النفايات تلهِب الشارع للأسبوع الثاني على التوالي

الضبابية تحيط بجلسة الحكومة اللبنانية اليوم

■ جنود يحاولون فتح طريق أغلقه محتجون لمنع نقل النفايات في بلدة الجية | أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

لليوم الـ430 على التوالي، لا يزال لبنان من دون رئيس للجمهورية، في حين لا يزال المشهد المتوقع لجلسة مجلس الوزراء، المقرّر انعقادها اليوم، ضبابياً بالكامل، إذ لم يطرأ أيّ تطوّر جديد في الأيام القليلة المقبلة من شأنه أن يشكل مخرجاً للاتفاق على مقاربة جديدة للعمل الحكومي، وذلك مع استبعاد أن يطرح الرئيس تمام سلام استقالته في جلسة اليوم، على اعتبار أن هذا الخيار هو آخر خياراته، مع حرصه على عدم ترك البلاد للفراغ، وفي ظلّ اتصالات يقوم بها باتجاه ترك الخلافات السياسية جانباً والعمل لمصلحة البلاد والعباد.

وسط هذه الأجواء، وللأسبوع الثاني على التوالي، لا تزال النفايات «سيدة» الشوارع والساحات والشاشات، موزّعة في كل مكان، ويبحث موضوعها في كل المجالس والمنتديات باستثناء المكان الذي يجب أن تبحث فيه قبل، أي مجلس الوزراء.

ولأنّ البحث في ملف النفايات المتفجّر مؤجل إلى اليوم، فإنه ترِك في عهدة البلديات التي تعمل كل واحدة منها على هواها ووفق رؤيتها الذاتية وإمكاناتها، علماً بأنه لا شيء يؤكد أن مجلس الوزراء سيتخذ قراراً واضحاً في هذا الشأن، ما يبقي البلاد معرّضة لشتّى أنواع الأوبئة. وفي هذا الإطار، لفت معنيون إلى أن ملف النفايات لن يقفل إلا بشركات عدّة خلال شهر، وبمطامر خلال أسبوعين، وبحلول عاجلة للجمع والفرز والطمر الاستثنائي خلال أيام.

أما وزير البيئة محمد المشنوق، فقد كثف تحرّكه لمعالجات سريعة في جزء منها ونهائية في الجزء الآخر. لكن هذا الأمر يصطدم بمعوّقين: رفض بعض المناطق طمر نفايات العاصمة، وتفتيش الشركات عن مكامن دفاتر الشروط وسط تأكيدات لشفافية عمل الوزارة المختصّة.

وفي السياسة، الوضع ليس أفضل حالاً، ذلك أن الخلاف على آلية العمل داخل مجلس الوزراء يكاد يفجّر الحكومة ويكاد يدفع الرئيس تمام سلام إلى الاستقالة.

وتردّد أن الرئيس سلام يفكّر جدياً في الاستقالة، وأنه قطع نصف الطريق إلى هذا الأمر، بعدما اكتشف أن ثمة مكونات حكومية تريد شلّ العمل الحكومي، وأن ثمّة مكوّنات أخرى لا تريد تسهيل التوصّل إلى حلّ للأزمة الحكومية.

التوافق أو الاستقالة

وفي انتظار جلسة اليوم، لبحث آلية عمل الحكومة بحسب المفترض، بحضور كل القوى، ومنها التيار الوطني الحر المتمسّك بسلاح حماية صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور، يجدر التذكير بأن الحكومة تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية أثناء الشغور وكالةً.

وعندما تُناط هذه الصلاحية بهيئة مثل مجلس الوزراء، فإنّها تمارس وفقاً للآلية الدستورية التي تنظّم عمل هذه الهيئة، أي المادة 65 من الدستور التي تنصّ على اتّخاذ القرارات بالتوافق، وإلّا بتصويت أكثرية الحاضرين في الموضوعات العادية وأكثرية الثلثين في ما يتعلق بـ«14 موضوعاً».

وفي حين وصِف الأسبوع الطالع بأنه سيكون «أسبوع القرار الكبير» بالنسبة إلى بقاء الحكومة أو استقالتها، فإن الرئيس سلام، وبحسب المعلومات التي توافرت لـ«البيان»، بات أمام خيارين لا ثالث لهما: فإما أن يؤمّن توافق الحدّ الأدنى داخل الحكومة، ما يسمح لها بأن تقوم بالأعمال الضرورية المطلوبة منها، وإما أن يقدّم استقالته، لأنه لا يريد أن يصبح رئيس حكومة صورياً، ولا أن تصبح حكومته عنوان العجز والفشل.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن الحديث عن استقالة الرئيس سلام غير وارد، فلا الأفرقاء من 8 و14 آذار والتيار الوطني الحر في وارد فرط الحكومة، ولا الرئيس سلام في وارد التخلّي عن مسؤولياته الوطنية في هذه المرحلة الدقيقة والحسّاسة.

وما يحكى في هذا الإطار لا يتعدّى رفع السقوف وتحسين شروط التفاوض، خصوصاً أن استقالة الحكومة في الظرف الراهن، في ظل الشغور الرئاسي وغياب المجلس النيابي، ستقود إلى أزمة نظام تقود إلى المؤتمر التأسيسي وبداية رحلة البحث عن بديل لاتفاق طائف، وهو الأمر الذي يتحاشى الجميع حتى الساعة، علناً أو ضمناً، الإقرار به.

محاولات ما قبل "الجلسة المفصليّة"

وكانت نهاية الأسبوع الفائت أقفلت على محاولات عدّة جرت، لوقف التدهور الحكومي في انتظار توافر المعطيات اللازمة لتطبيع هذا الوضع. ووفق المعلومات التي توافرت لـ«البيان»، فإن هذه المحاولات نجحت، حتى الآن، في ثني الرئيس سلام عن الاعتكاف أو الاستقالة.

في المقابل، لا يعوّل المراقبون كثيراً على جلسة مجلس الوزراء المقرّرة اليوم، على الرغم من أنّ المعنيين يعتبرونها مفصلية، خصوصاً أنّ رئيس الحكومة لم يسحب من التداول نهائياً خياري الاعتكاف والاستقالة.

وفي السياق، تبرز علامة استفهام كبرى حول موقف الرئيس سلام اليوم. فإذا اقتنع بصرف النظر عن الاستقالة، هل يتجه إلى الاعتكاف؟ علماً بأن الاعتكاف ليس الأول من نوعه لرئيس حكومة، لكنه سيكون الأول من نوعه في غياب رئيس الجمهورية الذي يتولّى عادة إدارة الأمور في هذه الحال.

سلام: يدٌ واحدة لا تصفّق

أمام زوّاره، جزم الرئيس سلام بأنّه ما يزال يعِدّ العدّة لجلسة مجلس الوزراء، لتكونَ مثمرة، معرباً عن أمله بأن تنتهي المناورات الجارية على «حدّ السكّين»، مخافة أن تتطوّر المواقف في اتّجاه تطيير الحكومة وشلّها نهائياً.

كما لفت سلام إلى خطورة المرحلة، مؤكّداً أنّه لن يتأخّر دقيقة واحدة عمّا هو مطلوب منه، أيّاً كانت التضحيات، و«لكنّ الأمر لا يستقيم من طرف واحد، فيدٌ واحدة لا تصفّق، والمطلوب أن تتضافر الجهود لمواجهة التطوّرات، وإلّا سنكون أمام مأزق حقيقي يهدّد ما تبقّى من مظاهر الدولة»، وفق قوله.

Email