مصير البشير يضع مستقبل المحكمة الجنائية على المحك

حفظ ملف دارفور.. «صفقة دولية» أم بداية تصعيد؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيرٌ من التساؤلات تتبادر إلى الأذهان بشأن ما إذا كان قرار الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية حفظ ملف دارفور قد أبعد السيف المسلّط على الرئيس السوداني عمر البشير ومحا المذكرة الصادرة باعتقاله، أم أنّ خطوة المحكمة ما هي إلّا تمهيد للتصعيد وتبشير بما هو أعظم.

نعم فرح البشير وملأ الفـــضاء تصريحات بالانتصار العظـــيم على أدوات الاستعمار الجديد على حد قوله، لكنها فرحة تتكدّس في ثناياها الكثير من الهواجس والمخاوف ربما، والتي عبّر عنها رئيس الدبلوماسية السودانية علي كرتي واصفاً قرار إعادة الملف إلى طاولة مجلس الأمن الدولي بـ «الخطوة التصعيدية».

ويرى حقوقيون أنّ «قرار حفظ الملف يتقطّر خطورة على مستقبل المحكمة باعتبارها إنجازاً إنسانياً مشرّفاً في مجال حقوق الإنسان»، باعتبارها أول المحاكم الدائمة والمستقلّة في الوقت ذاته التي تختص بالنظر في جرائم الإبادة والحرب والجرائم ضد الإنسانية.

على صعيد آخر، ذهب الكثيرون إلى أنّ القرار ما هو إلّا صفقة دولية لمصلحة النظام السوداني مقابل تقديم تنازلات تمهّد لاختراقات في أزمات داخلية وإقليمية ودولية، رابطين حفظ الملف بتلميحات صادرة عن عدد من القوى الدولية.

لا إلغاء

ويذهب محلّلون إلى أنّ «قرار المدعية العامة للمحـــكمة الجنائية الدولية لا يلغي اختصاص المحكمة في شيء باعتباره اختـــصاصاً ثابتاً ومؤكّداً، بموجب القرار 1593 ولا يستــطيع أحد تجميده أو إلغاءه عدا مجــلس الأمن الدولي»، مشيرين إلى أنّ «القرار يعني تجميد التحقيقات في القضايا والانتهاكات الجديدة فقــط.

ولا يلــــغي أوامر القبض»، لافتين إلى أنّ «المدعية لم تتخذ قرار حفظ الملف هـــروباً من مسؤوليتها قدر ما هــو ضغط لمجلس الأمن الذي تحيطه كل ثلاثة شهور، باعتباره لــم يفعل شيئاً لدعم المحــــكمة على الصعيدين السياسي والدبلومـــاسي في تنفيذ أوامر الاعتقال».

وشدّد المحلّلـون على أنّ «الإشكال الرئيسي يكمن في ما أسموه غياب الإرادة الســــياسية في مجلس الأمن الدولي وتــــقاعس الأفــارقة والأوروبيين عن دعم المحـــكمة»، مضيفين إنّ «المــدعية العامة تتحمّل وزر عدم فتح أي تحقيقات جديدة أو توجيه اتهامات منذ تقلّدها مهام المنصب على الرغم من استمرار الإبادة والجرائم في إقليم دارفور على حد قولها».

تصاعد دعوات

واستبعد مراقبون للملف فرضية حدوث صفقة دولية، قائلين إنّ التعثّر والبطء أمران واردان لكن الأمر ماضٍ إلى نهاياته، وإنّ «الأوضاع الإقليمية والدولية لا تسمح بالتضحية بالـــعدالة، فيما تتصاعد النداءات والدعوات لتحقيق العدالة الدولية، فضلاً عـــــن تأثير دور المنــظمات الحقوقية والناشطين على القرار الدولي».

وحذّر المـراقبون من خطورة تراجع قرار حفظ الملف حال لم يسع مجلس الأمن الدولي والأوروبيون لتحريك الملف، مشيرين إلى أنّ «مسؤولية تقع على عاتق أقارب الضحايا أيضاً والقوى السودانية بتدشين حملة قويّة للضغط على مجلس الأمن والأوروبيين لتحريك ودعم الملف».

دعوات انسحاب

دعا الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني الدول الإفريقية الانسحاب من معاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وسط اتهامات بأنها تستهدف الأفارقة بشكل غير عادل.

وأضاف: «سأقدم اقتراحا إلى الجلسة المقـــبلة للاتحاد الإفريقي، أريد أن ننســـحب جميعا من تلك المحكـــمة التي تمثل الغرب دعوا الغربيين يبقون في محكمتهم».

وانتقد موسيفيني استمرار المحكمة الجنائية الدولية في نظر اتهام نائب الرئيس الكيني، وليام روتو، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، رغم قرار الاتحاد الإفريقي بضرورة عدم محاكمة أي رئيس أو نائب رئيس إفريقي في السلطة.

Email