أنموذج يحتذى على المستوى القومي

الإمارات ومصر علاقات تاريخية تعزز العمل العربي المشترك

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تميزت العلاقات بين دولة الإمارات ومصر بالخصوصية والاحترام المتبادل منذ نشأتها خاصة في ظل العلاقات الأخوية الوطيدة بين حكام البلدين، ما انعكس إيجابيا على مجمل العلاقات الثنائية في مساراتها الرسمية على المستوى السياسي والاقتصادي، وفي مسارها الأهلي على المستويات الثقافية والاجتماعية والتجارية، غير أن من أهم ما يميز العلاقات السياسية بين البلدين قدرتها على إرساء جذور الصداقة والأخوة القائمة بينهما وتطويرها في إطار تحكمه أهداف مشتركة أهمها التضامن والعمل العربي المشترك، والعمل في المحافل الدولية على نبذ العنف وحل الخلافات بالطرق السلمية والدبلوماسية.

وأكدت سفارة الإمارات في القاهرة بأن العلاقات الإماراتية - المصرية تعد نموذجا يحتذى في العلاقات العربية ـ العربية سواء من حيث قوتها ومتانتها وقيامها على أُسس راسخة من التقدير والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، أو من حيث استقرارها ونموها المستمر، أو من حيث ديناميكية هذه العلاقة والتواصل المستمر بين قيادتي البلدين وكبار المسؤولين فيها.

وأعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال مشاركته في مؤتمر القمة الاقتصادية في شرم الشيخ في 12 مارس الماضي عن حزمة دعم جديدة لمصر بقيمة 14.7 مليار درهم للشعب المصري الشقيق وتتكون من شريحتين؛ الأولى 7.35 مليارات درهم وديعة في المصرف المركزي، والثانية 7.35 مليارات درهم لمشاريع متنوعة في عدة قطاعات أخرى.

وكشف سموه، كذلك، أن المساعدات الإماراتية لمصر بلغت خلال العامين الماضيين أكثر من 51 مليار درهم، شملت مجالات حيوية كالتعليم والتدريب والإسكان والنقل والمواصلات والرعاية الصحية والأمن الغذائي والطاقة، وذلك وفق نموذج من الشفافية والتعاون الفريد والعمل يدا بيد بين مصر ودولة الإمارات.

ونقل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال مشاركته في القمة الاقتصادية تحيات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وتمنياته لجمهورية مصر العربية قيادة وحكومة وشعبا استمرار النماء والتقدم والازدهار.

كلمة تاريخية

وقال سموه في كلمة تاريخية «نفخر دوما في دولة الإمارات بعلاقاتنا التاريخية الراسخة مع مصر، ومع شعب مصر، هي وطن ثان لنا كما أن الإمارات هي وطن ثان للمصريين، لنا ما لهم وعلينا ما عليهم».

وأضاف سموه «يعلمنا التاريخ أن مصر عندما تكون قوية فإنها قادرة على بث الحياة في الأمة وتجديد نهضتها. مصر هي كنانة الرحمن، وموطن السلام، وقلب العروبة. فيها خير أجناد الأرض وبها ومعها يصنع التاريخ».

وقال سموه: «وقوفنا مع مصر ليس كرها في أحد، بل هو حب في شعبها. وليس مِنّة على أحد، بل واجب في حقها. وليس لعائد سريع نرجوه، بل هو استثمار في مستقبل أمتنا. ما نضعه في مصر اليوم هو استثمار لاستقرار المنطقة، سنراه في الغد القريب بإذن الله».

كما أكد سموه بأن مصر كانت ولا تزال الركيزة الأساسية لأمن واستقرار وازدهار منطقتنا، وهي القلب النابض للعالم العربي، وموطن التاريخ والفكر والثقافة والعلم.

وقال سموه «نفخر بعلاقاتنا الراسخة والمتميزة مع جمهورية مصر العربية، التي أرسى ركائزها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، واستمرت بالنمو والتطور على مدى العقود الأربعة الأخيرة، وقامت على الشفافية والصراحة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وقال سموه «علينا جميعا الوقوف إلى جانب مصر لأن أمن واستقرار مصر هو حجر الزاوية في أمن واستقرار المنطقة، وأن مصر ستبقى بلد الأمن والأمان بفضل جهود وتضحيات أبنائها وبدعم من أشقائها وأصدقائها».

رسالة للعالم

وأضاف سموه أن مصر قطعت أشواطا مهمة وناجحة لإصلاح الاقتصاد المصري وبناء «مصر المستقبل خلال فترة قياسية وكلنا ثقة بقدرة مصر على الاعتماد على نفسها في المستقبل».

