فرضية المعالجة العسكرية للأزمة أعادت إلى الواجهة الخلافات العربية

حوار ليبيا يتلاشى وسط الصراعات والتفجيرات

قوات ليبية موالية للجيش تلوح بالنصر خلال معارك في بنغازي | رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتجه الأوضاع في ليبيا للتعقيد يومًا بعد يوم في الوقت الذي لا يزال فيه الحوار السياسي يراوح مكانه، فمن الجزائر الى المغرب الى جنيف والاجتماعات متلاحقة بين أطراف الأزمة والصراع، ومع ذلك تشتد المعارك بين تلك الأطراف المتحاورة وأخرها نجاة رئيس الحكومة عبد الله الثني من محاولة اغتيال. والسبب الأساسي في هذا التعثر أن الأطراف الخارجية التي كانت السبب في انهيار الدولة الليبية وبروز هذا الوضع ترى من مصلحتها أن يستمر التناحر الذي يساهم في إطالة عمر الأزمة.

نسمع اليوم عن مؤتمرات دولية لا تغني ولا تسمن من جوع الليبيين التواقين للاستقرار،هذه المؤتمرات تتسابق بعض القوى الليبية اليوم لإفشالها، وهذه القوى هي التي تراهن اليوم على الحسم الميداني على الأرض ورغم حجم التفاؤل الذي روج له جل المراقبين إلا أن المخرجات إلى حد الآن لاتزال ضعيفة جداً ولا ترقى إلى الحد الأدنى المنتظر. وهذا سيناريو متوقع بالنظر لغياب النية الصادقة، فالاختلاف واقع لا حيلة في دفعه، ولكن يجب أن يكون مقنَّناً، وأن تكون الكلمة للحكماء وقادة الرأي والعلم والتأثير في المجتمع، وليس إلى السلاح ولا المكايدات أو الاستقواء بطرف خارجي. لأن البديل عن الحل السياسي هو المجهول.

المعالجة العسكرية

ففرضية المعالجة العسكرية لأزمة ليبيا أعادت الى الواجهة الخلافات العربية لدول الجوار ضد أي تدخل عسكري أجنبي في هذا البلد من شأنه أن يزيد الأوضاع تعقيدا على اعتبار ان التدخل الغربي وإن ساهم في القضاء على الزعيم الراحل معمر القذافي ساهم في المقابل في تدفق السلاح لدى الميليشيات الليبية والتي كرست الفوضى العارمة التي تشهدها البلاد اليوم. حيث علا الغبار جنبات ليبيا وأصوات الانفجارات هنا وهناك ودخلت البلاد في صراع عسكري بين تلك الفصائل المتنازعة وخلال تلك الفترة كان هناك صمت دولي عجيب ومريب وأصبح لا يسمع سوى صوت البندقية والأسلحة.

خلق الفوضى

فهناك دول مثل الجزائر التي تعد من بين الدول المغاربية الى جانب المغرب التي ترعى الحوار السياسي الليبي تعارض بشكل قوي اي تدخل عسكري بحجة أن هذا التدخل سيخلق فوضى اكبر ستستفيد منها المجموعات الإرهابية لتقوية نفوذها وتواجدها. إذن كل السيناريوهات العسكرية هي سيناريوهات كارثية النتائج. وهذا أمر تدركه الأمم المتحدة وربما الإصرار على الحل السياسي يتنزل في هذا الإطار. ما يستلزم وضع خطوط عمل فاعلة على الأرض الليبية من قبل بعض القوى العربية لوضع حد للفوضى وتنسيق حلول مقبولة لإيقاف حالة النزيف التي يتعرض لها الوطن الليبي.

التشريد والتهجير

فالمواطن البسيط أصبح هو الذي يدفع فاتورة الاقتتال الدائر حالياً بين الإخوة في ليبيا، فمن لم يطله التشريد والتهجير طالته توابع الفتنة الحاصلة حالياً والأزمات التي تنشأ من خلالها فلا يمر وقت حتى تندلع شرارة هنا أو هناك تتسبب في خلق أزمة يكون المواطن هو الخاسر الوحيد فيها الأزمة الليبية تستقطب الأضواء الإعلامية والمخاوف الإقليمية بسبب زوارق الموت التي تهدد السواحل الأوروبية بتدفق استعراضي للمهاجرين غير الشرعيين وخطر الإرهاب الذي بدأ يمتد إلى بلدان الجوار.

مهمة صعبة

ولاشك أن الأمم المتحدة تدرك من البداية أن المهمة لن تكون سهلة وأن حجم التفاؤل بنجاح الحوار ليس كبيرا. فالخلاف في ليبيا ليس مجرد صراع بين ميليشيات تتقاتل حول السلطة والنفوذ وإنما هو أعمق من ذلك بكثير، ومهما يكن من الصعاب فإن أي مبادرة ضرورة لحماية البلد من الانزلاق نحو العنف أو صراع الوكالة عن قوى إقليمية أو دولية. وفي حالة انعدام الوفاق والمصالحة فسوف تكون ليبيا معبراً لكل المجموعات الإرهابية وملجأً لها كما ستجعل بعض الجماعات تتسرب إلى الدول المجاورة.

تقسيم

أظهرت رسائل البريد الإلكتروني الخاص بوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون الدور الذي قامت المخابرات البريطانية والفرنسية في الدفع بفكرة «تقسيم ليبيا إلى أقاليم حماية لمصالحها الاقتصادية»، وسلطت الضوء على الاتفاقات السرية التي تمت بين بعض الأطراف داخل ليبيا إبان الفترة الانتقالية.

Email