مقتل قائد الهجوم على باردو و8 آخرين

مسيرة عالمية ضد الإرهاب في تونس

ت + ت - الحجم الطبيعي

شاركت جموع غفيرة أمس بالعاصمة التونسية في مسيرة ضد الإرهاب بمشاركة عدد من قادة العالم بعد الاعتداء الدامي على متحف باردو، فيما تحدثت السلطات عن نجاح كبير بعد توجيهها ضربة موجعة إلى الجماعات الإرهابية المتحصنة بمرتفعاتها الغربية بالقضاء على تسعة مسلحين من بينهم زعيم كتيبة عقبة بن نافع والذي كان وراء الهجوم على متحف باردو.

وانطلقت المسيرة الدولية المناهضة للإرهاب بمشاركة الآلاف من المواطنين وممثلي الأحزاب والمجتمع المدني انطلاقا من ساحة باب سعدون عبر الشارع الرئيسي بباردو، وتوقفت عند ساحة باردو قبالة مقر البرلمان.

وتقدم المسيرة إلى جانب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الغابون علي بونغو. وردد المتظاهرون «تونس حرة، والإرهاب على برا»، فيما لوح كثيرون منهم بالأعلام التونسية في الشارع المؤدي الى باردو.

وتقدم السبسي بالشكر الى قادة العالم من رؤساء ودول وحكومات عربية واجنبية ومنظمات دولية الذين جاؤوا لمساندة تونس ضد الارهاب وشاركوا في المسيرة الدولية التي انطلقت صباح أمس من باب سعدون في اتجاه المتحف، وقال «ان الشعب التونسي بين للعالم اليوم انه رجل واحد ضد الارهاب من اجل الدفاع على تونس»، وتابع:« اقول للشعب التونسي الى الامام وانك لست وحدك».

توحيد القوى

من جهته دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المجتمع الدولي الى توحيد قواه في مكافحة الارهاب، وقال «علينا جميعا ان نكافح الارهاب»، مشيرا الى ان «الارهاب اراد ضرب تونس البلد الذي دشن الربيع العربي والذي انجز مسارا مثاليا في مجال الديمقراطية والتعددية والدفاع عن حقوق المرأة».

في الأثناء، قال وزير الداخلية الألماني، توماس دي ميزير إن الهجوم على متحف باردو يعتبر تهديدا للمجموعة الدولية. وأضاف دي ميزير في تصريحات «أن الهجوم على متحف باردو لا يمثل جريمة شنيعة للاستقرار التونسي فحسب ولكن أيضا هو تهديد للمجموعة الدولية». وأشار إلى أن مشاركة وفود عالية المستوى من عدة دول في المسيرة الدولية ضد الإرهاب تعكس التضامن التام مع تونس والرغبة في مزيد من التعاون الأمني مستقبلا.

نجاح أمني

إلى ذلك، نجحت تونس في توجيه ضربة موجعة الى الجماعات الإرهابية المتحصنة بمرتفعاتها الغربية بالقضاء على تسعة مسلحين من بينهم زعيم كتيبة عقبة بن نافع خالد الشايب المكنى صخر أبو لقمان، وهو جزائري الجنسية ويعتبر من أبرز المطلوبين لأجهزة الأمن في تونس والجزائر.

وقال رئيس الحكومة الحبيب الصيد ان« العملية الأمنية التي تمت بمنطقة سيدي عيش من ولاية قفصة وتمثل أول ردة فعل قوية ضد العملية الارهابية التي تعرض لها متحف باردو بالعاصمة يوم الاربعاء 18 مارس».

وأضاف الصيد ان العملية الأمنية تمت بالتعاون بين قوات الامن الداخلي والجيش الوطني وبدعم المواطنين، مردفا: « هذه اول مرة منذ بداية حربنا ضد الارهاب نتوصل فيها لمثل هذه النتيجة.. وسنواصل العمل من اجل مقاومة الارهاب مثلما تعهدنا امام الشعب». وأعلن الصيد ان قوات الأمن التونسية «تمكنت من قتل أهم عناصر كتيبة عقبة بن نافع وعلى رأسهم صخر أبو لقمان وهو يعد قائد العملية التي استهدفت متحف باردو».

