معركة سياسية ساخنة بين السبسي والمرزوقي للفوز بالرئاسة

الإعادة تحسم استحقاق تونس التاريخي

كهل تونسي يدقق في أسماء المرشحين خلال إدلائه بصوته. أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

يترقب التونسيون بفارغ الصبر تداول السلطة الرئاسية في بلادهم باقتراع تاريخي، بعد أن انحسر منصب الرئيس ولمدة نصف قرن في يد رئيسين اثنين، ولكن نتائج الانتخابات التي انطلقت الأحد الماضي لم تحسم النتيجة لصالح أي من المعسكرين الرئيسيين اللذين يقودهما: السياسي المخضرم زعيم حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي والرئيس المنتهية ولايته المنصف المزروقي، ما يضع البلاد أمام جولة إعادة في ديسمبر المقبل ستحدد شخصية رئيسها الجديد.

وفي أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية في تاريخ تونس، التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956 رئيسان فقط هما الحبيب بورقيبة (1987-1956) وزين العابدين بن علي (2011-1987)، شارك نحو 64.6 في المئة ممن يحق لهم التصويت في الاقتراع، الذي وصفته الهيئة العليا للانتخابات والمراقبون بأنه «مشرّف» و«شفاف».

لكن عدم تحقيق أي من المرشحين أغلبية الـ 50 في المئة زائد واحد المطلوبة لإعلان الفوز يعني مرور كل من السبسي والمرزوقي إلى الدور الثاني من الانتخابات الذي من المفترض أن يجرى في أواخر ديسمبر المقبل، حيث ينص القانون الانتخابي على تنظيم دورة ثانية بين المرشحين الأول والثاني إذا لم يحصل أي مرشح على نسبة النصف زائد واحد من الأصوات خلال الدورة الأولى.

معركة ثانية

وبدأت معركة الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية بين المرشحين الرئيسيين، حيث استبق معسكر السبسي النتائج بإعلان تقدم زعيمه على أقرب منافسيه بفارق كبير، دون أن يسمي المرزوقي، مؤكداً أن السبسي «ليس بعيداً كثيراً عن الـ 50 في المائة المطلوبة لحسم المعركة من الدورة الأولى»، لكنه رجح إجراء دورة ثانية.

وتأكيد على ذلك، قال السبسي: «كل قوى الشر اتحدت ضدّنا لكنهم لم ينتصروا.. حققنا نتيجة مشرفة جداً.. غداً نبدأ الدورة الثانية».

بالمقابل، أعلنت حملة المرزوقي أن الفارق بين مرشحها والسبسي ضئيل جداً، وأنهما سيتنافسان بالتالي في دورة ثانية. وقال مدير الحملة عدنان منصر: «في أدنى الحالات هناك تماس (تعادل) بيننا، وفي الحالات الجيدة نحن متفوقون (على نداء تونس) بنسبة (مئوية) تتراوح بين نقطتين وأربع نقاط».

وعلى الفور، دعا المرزوقي خصمه الرئيسي إلى مناظرة تلفزيونية ومواجهة مباشرة أمام التونسيين، داعياً كذلك «كل القوى الديمقراطية» إلى التوحد حوله في الدورة الثانية بهدف التغلب على منافسه، في إشارة إلى الجبهة الشعبية (ائتلاف لأحزاب يسارية راديكالية) التي حلت في المركز الثالث، وأعلن مرشحها حمة همامي أن الجبهة تبحث تحديد تعليمات انتخابية جديدة للدورة الثانية.

معضلة الحكومة

وبعد أن حسمت الهيئة العليا للانتخابات مصير الاستحقاق، بإعلانها حصول السبسي على 39.46 في المئة من الأصوات والمرزوقي على 33.4 في المئة، دفعت النتائج إلى تعقيد مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، وفتحت صياغة الفصل 89 من الدستور التونسي الجديد باب التأويلات بين معسكري «نداء تونس» الفائز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية والذي يتصدر مرشحه السبسي ترتيب السباق الرئاسي، وبين المرزوقي الطامح إلى ولاية جديدة رئاسية.

ويتعين الآن انتظار شهر آخر لعقد دورة ثانية للانتخابات الرئاسية، ما يعني إمكانية تأجيل تشكيل الحكومة الجديدة.

ويرى «نداء تونس» أن عملية التكليف لتشكيل الحكومة الجديدة هي من اختصاصات رئيس جمهورية منتخب من الشعب، بينما المرزوقي هو رئيس مؤقت تولى المنصب بتزكية من الأغلبية الفائزة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي العام 2011.

بالمقابل، يتمسك المرزوقي بممارسة صلاحياته بحسب ما تحيل إليه قراءة الفصل 89، الذي يشير إلى أنه «في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي الحاصل على أكبر عدد من مقاعد مجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة»، على أن يقوم الرئيس في حال تجاوز الأجل المحدد بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية «الأقدر» من أجل تكوين حكومة في موعد أقصاه شهراً.

صلاحيات محدودة

وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الجديد المرتقب سيحكم تونس لولاية من خمس سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، وفق الدستور التونسي الجديد الذي صادق عليه المجلس التأسيسي مطلع 2014.

ولا يمنح الدستور سوى صلاحيات محدودة لرئيس الدولة، لكن الاقتراع العام يمنحه وزناً سياسياً كبيراً. كما يتمتع الرئيس بحق حل البرلمان إذا لم تحصل الحكومة التي تعرض عليه لمرتين متتاليتين على الثقة.

أرقام

دعي إلى الانتخابات الرئاسية التونسية نحو 5.3 ملايين ناخب، بينهم 389 ألفاً يقيمون في الخارج، ويتوزعون على 43 دولة.

وجرت عمليات التصويت داخل تونس في 11 ألف مكتب اقتراع، ونشرت السلطات عشرات الآلاف من عناصر الجيش والشرطة لتأمين مراكز الاقتراع.

Email