طوق النجاة تطبيق المبادرة الخليجية واتفاقية السلم والشراكة

مراقبون بحرينيون: لا حل لليمن سوى التوافق

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أجمعت شخصيات بحرينية أن اليمن بعد الأحداث الأخيرة التي شهدها يسير نحو الفراغ والفوضى وهو مقبل على مرحلة حالكة الظلمة سياسياً في ظل تحكم قوى محلية وإقليمية ودولية وصعود نجم الرئيس السابق علي عبدالله صالح ليتصدر المشهد السياسي اليمني من جديد تحت غطاء سيطرة جماعة الحوثي الراديكالية، وأكدت أن الحل الأنجح للحالة اليمنية هو التوافق على دستور وطني وعلى برنامج عمل سياسي يضع في حسبانه مشكلات اليمن وأزماته المتعددة.

وقالت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى البحريني سوسن تقوى: إن اليمن يسير اليوم نحو الفراغ والفوضى، وأكدت أن «المبادرة الخليجية مثلت طوق النجاة للأزمة اليمنية ولكن المتطرفين يقودون اليمن نحو الاقتتال والحرب الأهلية، فيما اعتبرت أن «استقالة كبار المسؤولين في الصف الأول بالدولة رسالة احتجاج شديدة اللهجة من سياسة اللعب بالنار واستخدام السلاح والقوة من الجماعة الحوثية لفرض أجندتها ولتصفية بقية المكونات السياسية اليمنية».

وعن التكهن بمن سيأتي بعد الرئيس هادي الذي قدم استقالته لمجلس النواب أكدت عضو الشورى البحريني في تصريح خاص لـ «البيان» أن «الدستور اليمني يكفل ترتيب إدارة الدولة في حالة الشغور الرئاسي، ولكن الأمر الأهم هو شرار الفتنة والسياسية والقبلية التي تضرب اليمن في هذه الفترة»، ودعت مختلف الفرقاء إلى التحلي بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية لصون بلادهم والحفاظ على أمنهم ووحدتهم الوطنية بدلاً من الانقياد لحرب أهلية.

تحكم عدة قوى

من جانبه، قال نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب النائب جمال بوحسن: إن «هناك عدة قوى تحكم اليمن حسب المعطيات على أرض الواقع قوى محلية وقوى إقليمية وقوى دولية؛ أما المحلية فالرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي لايزال هو المهيمن على الوضع، ولكن من خلف المشهد السياسي بحكم أنه المسيطر على أغلبية القوى السياسية والعسكرية والراديكالية، أما من الناحية الإقليمية فإيران، التي لها اليد الطولى في الإمساك بزمام الأمور في اليمن»، مشيرا إلى أن دول مجلس التعاون تحاول جاهدة في إيجاد الحلول المناسبة من أجل استقرار اليمن الذي سينعكس بشكل إيجابي على الأوضاع في الخليج.

اعتبر النائب بوحسن أن «دخول الحوثيين في المشهد السياسي اليمني بهذه الصورة يعتبر خطأ استراتيجياً ويشكل عبئاً كبير على الحوثيين من جهة وعلى الإيرانيين من جهة أخرى اذا ما نظرنا الى الإمكانيات المتاحة للطرفين، حيث إن الحوثيين لا يملكون الإمكانيات البشرية والمادية لإدارة بلد مثل اليمن والإيرانيون لا يستطيعون مواصلة دعمهم الحوثيين على المدى البعيد».

في غضون ذلك، قال المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي ونائب رئيس مجلس الأمناء د. خالد بن خليفة آل خليفة «إن اليمن يمر اليوم بمرحلة حالكة الظلمة سياسيا وﻻ يمكن معرفة من يحكم البلاد فعليا أو حتى ظاهرياً، فالعناصر المكونة للسياسة الداخلية متضاربة بمستوى قوتها مما جعل الوضع أكثر من معقد للتحليل السياسي أو لأي تكهن، فلن تستطيع قوة واحدة في اليمن أن تتمكن من توحيد البلاد وفرض الأمن، والحوثيون لا يملكون تلك القوة والشعبية التي تمكنهم من فرض سيطرة واقعية على البلاد وانما هي قوة غوغائية ﻻ تملك أدنى مقومات إدارة الدولة حالها حال «داعش»، فضلا عن اعتماد الحوثيين بالكامل على إيران التي لن تستطيع دعم حكومة حوثية».