3 أعوام دامية

وعرفت تونس ثلاثة أعوام دامية أدت الى مقتل العشرات من العسكريين والأمنيين على أيدي مقاتلي كتيبة عقبة بن نافع التي كانت وراء اغتيال الوكيل الاول بالحرس الوطني التونسي أنيس الجلاصي يوم 10 ديسمبر 2012، على يد مسلحين اشتبكوا مع قوات الامن يومها بمعتمدية فريانة من ولاية القصرين، الى جانب تورطها في اغتيال وذبح ثمانية عسكريين وسرقة أسلحتهم وبدلاتهم العسكرية بعدما ذبحت خمسة منهم في منطقة جبل الشعانبي في 29 يوليو 2013، وفي الهجوم على منزل وزير الداخلية التونسي السابق لطفي بن جدو بالقصرين يوم 28 مايو 2014 مما اسفر عن مقتل 4 من عناصر الأمن وإصابة اثنين.

من «القاعدة» إلى «داعش»

وفي سبتمبر 2014 أعلنت كتيبة عقبة بن نافع مبايعة تنظيم داعش ودعته إلى التحرك خارج سوريا والعراق. وفي 28 أغسطس 2013 تم الاعلان لأول مرة عن كتيبة عقبة بن نافع عندما قال وزير الداخلية السابق لطفي بن جدو ان العناصر التي تم القاء القبض عليها في الشعانبي أثبتت وجود علاقة بين الكتيبة وأنصار الشريعة الذي قررت الحكومة التونسية اعتباره تنظيما إرهابيا منذ ذلك التاريخ.

واختارت كتيبة عقبة بن نافع لنفسها اسم القائد العسكري المسلم الذي فتح القيروان، وهي مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وخططت لإقامة إمارة في شمال افريقيا انطلاقا من تونس بعد الانتفاضة التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي في يناير 2011.

استدراج أمني

وقالت مصادر أمنية تونسية ان عملية القضاء على العناصر القيادية في كتيبة عقبة بن نافع تمت على إثر عملية استخباراتية دقيقة، حيث جرى استدراجهم من جبل السلوم المحاذي لجبل الشعانبي الى منطقة منبسطة التضاريس لتقوم عناصر من الحرس الوطني بالإطباق عليهم وهم في سيارة كانت تقلهم الى منزل مهجور في منطقة سيدي عيش من ولاية قفصة المتاخمة لولاية القصرين، ولم يصب أي من الأمنيين التونسيين في العملية التي اعتبرها المراقبون نموذجية بكل المقاييس.

هولاند: الإرهاب أراد ضرب تونس التي أنجزت مساراً مثالياً  في الديمقراطية

أثار الرئيس التونسي ضحك الجميع في مسيرة أمس التي نظمت في تونس لرفض الإرهاب بعد اعتداء متحف باردو بمشاركة العديد من زعماء العالم من بينهم رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال الذي مثّل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في المسيرة، حيث أخطأ الرئيس التونسي في كلمته التي شكر فيها ضيوف تونس في اسم الرئيس الفرنسي الحاضر.

فعوض القول ارحب بفرنسوا هولاند قال أرحب بالرئيس فرانسوا ميتران وهو الرئيس الفرنسي الأسبق في فترة الثمانينات وبداية التسعينات، وهو ما فجّر الموقف ضحكاً من قبل الحضور والزعماء وعند تصحيح الصورة للرئيس التونسي قام هذا الأخير بمعانقة الرئيس هولاند مازحاً بالقول إنه يتحدث عن جيله، في إشارة إلى كبر سنه، حيث يفوق عمره 90 سنة.

Email