تقارير «البيان»

الرقة تغرق في دمائها بين «داعش» والنظام

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت مدينة الرقة السورية أكبر مجزرة ترتكب على يد الطيران التابع لقوات النظام، وذلك في سلسلة من الغارات توزعت على منطقة المستودع الأصفر شمال الرقة، وعلى المنطقة الصناعية، شمال شرقي الرقة، ومنطقة جامع الحني، ومنطقة نزلة المتحف، ومنطقة البريد. ما أسفر عن مقتل نحو مئتي شخص غالبيتهم من المدنيين. وأوضح ناشطون من داخل مدينة الرقة أن الكثير من الناس في مدينة الرقة وخصوصاً من منطقة الصناعة وشارع أبوالهيس بعد المجزرة المروعة، قامت بدفن أبنائها بشكل مباشر في المقابر حتى من دون الرجوع للمشافي، وأن عدد القتلى الكبير ليس فقط بسبب شراسة الغارات بل بسبب نقص الكادر الطبي والأدوية ونقص المستلزمات الطبية، والحال الطبي في مدينة الرقة يرثى له.

ضحية مزدوجة

لكن هذه المجزرة التي وقعت في مدينة الرقة المعقل الرئيسي لتنظيم داعش، أخذت منحى مغايراً عما سبقها من المجازر المرتكبة بيد النظام، بسبب وقوع المدينة تحت قبضة «داعش»، ما ترتب عليه سيل من الآراء المتباينة، حيث أشارت تلك الآراء إلى أن الغارات التي شنتها طائرات الأسد على المدنيين ومؤسسات العبادة في هذه المدينة تجعلها ضحية مزدوجة لقصف النظام واحتلال تنظيم داعش في الوقت نفسه. ووفقاً لهذا التصور، فإن كلا الطرفين العسكريين يتحمل مسؤولية هذه الجريمة التي راح ضحيتها المدنيون داخل الرقة وأريافها.

وعلى الرغم من أن الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي، أكدت أن الولايات المتحدة استنكرت استمرار السلطات السورية بقتل السكان المدنيين، إلا أنها شددت في الوقت نفسه على أن واشنطن ستعمل على البحث عن تسوية سياسية لحل الأزمة من أجل وقف إراقة الدماء، وهو أمر قد يكون بنظر البعض بمثابة ضوء أخضر لطيران النظام في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين، لطالما مصيره متوقفاً على التسوية السياسية. وعلى ضوء هذه المقاربة، بدأ سيل من انتقادات حادة توجه مجدداً إلى السياسة الأميركية.

تنديد المعارضة

وندد معسكر المعارضة بتلك الغارات الإجرامية ضد الرقة، معتبرين أن الاستراتيجية الأميركية للحد من نفوذ داعش، من دون المساس بالنظام القابع على صدر الشعب السوري في دمشق، سوف تقود لا محالة إلى التقسيم للعمل بقصف التنظيم المتطرف ويختص فيه نظام الأسد بقصف السوريين الآخرين، من المعارضة المسلحة والحاضنة الشعبية ومعاقبتهم من دون أن يخشى أي رد.

وأكدوا أن السياسة الأميركية تتحمل مسؤولية أساسية عن هذه المجزرة الجديدة التي تبرهن على ضعف إستراتيجي كما تفضح ما يحصل من تنسيق الأمر الواقع مع نظام الطغمة العسكرية، ويشجعها على الاستمرار في سياسة الحسم العسكري التي كان من المفروض وضع حد لها منذ زمن طويل من قبل المجتمع الدولي.

بيد أن هيمنة داعش في المدينة أفسحت المجال أمام أصوات مناصرة للنظام لتقوم بالتشفي والتهليل لهذه الجريمة دون تمييز بين المدنيين وعناصر تنظيم داعش، وشملوا الذين سقطوا في هذه المجزرة على أنهم من مناصري «داعش»، وأنهم «يستحقون ما يتعرضون له» أسوة بما حل لعناصر الجيش السوري الذين ذبحوا على يد داعش في ذات المدينة، ولأن بنظرهم «لم يعد هناك شرائح محايدة في الرقة».

فقدان سيطرة

أصابت حالة من الهذيان وفقدان السيطرة على بعض المقربين من «داعش» على وسائل التواصل الاجتماعي، وشككوا في انتماء المدن السورية الواقعة خارج سيطرة «داعش»، قائلين إن الرقة لوحدها تدافع عن «نسل بني ربيعة، كونها تعتبر مدينة الرشيد، بينما معظم المدن السورية الأخرى التي تحظى بدعم من المعارضة السورية تعود جذورها إلى الرومان».

Email