مشاورات لاجتماع وزاري عربي طارئ وحزب صالح يرفض اقتراح بنعمر

اتصالات «سياسية» بين الحوثيين والولايات المتحدة

تظاهرات في صنعاء مناهضة للحوثيين رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

في تطورٍ لافت، كشفت وزارة الدفاع الأميركية أمس عن اتصالاتٍ تجريها مع المتمردين الحوثيين «ذات طبيعة سياسية»، في وقت تجري مشاورات لعقد اجتماع عربي وزاري طارئ لبحث المستجدات، بينما أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح رفضه اقتراح المبعوث الأممي جمال بنعمر لحل أزمة الفراغ.

وقال الناطق باسم «البنتاغون» جون كيربي، في تصريحات صحافية، أمس، إن «هذه المحادثات لا تتعلق باتفاق لتقاسم المعلومات الاستخبارية حول القاعدة في اليمن». وأضاف: «نظراً إلى الفوضى السياسية، من الصواب القول إن مسؤولين حكوميين أميركيين هم على اتصال مع مختلف الأطراف في اليمن، حيث الوضع السياسي متحرك جداً ومعقد جداً».

وأوضح: «من الصحيح القول أيضاً إن الحوثيين سيكون لهم بالتأكيد أسباب للتحدث مع الشركاء الدوليين ومع الأسرة الدولية عن نياتهم والطريقة التي ستتم بها العملية».

ورداً على سؤال لمعرفة ما إذا كان الأميركيون والحوثيون يتقاسمون معلومات استخبارية بشأن «القاعدة»، أجاب كيربي بأنه «لا توجد آلية لتقاسم المعلومات مع الحوثيين. لا يوجد اتفاق رسمي للقيام بذلك، ونحن بحاجة إلى هذه الاتفاقات الرسمية، لكي نكون قادرين على فعل ذلك».

مشاورات عربية

وبالتوازي، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إنه يجري مشاورات مع عدد من الدول العربية، لبحث إمكانية عقد اجتماع غير عادي لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري لمناقشة الوضع. وأضاف العربي في تصريح مقتضب للصحافيين أن الأمانة العامة للجامعة «تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في اليمن». وأوضح، رداً على سؤال بشأن طلب صنعاء تأجيل عقد الاجتماع، أن اليمن «طلب التريث قبل عقد الاجتماع، لكن المشاورات ما زالت جارية». وكان العربي أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية عبد الله الصايدي، بحث خلاله تطورات الأوضاع والجهود المبذولة عربياً لحل الأزمة الحالية.

حزب صالح

وفي سياق متصل، رفض حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح مقترح المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر إزاء استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المتضمن تشكيل مجلس رئاسي برئاسة هادي، محذراً من «أي محاولة للالتفاف على الدستور». وناقش حزب صالح في اجتماع للجنته العامة المستجدات الوطنية المتصلة باستقالتي رئيس الجمهورية والحكومة، إضافة إلى الوقوف أمام نتائج الحوارات الجارية مع القوى السياسية.

وأكد الاجتماع في بيان «موقف المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني المتمسك بالدستور، وأن الحل للأزمة الراهنة الناتجة عن استقالتي رئيس الجمهورية والحكومة تأتي عبر الدستور والرجوع إلى مجلس النواب، باعتباره المؤسسة الشرعية والدستورية الملزمة للجميع الرجوع إليها، وبما يهيئ الوطن للانتقال الآمن إلى مرحلة الاستقرار السياسي والشرعية الدستورية، وعبر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية»، موضحاً أن ذلك «هو السبيل الوحيد الذي يضمن للوطن استقراره وسلامته ووحدته، ويجنبه أي منزلقات خطرة».

كما أكد الاجتماع أن «أي محاولة للالتفاف على الدستور سوف تضع الوطن أمام تهديدات تعصف بوجوده ومستقبل أجياله»، مشيراً إلى أن «المؤتمر وحلفاءه سيظلون حريصين على الحوار والتشاور مع بقية القوى السياسية، من أجل تحقيق الوفاق السياسي والشراكة الوطنية الحقيقية، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة التي تخدم مصلحة الوطن والشعب وتصون الوحدة الوطنية».

الوضع الميداني

ميدانياً، أفادت مصادر في صنعاء بأن مسلحي الحوثي وأنصار الرئيس السابق اقتحموا مقر قيادة قوات الاحتياط في منطقة حزيز جنوبي العاصمة صنعاء، في خطوة تصعيدية في إطار مخطط يقضي باستكمال السيطرة على جميع وحدات الجيش في صنعاء.

