تركيا سمحت لعدد صغير من الأشخاص الضعفاء والجرحى بدخول تركيا. لكن لم يسمح لكثيرين بعبور الحدود». وأضاف: «نطالب تركيا بفتح حدودها أمام جميع المدنيين السوريين الهاربين من الخطر والباحثين عن الحماية».

تواصل الغارات

وواصلت الطائرات الروسية غاراتها الجوية على معاقل الفصائل المعارضة مما يفاقم من أزمة النزوح الحالية.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن طائرات حربية يرجح أنها روسية جددت قصفها لمناطق في مدينة الباب وبلدة دير حافر الخاضعتين لسيطرة تنظيم داعش بريفي حلب الشرقي والشمالي الشرقي، فيما نفذت طائرات حربية يرجح أنها روسية المزيد من الغارات على أماكن في بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي، ما أدى لأضرار مادية في الممتلكات.

سجال روسي غربي

وهاجم الكرملين المستشارة الألمانية انغيلا ميركل بسبب انتقادها للحملة الجوية الروسية في سوريا أثناء زيارتها تركيا أول من امس. وصرحت المستشارة الألمانية في إشارة الى تلك الحملة: «نحن مصدومون من هذه المعاناة البشرية».

وشكلت تصريحاتها أعنف انتقاد توجهه حتى الآن للحملة العسكرية الروسية. وقال الناطق باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان ميركل يجب ان تنتبه لما تقوله بشأن الأزمة السورية. وأضاف الناطق ديمتري بيسكوف: «نحن ندعو الجميع مرة أخرى الى الحذر الشديد والمسؤولية في اختيارهم لكلماتهم نظرا الى الوضع الحساس في سوريا الآن وللتسوية السورية».

وقال انه رغم مزاعم الغرب والمعارضة السورية، إلا أن روسيا لم تحصل على أية أدلة موثوقة تشير الى مقتل مدنيين في الغارات الجوية. وحول الموقف من تركيا، قال بيسكوف: «علاقتنا في أسوأ صورها خلال العقود القليلة الماضية. لقد ارتكبت تركيا أفعالا عدوانية خسيسة ضد روسيا. لم تفسر تركيا بشكل مناسب أفعالها ولم تعتذر بشكل لائق».

ووصف اتهام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن روسيا تشارك في غزو سوريا في محاولة لإنشاء «دويلة خاصة» لحليفها الرئيس بشار الأسد بأنه «خطأ وسخيف». في غضون ذلك، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في تصريحات أدلى بها في إطار ترحيبه برئيس وزراء جورجيا الجديد جورج كفيريكاشفيلي لدى وصوله إلى بروكسل: «كنتيجة مباشرة للحملة العسك

رية الروسية يكسب نظام الأسد الإجرامي أرضا وتخسر المعارضة المعتدلة أرضا ويفر مزيد من اللاجئين إلى تركيا وأوروبا».

 الأمم المتحدة: 300 ألف شخص في حلب مهددون بالحصار 

 قالت الأمم المتحدة، إن مئات الآلاف من المدنيين قد تنقطع عنهم إمدادات الطعام إذا نجحت قوات النظام السوري في محاصرة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب، وحذرت من موجة فرار جديدة للاجئين.  

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في نشرة عاجلة: «إذا قطعت الحكومة السورية وحلفاؤها طريق الفرار الوحيد المتبقي للخروج من شرق مدينة حلب، فهذا سيعزل 300 ألف يعيشون في المدينة عن أي مساعدات إنسانية ما لم يتم التفاوض على نقاط دخول عبر الخطوط».

 وأضاف: «إذا استمر تقدم قوات الحكومة السورية حول المدينة تقدر المجالس المحلية أن ما بين مئة ألف و150 ألفاً سيفرون نحو عفرين والريف الغربي لمحافظة حلب». 

وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في بيان، إنه بدأ توزيع الطعام في بلدة اعزاز القريبة من تركيا، لمساعدة الموجة الجديدة من الفارين من القتال. وقال جيكوب كيرن مدير البرنامج في سوريا: «الموقف هش للغاية في شمال حلب مع تنقل الأسر بحثاً عن الأمان».

 وأضاف: «قلقون للغاية نظراً لأن مسارات الدخول والإمداد من شمال حلب إلى شرقها والمناطق المحيطة مقطوعة الآن، لكننا نبذل كل جهد لتوفير ما يكفي من طعام للمحتاجين وإدخاله عن طريق نقاط عبور الحدود التي لا تزال مفتوحة من تركيا».  

وشنت القوات السورية المدعومة بضربات جوية روسية ومقاتلي حزب الله اللبناني، هجوماً كبيراً على ريف حلب الذي تتقاسم حكومة دمشق والمعارضة السيطرة عليه منذ سنوات. والهجوم الذي يستهدف تطويق حلب التي كانت يوماً كبرى المدن السورية، وعاش فيها مليونا نسمة، يعد من النقاط الفارقة في الحرب الأهلية المستمرة منذ خمس سنوات وقتل فيها ربع مليون شخص وشرد 11 مليوناً، أجبرتهم الحرب على ترك منازلهم.

 حصار البلدات

أفادت منظمتان غير حكوميتين ان أكثر من مليون سوري يعيشون تحت الحصار بعد خمس سنوات من الحرب،  وكتبت جمعية «باكس» الهولندية و«معهد سوريا» الأميركي ان «المعلومات التي جمعتها حديثا مبادرة «سيج واتش» (مراقبة الحصار) تبين ان هناك أكثر بكثير من مليون سوري يخضعون للحصار في مناطق داخل دمشق وفي محافظات ريف دمشق و حمص ودير الزور وادلب. 

Email