وأضاف سموه «حرصنا خلال تنفيذ مشاريعنا التنموية في الشقيقة مصر على الشفافية في خطوات الإنجاز لنوصل رسالة للعالم مفادها أن مصر بخير، وأنها جاهزة لتنفيذ المشاريع».

وقال سموه «إن نجاح مصر في جهودها التنموية سيسهم في تعزيز استقرار المنطقة وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال، وسيؤكد أن منطقتنا قادرة على إيجاد حلول مبتكرة وناجحة لمواجهة مختلف التحديات وهذا ما سنسعى لتحقيقه بعون الله تعالى وصولاً لبناء مصر المستقبل».

دعم مصر

وفي منتصف شهر سبتمبر الماضي قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بزيارة رسمية للقاهرة يرافق سموه وفد ضم كلاً من سمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مؤسسة الشيخ زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، وسمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائب مستشار الأمن الوطني، ومحمد مبارك المزروعي وكيل ديوان ولي عهد أبوظبي.

وقد بحث سموه مع الرئيس عبدالفتاح السيسي مجمل العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

ورحب الرئيس عبدالفتاح السيسي بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والوفد المرافق له، وعبر عن سعادته بالزيارة التي جاءت لتصب في صالح البلدين وتعزيز تعاونهما في العديد من القضايا المشتركة.

ونقل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تحيات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي وتمنيات سموه لمصر بكل تقدم ونجاح ولشعبها بكل عزة ورخاء وازدهار.

وتم خلال اللقاء بحث سبل تعزيز العلاقات الأخوية الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والعمل على تنميتها وتطويرها على كل الصعد بما يحقق مصالحهما الاستراتيجية المشتركة.

وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن وقوف دولة الإمارات العربية المتحدة بجانب مصر في دعم توجهاتها الوطنية ومسيرتها التنموية ثابت وأصيل، ويأتي انطلاقا من توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وحرصه على دعم كل ما من شأنه تعزيز مسيرة التنمية والنهضة الحضارية في مصر، وحفظ أمنها واستقرارها وسيادتها ويحقق تطلعات شعبها في النماء والعيش الكريم.

وقال سموه خلال اللقاء إن دعم الإمارات لمصر العربية يأتي في سياق علاقة تضامن وتحالف قوي بين البلدين، وهي ليست وليدة هذه المرحلة بل هي ممتدة وراسخة تاريخيا وتصب في صالح البلدين والشعبين الشقيقين.

علاقات أخوية

من جانبه حمل الرئيس المصري خلال اللقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تحياته وتمنياته الطيبة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، متمنيا لدولة الإمارات العربية المتحدة مزيدا من التقدم والتطور ولشعبها دوام الخير والرخاء.

وثمن الرئيس السيسي التعاون البناء والعلاقات الأخوية الراسخة التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، معربا عن تقديره للمواقف التاريخية التي وقفتها دولة الإمارات إلى جانب مصر ودعمها الكبير للمجالات التنموية التي تقدم للشعب المصري.

كما جرى خلال اللقاء بحث عدد من القضايا الإقليمية ومن بينها محاربة العنف والإرهاب والتطرف والتحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة، والأزمات التي تشهدها عدد من الدول العربية خاصة في ليبيا وسوريا والعراق واليمن، كما جرى خلال اللقاء تناول مجمل الأحداث والتطورات العربية والإقليمية والدولية وتبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتأكيد على بذل كافة الجهود الرامية الى إحلال السلم والأمن والاستقرار ومكافحة بؤر الإرهاب والتطرف في المنطقة.

وقام سموه في نهاية الزيارة يوم الخميس 15 سبتمبر 2014 بزيارة النصب التذكاري للجندي المجهول في مدينة نصر، ووضع إكليل من الزهور على النصب الذي يخلد ذكرى الجنود المصريين الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن.

ووفقا لتصريحات الناطق الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف فإن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكدت موقف الإمارات الداعم لمصر سياسيا واقتصاديا، والمؤيد لحق الشعب المصري في التنمية والاستقرار والنمو، مشيرا إلى أن سموه خلال اللقاء مع الرئيس السيسي أكد على حرص الإمارات في المشاركة بدعم المسيرة الاقتصادية والتنموية الحضارية لمصر.

إحصائيات وأرقام

ذكر تقرير أصدرته وزارة الخارجية بعنوان «الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية يداً بيد» أن المشاريع التنموية والبنى التحتية التي تنفذها دولة الإمارات في مصر سيكون لها تأثير إيجابي على أكثر من 8 ملايين من أبناء الشعب المصري، وستوفر ما يزيد على 900 ألف وظيفة.