وأضافت المصادر أن هذه الخطوة «قد تعوق الجهود السياسية المتواصلة تحت إشراف المبعوث الأممي جمال بنعمر للعودة إلى مسار التسوية السياسية السلمية».وفي سياق متصل، اعتدى مسلحون حوثيون بملابس مدنية وعسكرية على تظاهرات شبابية مناهضة للجماعة في صنعاء والحديدة، حيث أطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين لتفريقهم، واعتدوا عليهم، واختطفوا عدداً من المصورين، ما أدى إلى إصابة 15 بجروح.

ضرب هادي

كذلك، نقلت صحيفة «الوسط» الأسبوعية اليمنية عن رئيس الوزراء المستقيل خالد بحاح أن الرئيس هادي تعرض للضرب من قبل المسلحين الحوثيين الذين دخلوا إلى غرفة نومه. وقال بحاح: «ما حصل لا يعمله عاقل، إذ تم ضرب شخص رئيس الدولة ضربا غير عادي، وتم إقصاؤه إلى الحد الذي لم أستطع شخصيا أن أتواصل معه وكذلك مستشاريه، وحين انقطعت السبل غامرتُ وخرجتُ إليه حدث لي ما حدث من إطلاق كثيف للنار على سيارتي، وكان يمكن أن أُقتل، وشعرتُ حينها أن من الواجب وقف هذه الحرب المجنونة».

وأردف: «مع ذلك تجاوزنا ما حصل أملاً بأن يعقل الناس، إلا أنه وفي اليوم التالي من يناير 20 تم معاودة ضرب منزل الرئيس، وأصيب وقُتل ما لا يقل عن 32 من حراسته وأسرته». وأضاف: «الاعتداء على شخص رئيس الجمهورية يُعد خروجا عن العمل من الثوري إلى اللاأخلاقي؛ لأنه حتى الثورات لها أخلاقيات».

عوامل لامبالاة المجتمع الدولي حيال التطورات

منذ انتهاء مؤتمر الحوار في اليمن مطلع العام الماضي، أوكلت الدول الراعية للمبادرة الخليجية وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول الخليج والاتحاد الأوروبي مهمة التعامل مع الملف اليمني إلى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بنعمر الذي لا يمتلك سجلاً معروفاً في التعامل مع الصراعات المحلية.

واعتمد بنعمر في نجاح مهمته على التدخل المباشر لسفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية، لكن انشغال هذه الدول وتحديداً الدول الخمس والاتحاد الأوروبي بالملف النووي الإيراني والصراع في أوكرانيا وتعقيدات الوضع السوري أصاب الدور الأممي بالكثير من الانتكاسات ليس أبرزها وأهمها إسقاط الحوثيين لصنعاء على وقع اتفاق رعاه المبعوث الدولي.

ومثلما فوجئ المجتمع الدولي بالانهيار السريع لقوات الجيش اليمني وإسقاط العاصمة استفاق مصدوماً والحوثيون يسيطرون على القصر الرئاسي ويحاصرون الرئيس عبدربه منصور هادي في منزله ويستولون على جهازي الاستخبارات الداخلية والخارجية.

والمجتمع الدولي الذي فرض عقوبات مالية ودبلوماسية على الرئيس السابق علي عبدالله صالح واثنين من القادة الميدانيين لجماعة الحوثي تعامل مع واقع إن المسلحين يسيطرون على العاصمة ويديرون وزارتي الدفاع والداخلية والمطار الدولي.

ردود فعل فاترة

وعلى الرغم من أن عديدين كانوا يتوقعون ألا يقدم الحوثيون على الإطاحة بالرئيس هادي بعد أن فرضوا شروطهم في تشكيل الحكومة وفرضوا أيضاً على الرئيس اليمني والأحزاب تفسيرهم الخاص لاتفاق الشراكة، إلا أن الاستيلاء على القصر الرئاسي وفرض الإقامة الجبرية على هادي والحكومة قوبلا بردود أفعال فاترة من المجتمع الدولي.

وفسر هذا الفتور لدى المتابعين بأنه انعكاس لحالة اللامبالاة من المجتمع الدولي تجاه اليمن أو أنه امتداد للتفاهمات التي تبرمها الولايات المتحدة وأوروبا مع إيران على حساب أمن منطقة الخليج ومستقبلها، وهو ما ظهر جلياً في المواقف الحازم لدول مجلس التعاون الخليجي تجاه ما فعله الحوثيون.

رفع حصار

رفع المتمردون الحصار الذي فرضوه على منزل وزير الدفاع اللواء ركن محمد الصبيحي. وقال مصدر كان في منزل الصبيحي إن «قيادياً حوثياً حضر إلى منزل الوزير، وجرت تفاهمات بينهما، توصلا فيها إلى اتفاق ينهي الأزمة»، مؤكداً أن اللواء الصبيحي «لن يغادر اليمن». وقال إن وزير الدفاع اليمني «يكنّ كل احترام وتقدير للرئيس هادي، ولا وجود لأي خلاف بينهما، كما تحاول أن تروّج له بعض وسائل الإعلام».

Email