عدن تعيش معاناة الطوابير والبحث عن الغذاء

أطفال يمنيون في عملية البحث عن الوقودرويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسبب هجوم الانقلابيين المستمر على مدينة عدن في خلق أزمة إنسانية تنذر بكارثة وشيكة في ظل انقطاع المواد الغذائية، واصطفاف أهالي عدن في طوابير طويلة تحت القصف العشوائي الذي تشنه ميليشيات الحوثيين.

ويؤكد المهندس وليد الحمري أن أوضاع السكان تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ويعجز عدد كبير منهم عن توفير المواد الغذائية الضرورية. ويقول إن منطقة المعلا في المدينة تتعرض منذ أيام لقصف عشوائي على المنازل، والسكان محاصرون في منازلهم وغير قادرين على الخروج لشراء احتياجاتهم، وعلى رأسها الخبز. مضيفاً أن كثيرين هم المدنيون الذين يملكون المال، لكنهم لا يجدون السلع الغذائية في المحلات التجارية لنفادها. وكانت قافلة غذائية أرسلت من محافظة حضرموت لإغاثة أهالي عدن، لكنها مُنعت من دخول المدينة.

وعن أزمة المياه في المدينة، يقول الحمري إن المدينة من دون مياه منذ أسابيع، ومعظم العائلات تنتظر في طوابير طويلة لتعبئة المياه من الآبار في المساجد القديمة. ويلفت إلى أن الأجواء الحارة تفاقم من معاناة المدنيين وسط الانقطاع الكلي للمياه.

ويُجبَر الأهالي يومياً على الوقوف في طوابير طويلة أمام عدد محدود من المخابز، التي ما زالت تفتح أبوابها في مناطق مختلفة، بعد فقدان دقيق القمح من الأسواق. وتتشكل الطوابير أمام المخابز ما بعد صلاة الفجر، لكن بعض الأهالي لا يحصلون على أرغفتهم إلا عند الظهر.

ساعات طويلة

ويتحدث فهد سالم من عدن أنه ينتظر ساعات طويلة أمام المخابز قبل أن يحصل على حصته لقاء 200 ريال يمني (0.93 دولار أميركي). هذا كل ما تسمح به الأفران هذه الأيام، لكن الكمية التي يمكن شراؤها لقاء ذلك لا تكفي لأسرتي المؤلفة من ستة أشخاص، لا سيّما بعد تقليص حجم الرغيف الواحد. ويضيف فهد أن والده الذي يعمل مهندساً في مصلحة الأراضي والإسكان لم يتسلم مرتبه لشهر مارس الماضي بعد. وهذه حال معظم سكان عدن، الذين يعملون في القطاع الحكومي، وهذا ما يفاقم معاناتهم، لكنه يلفت إلى أن المشكلة هي لدى الأسر الفقيرة التي لا تجد ما تأكله خصوصاً تلك النازحة. ويوضح أن بعض الجمعيات قدمت بعض المعونات الإنسانية والسلال الغذائية، لكن ذلك لا يمنعه عن السؤال عن أوضاع أسر معدومة بالكاد تستطيع توفير قوت يومها من خلال بيع العلب البلاستيكية الفارغة، أو التسوّل أمام المساجد.

التحويلات المالية

أما عبد الباقي دعيس، فيشكو من عدم قدرته على استلام مبالغ مالية حوّلها له أقرباء من خارج اليمن، بسبب إقفال محلات الصرافة والتحويلات بمعظمها لانعدام الأمن. ويقول: قتل أحد العاملين في شركة للصرافة برصاص قنص، فعمدت الشركات كلها إلى إغلاق أبوابها أمام زبائنها. وفي مرّة تلقيت حوالة مالية، لكن شركة الصرافة لم تسلمني إياها كاملة لعدم وجود سيولة. بل قسّطتها. ويوضح دعيس أن هذه مشكلة تعاني منها كل أسر عدن، التي يعيلها مغتربون. فهي لا تحصل على الأموال التي تساعدها في توفير احتياجاتها في هذه الأوضاع الصعبة.

وضع كارثي

من جهته، يصف الصحافي عبد الرحمن أنيس الوضع الإنساني في عدن بالكارثي، لا سيّما في مدينة المُعلا التي تقضي عائلات كثيرة فيها أياماً من دون طعام. ويلفت إلى أن الخوف يرافق الجوع مع انتشار القناصة، وهو الأمر الذي يحدّ من قدرة الأهالي على الحركة. وتزداد معاناة السكان، بالنسبة إلى أنيس، مع انعدام الكهرباء في حين يشتد حرّ الصيف. أمام الصيدليات أيضاً تستمرّ بعض الصيدليات في عدن باستقبال الزبائن في ظل الأوضاع المتوترة، بينما أجبر عدد كبير منها على إغلاق أبوابه، مما يجعل الأهالي يقفون في طوابير للحصول على الدواء. تجدر الإشارة إلى أن الصيدليات لم تعد تُقصد فقط لصرف الوصفات الطبية، فكثيرون يلجؤون إليها من أجل الاستشارة بعد إغلاق معظم العيادات والمراكز الطبية في المدينة. ووسط انكفاء عدد كبير من الأطباء، بقيت بعض المستشفيات الكبيرة فقط تمارس نشاطها.

انهيار خدمات

ذكرت منظمة الصحة العالمية أن الخدمات الصحية في اليمن على وشك الانهيار، وأن هناك نقصاً مزمناً في الأدوية والأوكسجين والوقود. وذكرت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا لها أن أسعار الأدوية الأساسية زادت أكثر من 300 في المئة، وأن نقص المياه زاد مخاطر الإسهال وأمراض أخرى، وأن ذلك يؤثر على المعايير الصحية الأساسية في المستشفيات والعيادات. وقال ممثل المنظمة في اليمن أحمد شادول في بيان، إنه خلال الأسابيع الأربعة الماضية أظهرت التقارير ان أعداد الأطفال تحت سن الخامسة المصابين بإسهال به آثار دماء تضاعفت وأظهرت أيضا زيادة في عدد حالات الحصبة والملاريا المشتبه بها. لندن- رويترز

Email