لاجئون إلى المجهول

ت + ت - الحجم الطبيعي

هي الحربُ مفرّخة اللجوء أسه وأساسه وسرّه الأعظم، لكن شركاء لها ولو بأسهم أقل متورّطون في صنع المأساة. ربما كان طبيعياً أن يلجأ متضررون من وطيس النزاعات إلى الجوار أو إلى دول توفّر لهم أمناً مأكلاً ومشرباً وكرامة إنسانية، لكن أن يركب مئات الآلاف البحر على قوارب متهالكة في رحلة إلى الموت أقرب منها للحياة فتلك قصّة تحكي قطعاً عن مآس وأهوال عاشوها في بلدان يفترض أنّها أوطانهم، وسامهم سوء العذاب فيها أولو القربي فخرجوا منها تاركين كل شيء وراء ظهورهم الدار والأهل والذكريات.

من سوريا أرض الحضارة والعراق أرض التاريخ ودول أخرى، تدفّق سيل العابرين إلى أوروبا القارة الحلم حيث لا «أسد» ولا «داعش»، لا براميل متفجّرة أو حمم موت، نعم إنّ الرحلة خطرة وأمل الوصول ليس كبيراً فهي مغامرة في لج ما لا يؤمن جانبه، لكن لسان حال الكل يردّد: ومن يتهيّب ركوب البحار يعيش العمر بين الحفر، هذا إن عاش، هذه هي المحصلة إذن لعقود من القهر الضيم والامتهان، عقودٌ من الفقر والظلم والإذلال، خرج الجميع من كل فج عميق وجهتهم واحدة «أرض الأحلام» لكن الطريق ليس سهلاً حتى ولو أُمن جانب أمواج البحر، فدول كثيرة تنشر ما أوتيت من قوّة لتوقف ما تعتبره غزواً لا قبل لها به، ولا تتذكر أنّ لها نصيب الأسد مما حاق بهؤلاء المعذبين من مصير.

Email