انتخابات الرئاسة التونسية: الاقتصاد والأمن سلاحا المنافسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشهد تونس غداً الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية بين الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي ومؤسس ورئيس حزب نداء تونس الباجي قايد السبسي المتقدم في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

ويبدو السباق الرئاسي المرتقب محكوماً بهاجس الإقبال على الصناديق في ظل حالة من الاستقطاب الذي تغذيه مخاوف الهيمنة: هيمنة جبهة النهضة في حال فاز المرزوقي، وهيمنة رموز عهد زين العابدين بن علي في حال فوز السبسي.

وفي ظل الفارق البسيط بين المتنافسيْن (39.46 للسبسي و33.43 للمرزوقي) خلال الدورة الاولى التي أجريت يوم 23 نوفمبر الماضي تبدو منافسة الغد استحقاقاً ضارياً رغم أنّ حظوظ الباجي تبقى أقوى.

فالتحالفات الحزبية التي تشكّلت خلال الأسبوعين الماضيين تعطيه أفضلية تنتظر ترجمة عبر صناديق الاقتراع، فضلاً عن الميزة التي يعطيه إياها القانون الانتخابي الذي ينص على أنّه في حال حصل المتنافسان على نسبة أصوات متساوية يتمّ إعلان فوز المرشح «الأكبر سناً».

وتشتد ضراوة المعركة مع تقارب البرامج الانتخابية للمتسابقين، فالمرزوقي ركّز حملته على إنعاش الاقتصاد وتنمية المناطق المحرومة وحماية الحريات ومنع عودة الاستبداد وتحقيق التوازن السياسي ومكافحة الإرهاب.

أمّا السبسي فركّز في حملته على دفع الاستثمار وتنمية المناطق المهمشة وصون هيبة الدولة وتحقيق الأمن وتمتين وحدة المجتمع والدفاع عن حقوق المرأة والشباب.

وهكذا يبدو أنّ الاقتصاد والأمن هما سلاحا المنافسة التي كانت تزج بتونس في أتون فتنة مناطقية، فبحسب نتائج الجولة الأولى، يتركّز الثقل الانتخابي للسبسي في الشمال والشمال الغربي والوسط، أمّا المرزوقي فيحظى بتأييد قوي في الخارج وفي الجنوب والجنوب الغربي.

ومع بعض التصريحات غير المنضبطة وتلك التي حرفت عن سياقها اضطرت هيئة الانتخابات إلى تحذير المتنافسيْن من مخاطر التجاذبات والتجييش.

وبينما تبدو المعركة ظاهرياً بين السبسي والمرزوقي إلاّ أنّ المعركة الفعلية هي بين حركة النهضة الاسلامية التي فازت في انتخابات أكتوبر 2011 وحلّت ثانياً في انتخابات أكتوبرالماضي وحركة نداء تونس التي خطفت الريادة في الانتخابات التشريعية.

ورغم أنّ «النهضة» لم تسمّ مرشحا للانتخابات الرئاسية وتصر على أنّها تقف على الحياد في الاستحقاق الرئاسي إلاّ أنّ خصومها يصرّون أنها تدعم بشكل غير معلن المرزوقي، وهذه هي الخاصرة الهشّة للرئيس الانتقالي التي قد تطيح به في استحقاق الغد.

تبدو معادلة جولة الإعادة للانتخابات بسيطة ذات خيار وحيد، لكنّها محفوفة بالمخاطر.

 فمع التحولات التي دخلت على تونس بعد أربعة أعوام على الثورة (ثورة الياسمين) تبدو البلاد مقبلة، مع طيّها صفحة المرحلة الانتقالية، على منعطف دراماتيكي يخشى أن يتحوّل إلى العنف في حال لم يعترف أحد المتنافسين بنتائج الانتخابات ما يخشى أن تنزلق في ضوئه البلاد إلى العنف.. وهو ما لا يتمنّاه أحد.

 

Email