إدانات عربية ودولية ومفاوضات إطلاق الكساسبة مستمرة

الإمارات: قتل الرهينة الياباني عمل وحشي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

أدانت دولة الإمارات أمس بشدة، جريمة القتل البشعة للرهينة الياباني الثاني الصحافي كينجي غوتو، من قبل تنظيم داعش الإرهابي، واصفة ذبحه بأنه «وحشي ولا إنساني يمثل التطرف في أبشع صوره»، وسط موجة إدانات عربية ودولية، في حين لا تزال المفاوضات لإطلاق الطيار الأردني معاذ الكساسبة مستمرة.

وأكدت وزارة الخارجية في بيان أن «هذا العمل الإرهابي الإجرامي يؤكد ضرورة وحتمية تعزيز جهود المجتمع الدولي للقضاء على آفة الإرهاب البغيضة بكل أشكاله وأنواعه واجتثاثه لما يمثله من تهديد لكل القيم الإنسانية والأخلاقية والقوانين والأعراف الدولية وأن هذا العمل الوحشي اللاإنساني يمثل التطرف والإرهاب في أبشع صوره». وأعربت الوزارة عن «خالص مواساتها وتعازيها إلى الحكومة والشعب الياباني الصديق وأسرة الرهينة الضحية».

إدانات عربية

وتوالت ردود الفعل من مختلف أنحاء العالم العربي على ذبح الرهينة الياباني. وأدان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني «بشدة جريمة القتل الشنيع»، مؤكداً أن «هذا العمل الإجرامي يتنافى مع كل القيم الإنسانية والأخلاقية ولا يمت للمبادئ الإسلامية بصلة».

وقال الزياني إن «دول مجلس التعاون تنبذ الإرهاب بكل أشكاله وتندد بأعمال العنف الإجرامية التي ترتكبها هذه الفئة الضالة في كلٍ من سوريا والعراق بحق المدنيين والرهائن»، داعياً المجتمع الدولي الى «تكثيف الجهود المشتركة للقضاء على هذه الظاهرة الإرهابية المتطرفة والتصدي بكل ما تملكه لوقف أعمالهم التخريبية والعدوانية».

وشدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على «تضامن بلاده مع حكومة وشعب اليابان وعائلة الضحية»، داعياً المجتمع الدولي إلى «المزيد من التعاون والتنسيق للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي»، فيما أدانت قطر «العمل الإجرامي»، وجددت «الموقف الثابت من نبذ العنف بكل صوره وأشكاله أياً كان مصدره ودوافعه».

وصدر بيان شجب من الخارجية البحرينية لـ«العمل الإجرامي الشنيع»، لافتة إلى «ضرورة تكثيف العمل بين دول العالم من أجل القضاء على هذه الآفة والتخلص من التنظيمات الإرهابية التي لا دين لها ولا تمت للإنسانية».

وفي القاهرة، قال الناطق باسم الخارجية المصرية بدر عبد العاطي في بيان إن «الجريمة تتنافى تماماً مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف»، واصفاً إياها بـ«البشعة والوحشية والبربرية». وشدد على «أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي في القضاء على الإرهاب أينما وجد الذي يستهدف الأمن والاستقرار في العالم».

ودخل النظام السوري على خط الإدانات مستغلاً الحادث، حيث صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية بأن «الحرب على الإرهاب تستلزم التعاون المخلص من قبل جميع دول العالم مع الجهود التي تبذلها سوريا للقضاء على هذا الخطر».

إدانات دولية

دولياً، أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «بأشد العبارات الاغتيال الوحشي» لغوتو، معتبراً أنه «يكشف العنف الذي تعرض له كثيرون في سوريا والعراق».

وفي واشنطن، استنكر الرئيس الأميركي باراك أوباما في بيان «الفعل الهمجي»، مشيراً إلى أن «غوتو من خلال عمله الصحفي سعى إلى إيصال معاناة الشعب السوري للعالم»، ومنوهاً بأن الولايات المتحدة «مع تحالف دولي وشركاء عديدين، ستتخذ الأفعال الحاسمة للحد من فعالية داعش وهزيمته». وفي لندن، وصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ذبح الياباني بأنه «عمل دنيء ومرعب»، في حين أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند «الإدانة بأشد العبارات القتل الوحشي للمواطن الياباني، وتضامن فرنسا مع اليابان في هذه المحنة».

كذلك، نددت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بعمل «غير إنساني وشنيع»، واكدت لطوكيو التزامها «الوقوف إلى جانبها لمكافحة الإرهاب».