وأوضح التقرير أن من بين المشاريع المقامة توفير الكهرباء من الطاقة الشمسية لحوالي 30 ألفا و275 منزلاً في 70 قرية مصرية، إلى جانب إنشاء 78 مركزا للرعاية الصحية في 23 محافظة مصرية، سيتم تجهيزها بالكامل بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية الحديثة لتقدم خدماتها لحوالي 780 الف مواطن مصري في 78 قرية نائية.

وذكر أنه سيتم إنفاق 1.5 مليار دولار على بناء 50 ألف وحدة سكنية في مختلف محافظات مصر وتشييد 100 مدرسة تضم 1.668 فصلا دراسيا في 18 محافظة تستوعب ما يزيد على 67 ألف طالب وطالبة، إلى جانب ترميم وبناء 25 صومعة لتخزين الغلال بسعة إجمالي 1.5 مليون طن وبالتالي مضاعفة سعة تخزين القمح في مصر.

ووفق التقرير تولت دولة الإمارات إنشاء 50 ألفا و16 وحدة سكنية جديدة في 18 محافظة مصرية، يستفيد منها نحو 300 ألف مواطن مصري، وتشتمل كل وحدة سكنية 3 غرف نوم وغرفة معيشة وغرفة طعام وحمام، وتضم هذه المجمعات كافة الخدمات بما فيها المساجد والمراكز التجارية والمرافق الترفيهية ودور الحضانة، كما يتضمن المشروع إنشاء 542 مبنى سكنيا يضم 13 ألفا و8 وحدات سكنية في مدينة 6 أكتوبر، ويضم هذا المجمع السكني أيضا مسجدين وقاعة للمناسبات ودور حضانة وناديا ترفيهيا وملعبا لكرة القدم وحمام سباحة ومركز تسوق ومرفقا صحيا، ويتم توظيف 1.5 مليار دولار أميركي لبناء هذه المنازل الجديدة وسيوفر هذا المشروع أكثر من 220 ألف فرصة عمل في مجال البناء والتشييد و10 آلاف وظيفة دائمة.

وأوضح التقرير أن دولة الإمارات بتمويل بناء والإشراف على تسليم 100 مدرسة تضم ألفاً و668 فصلاً دراسيا تستوعب 67 ألف طالب وطالبة موزعة على 18 محافظة مصرية وسيغطي المشروع 7 في المئة من الاحتياجات الحالية للمدارس في المناطق الريفية، كما سيوفر أكثر من 8 آلاف فرصة عمل في التشييد والبناء، و3200 فرصة عمل دائمة.

ووفق التقرير يجري تنفيذ برنامج للتدريب المهني في 15 محافظة في مصر، ويستهدف البرنامج 100 ألف متدرب من مختلف القطاعات، بما في ذلك الإنشاءات والصناعات الكيماوية والنجارة، وكجزء من البرنامج ستقوم دولة الإمارات بتطوير 312 منهجا تدريبيا وبرامج تدريب رقمية لتستخدم لأغراض التدريب مستقبلا وسيغطي البرنامج حوالي 50 في المئة من احتياجات سوق العمل السنوية من الوظائف المهنية.

وأوضح تقرير الخارجية أن المشاريع الإماراتية تشمل تعزيز الأمن الغذائي في مصر من خلال التعاون مع الشركات المصرية لبناء وترميم 25 صومعة لتخزين القمح بسعة إجمالية قدرها 1.5 مليون طن، وسيضاعف هذا المشروع سعة تخزين القمح في مصر، وسيوفر 25 في المئة من الطاقة التخزينية المطلوبة، فضلاً عن توفير 15 ألف فرصة عمل جديدة، كما تسهم الدولة في دعم صناعة الألبان واللحوم في مصر من خلال توفير 100 ألف رأس من الأبقار.

وتقوم دولة الإمارات ببناء 78 وحدة طب أسرة في 23 محافظة، كما تعمل على زيادة الإنتاج المصري المحلي من أمصال اللقاح والأنسولين لمرضى السكري وتشمل المشاريع الإماراتية تأهيل خدمات الصرف الصحي في 136 قرية، بما في ذلك محطات لتنقية ومعالجة المياه، بما يسهم في التقليل من انتشار الأوبئة والأمراض المعدية وتحسين بيئة العيش لأكثر من 1.7 مليون مواطن مصري.

وتقوم دولة الإمارات بتمويل والإشراف على تنفيذ مشروع تحسين كفاءة عدد من مصانع الأدوية الحالية وتزويدها بقدرات إضافية لإنتاج اللقاحات والأمصال، بما في ذلك شلل الأطفال والسعال الديكي والدفتريا، ومن المتوقع أن يرفع هذا المشروع الاكتفاء الذاتي في مصر من الأمصال واللقاحات من 25 في المئة إلى 80 في المئة.

Email