وتابع أن «الأهم من كل ذلك أن هدف الحوثيين عندما بدأوا تحركهم السياسي قبل أكثر من عقد كان الانفصال وليس الوصول للحكم في اليمن ولذلك فإن تحالفهم مع علي عبدالله صالح هو الذي أوجدهم فجأة على رأس الحكم في صنعاء بعد تنازلات أطلق عليها اليمنيون خيانات».

إفراغ الثورة من محتواها

بدورها قالت الكاتبة والناقدة البحرينية د. انتصار البناء إنه «بعد ثورة 2011 كان متوقعا الشروع في بناء أسس الدولة المدنية الحديثة التي كانت غائبة لعقود طويلة، لكن الثورة تم إفراغها من محتواها بإعادة رموز النظام السابق نفسها»، وأكدت أن تلك المعطيات ساهمت في تأزيم الوضع الداخلي في اليمن، «فوجود علي عبدالله صالح في اليمن مكللا بالحصانة ومؤثرا في أنصاره المسيطرين على الجيش ووزارات الدولة أدى إلى خلخلة بنية الدولة وإعادة إنتاج النظام السابق بوجوه الصف الثاني من نظام صالح، والاعتراف بالحركة الحوثية شريكة في العمل السياسي دون إعطائها تمثيلا إقليميا في مشروع تقسيم اليمن إلى أقاليم جعلها تعود مرة أخرى إلى التمرد».

وبينت الناقدة البناء أن «سياسة الرئيس عبدربه كانت ضحية بين الفخاخ المنصوبة، حيث قرر تصفية خصومه المهيمنين على السلطة في خطة غير احترافية بأن يترك كل فصيل يصفي الآخر، فقد بدأ بتصفية حزب الإصلاح ورموزه (الإخوان) بتركهم لقمة سائغة للحوثيين، ثم ترك القاعدة تتمدد شمالاً لتقضي على الحوثيين غير أن القبائل تصدت بنفسها لتمدد القاعدة، الذي حصل أن الرئيس هادي دخل لعبة خطرة انتهت بإطباق خطة الرئيس السابق علي عبدالله صالح عليه بالاتفاق مع الحوثيين».

مبادرة جديدة

وأشارت البناء إلى أنه «من المرجح أن يشهد الملف اليمني عودة التدخل الخليجي بمبادرة جديدة أكثر قبولاً من المبادرة السابقة التي أعلن عن وفاتها بسقوط الحكومة الحالية»، وقالت: إن «المؤشرات تتجه نحو رموز الأنظمة السابقة، وهذا ما يعني أن الأزمات ستبقى تنتج نفسها بالصيغ ذاتها وبوجوه قديمة»، وتوقعت تشكيل حكومة انتقالية لا تحمل جديدا عن الحكومات السابقة، وأكدت «أن الحل الأنجح للحالة اليمنية هو التوافق على دستور وطني وعلى برنامج عمل سياسي يضع في حسبانه مشكلات اليمن وأزماته المتعددة».

توضيح

يرى مراقبون للوضع اليمني أنه لا ينبغي الإسراع بوصف الحوثيين بأنهم وكلاء لإيران رغم تحالفهم معها، معتبرين أن «المتمردين اليمنيين ربما هم أكثر اعتدالاً مما هو معتقد».

وفي تقرير صحيفة «نيويورك تايمز» تحت عنوان «بوادر الاعتدال تظهر في اليمن رغم شعارات الحوثيين»، ذكر فيه أن الشعارات الرسمية للحوثيين، القوة المهيمنة الآن في اليمن، لا تنطوي للوهلة الأولى على الكثير من الأمل بالنسبة للسياسيين الأميركيين لأنها تضمن عبارة ضد أميركا. وذكر التقرير أن هيمنة الحوثيين على البلاد تصاعدت خلال الأشهر القليلة الماضية ولكنها لم تؤثر في البعثات الأميركية نظراً لمعاداة الحوثيين لتنظيم القاعدة.

Email