معاذ الكساسبة

وفي سياق متصل، تلقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء اليابان شينزو آبي، أعرب فيه عن «شكر وتقدير الحكومة اليابانية للجهود التي بذلتها المملكة والتنسيق الوثيق مع الحكومة الأردنية والأجهزة الأمنية فيما يتعلق بمحاولات وجهود إطلاق سراح الرهينة الذي ذبحه تنظيم داعش الإرهابي بدم بارد دون أي مبرر». كما أعرب آبي عن «تمنياته الصادقة بعودة الطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة إلى وطنه وأهله سالماً».

من جانبه، أعرب العاهل الأردني عن «إدانته الشديدة وإدانة الشعب الأردني والحكومة الأردنية لهذا العمل الإجرامي الجبان الذي ترفضه كل الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، ولا يمت للإسلام وتعاليمه السمحة النبيلة بأي صلة». وأكد أن «جهود الجميع في الأردن مسخرة لإطلاق سراح الطيار البطل»، منوهاً بأهمية تكاتف الجهود الدولية في مواجهة الإرهاب والتطرف.

إلى ذلك، قال الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، إن الأردن «ما زال مستعداً لتسليم السجينة العراقية ساجدة الريشاوي إذا ما أطلق سراح الطيار الأردني حتى بعد إعدام التنظيم للرهينة الياباني الثاني».

وأوضح المومني أن «الدولة بكل أجهزتها الأمنية والعسكرية مستمرة في جهودها لمعرفة ما إذا كان الطيار ما زال حياً». وبالتوازي، أكدت مصادر مطلعة لصحيفة «الغد» الأردنية أن «قنوات الاتصال والتفاوض غير المباشرة بين الأردن وتنظيم داعش لا تزال متواصلة لتأمين الإفراج عن الرهينة الأردني»، ناقلة عن المصادر القول إنه «لم يصل إلى الأردن حتى الآن ما يثبت سلامة الكساسبة، وهو الشرط الأردني الذي أعلن منذ اليوم الأول للبدء بأي عملية تفاوض جادة على صفقة لمبادلة الريشاوي بالطيار».

آمال أب

أعرب صافي الكساسبة والد الطيار الأردني معاذ الكساسبة عن أمله بأن يكون ابنه ما زال على قيد الحياة. وقال في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس»: «معاذ هو ابننا وابن الجيش والدولة هي المسؤولة عنه، ونسأل الله أن يكون على قيد الحياة». وحول ذبح الرهينة الياباني، أجاب الكساسبة الأب: «نتعاطف إنسانياً مع عائلته وبلده».

نأي طوكيو لم يعفها من دفع الثمن

 

على الرغم من أن اليابان لا تشارك في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، لكن قتل الرهينة الياباني الثاني يظهر أنها تشكل أيضاً هدفاً للتنظيمات المتطرفة، ما يشكل تحدياً لدبلوماسيتها المسالمة.

فقبل هذه الأزمة، كان الأرخبيل الذي تجنب لزمن طويل اتون الشرق الأوسط يشعر نسبياً انه في منأى عن هذا النوع من الأفعال كما كان التطرف مشكلة بعيدة جداً بالنسبة للعديد من اليابانيين. لكن احتجاز هارونا يوكاوا وإعلان قطع رأسه بعد ان اختطف في أغسطس في سوريا، ثم كنجي غوتو الذي انطلق ليبحث عنه في اكتوبر غير فجأة الوضع.

وفي هذا الصدد، يوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليابان توماكي ايواي: «حتى الآن كان الناس يعتقدون ان اليابان ليس لديها ما يربطها كثيراً بالشرق الأوسط وان تنظيم داعش لا يقلقها».

وأردف: «لكن الآن هم يدركون ان الإرهابيين في كل مكان ويمكنهم ان يستهدفوا اي شخص».

ولفت بعض الخبراء الى ان الصورة المسالمة للأرخبيل لم تعد تحميه وان سياسة رئيس الوزراء شينزو آبي لا تسهل الأمور. فمنذ عودته الى الحكم أواخر 2012 وضع السياسي المحافظ نصب عينيه إرجاع فخر وقوة طوكيو الى الساحة الدولية، وزار اكثر من خمسين دولة خلال عامين وأعاد تفسير الدستور ليجيز للجيش التدخل خارج الحدود في اطار «الدفاع الجماعي» لصالح حلفاء في أوضاع صعبة.

بدوره، يعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة واسيدا في طوكيو تاكيهيكو ياماموتو ان «أزمة الرهائن هذه تشكل صدمة كبيرة لليابانيين. ويلفت ياماموتو الى ان «رئيس الوزراء سيواصل سياسته المسالمة الناشطة لكن سيتعين عليه ربما تخفيف اللهجة بالتركيز على الجانب غير العسكري للدبلوماسية اليابانية التقليدية، بشكل دعم إنساني للأكثر ضعفاً على سبيل المثال».

Email