التطرّف مهدّد المنطقة وزلزالها المدمّر

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تتمخّض ثورات العرب التي فجّروها في عدد من الدول ربيعاً يستظل تحت سمائه الثائرون على رمضاء الفقر والجهل والمرض وانعدام العدالة الاجتماعية، ويتنسّم عليل هوائه الطامحون في غدٍ أفضل يُمطر رغداً ورفاهية، إلّا أنّ الحلم لم يتحقّق بل تحوّل إلى كابوس قضّ المضاجع بعد أنّ وفّر الواقع الجديد وبما حمل من زلازل أمنية في جل دول الربيع العربي أرضاً خصبة وجد فيها الإرهاب بجماعاته الكثيرة والمتفرّعة مترعاً مستغلّاً ضعف سيطرة السلطات وعجزها عن بسط نفوذ ها على كامل ترابها الوطني.

ولعل ما يجري في سوريا من حرب ضروس بين نظام الرئيس بشّار الأسد ومعارضيه وما دخل إلى المعادلة من أطراف جديدة إرهابية ذات أجندة وأهداف استلّها نظام الأسد ومهد لها الطريق لبسط نفوذها على مناطق سورية لإخافة العالم وإقناعه أنّ البلاد تعيش إرهاباً حقيقياً، كل هذه المعطيات زاد من تفاعلها الدراماتيكي ظهور الغول المتمثّل في تنظيم «داعش»، أدى إلى واقع جديد يهدّد أمن المنطقة والعالم، وجد أيضاً في العراق المضطرب سياسياً وأمنياً بيئة مواتية ففرض نفسه معطى تنادى العالم لقطع دابره رصد له الميزانيات والخطط ولا يزال عصّياً على الهزيمة.

إذاً هو واقع متشابك حد التعقيد متصل على طول المنطقة مترامية الأطراف مأزومة بالتحوّلات عسيرة المخاض، فمصر قلب المنطقة النابض وأكثر دولها تحمّلاً لرعود «خريف الغضب» قض الإرهاب مضاجعها مستغلاًّ جغرافيا سيناء ليتخذ منها مرتعاً لضرب الجيش والدولة المصرية، إلّا أنّ الرؤية والبصيرة السديدة للقادة المصريين تقف سدّاً منيعاً في وجه هذه المخطّطات الرامية لضرب ممسكات الأمن ليس في مصر وحدها بل والمنطقة بأكملها، باستغلال الأوضاع المتفجّرة في ليبيا التي أصبحت مركزاً تتخذ منه الجماعات منطلقاً لبث الفوضى في الإقليم عبر ميليشيات متطرّفة تريد تطبيق رؤيتها المنحرفة على الناس ولو كان الثمن أنهار دماء لا فرق إن كانت لعسكريين أو مدنيين، زاد من طينها بلّة تسلّل تنظيم «داعش» إلى مصر من الجوار المفتوح على مصراعيه ولو تحت مسميات أخرى على شاكلة «أنصار بيت المقدس» التي لم تخف مبايعتها التنظيم الإرهابي.

لعل الإرهاب أصبح تحدّياً أكثر من جدي في كل منطقة شمال إفريقيا بعد أن توغل مستغلّاً حالة «اللا دولة» في ليبيا وترامي سيناء والحدود الشاسعة والتي تصعب السيطرة عليها بين مصر وليبيا، وكذلك حدود الأخيرة مع تونس التي تتلمّس خطى الاستقرار، فضلاً عن أوضاع أمنية لا تخلو من الاضطراب وانعدام الأمن على حدود الجزائر مع تونس ليمتد الاضطراب ربما إلى بقيّة دول المنطقة.

مما لا شك فيه أنّ تنامي ظاهرة الإرهاب وتمدّدها في دول المنطقة المزدحمة بالتحوّلات السياسية يقتضيان توفّر عدد من العوامل المؤدّية إلى تضييق الخناق عليه وسحقه في نهاية الأمر، إذ لا يخفى على أحد مغبة التهاون والتساهل في التعامل الصارم والحازم معه في رهن أمن المنطقة وسلامتها لتطرّف لا يرى في غير الدماء طريقاً لفكره الضال.

Email