لبنان في «عين» عاصفة المواجهات مع «السلفيّة الجهاديّة»

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في حين يضغط هاجس الإرهاب على جميع اللبنانيين، وتتوسّع بؤر التوتّرات الأمنية على امتداد لبنان، دقّ قائد الجيش العماد جان قهوجي مؤخراً جرس الإنذار، إذ أعلن أن المواجهة باتت حتميّة مع المجموعات الإرهابية في منطقة عرسال الحدوديّة في البقاع الشمالي في ظلّ التحرّكات المريبة لتلك المجموعات في جرود البلدة، وكذلك في بعض مخيمات النازحين السوريين، وعمليات التسلّل المتتالية، إن في اتجاه قرى البقاع الشمالي أو في اتجاه مواقع الجيش، ما يؤشّر على أن معركة عرسال الثانية صارت قاب قوسين أو أدنى من الحصول.

وبحسب قراءات مصادر أمنية وسياسية، فإن ما شهدته بريتال حمل مؤشراً حصل للمرة الأولى، وهو أول مواجهة علنية وصريحة بين تنظيمَي داعش وجبهة النصرة من جهة وحزب الله من جهة ثانية، على أرض لبنانية، وفي منطقة معروفة بقوة وجود الحزب فيها.

أما وصول أفراد من التنظيمين الإرهابيين إلى أطراف بلدة بريتال، فأتى لصالح هذين التنظيمين، لجهة قولهما إن بإمكانهما الوصول إلى مناطق وقرى لبنانية، ولو أنّ النتيجة كانت عملياً كارثية بالنسبة إليهما إلا أنها معنوياً شكلت نقطة لصالحهم، ذلك أن التوجّس بات أكبر لدى اللبنانيين، خصوصاً في القرى والبلدات القريبة من الحدود.

3 مسارات و3 مفارقات

«السلفيّة الجهاديّة تتمدّد في لبنان»، بحسب المختصّ في شؤونها د. محمد علّوش، الذي يرى أن الموضوع ليس أمنياً، بل هو اجتماعي- فكري- ثقافي. وحسب رأيه يرى علوش أنّه «يجب أن تتوزّع المعالجة على ثلاثة مسارات: الحكومة، المؤسّسة الدينية، والمجتمع المدني. وإذا لم تحلّ الإشكالية في سوريا والعراق، فـلن تُحلّ في لبنان. قد نخفّفها، لكن لن نستطيع القضاء عليها».

وفي مواجهة معركة محتملة، يعتبرها مصيريّة بالنسبة إلى المؤسّسة العسكرية والبلد برمّته، يبدو الجيش متأهّباً، باللحم الحيّ والسلاح المتوافر. لكن، وعلى أهمية الإرادة القتالية العالية لدى الجيش وجهوزيته، فإنها تبقى بلا فعالية إن لم تقترن بأدوات المواجهة والسلاح الفعّال في وجه المجموعات الإرهابية المحترفة، بحسب آراء أخصائيين عسكريين، أشاروا إلى أن الجيش يحتاج، وبالحدّ الأدنى، إلى عتاد متطوّر عابر للخطوط الحمر.

وفي السياق، تجدر الإشارة إلى أن هذا الواقع يصطدم بثلاث مفارقات:

• الأولى تتمثل بكون المجتمع الدولي الذي يحثّ الجيش على محاربة الإرهاب، وحماية الحدود مع سوريا، وحماية الداخل اللبناني، والقيام بمهام سائر القوى الأمنية، يحرم في المقابل المؤسسة العسكرية من أي دعم حقيقي، يمكن أن يُصرف انتصارات في مواجهات خطيرة من هذا النوع.

• وتكمن المفارقة الثانية في أن «بعض التيارات السياسية في لبنان لا تكفّ عن تأكيد دعمها اليومي للجيش، إلا أنها في الوقت ذاته تترك لأصوات أن تخرج من داخل صفوفها وتهاجم المؤسّسة العسكرية وتمذهبها وتحرّض عليها».

• أما المفارقة الثالثة، وهي الأهمّ، فتتمثل بوجود بيئة حاضنة للسلفية الجهاديّة. وذلك، وفق هجين مختلط من ثلاث هويات: السنية اللبنانية، والفلسطينية السنية، وثالثة مستجدة بعد الأزمة السورية، وتتمثل في اللاجئين السوريين. وتلك الهويات، بحسب القراءات المتعدّدة، تعيش إحباطاً، وتشعر بأنها مضطهدة ومستهدفة من النفوذ أو التفوّق الشيعي، أكان في العراق أو سوريا أو لبنان.

 

0%99

تحت عنوان «الرأي العام العربي والحرب على داعش»، نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى نتائج استطلاع شمل عيّنة من ألف شخص في مصر والسعودية ولبنان. وأبرز ما ورد في نتائجه كانت النسب حول التأييد في هذه الدول لسياسات «داعش الأخيرة»، إذ جاءت كما يلي: خمسة في المئة يدعمون التنظيم في السعودية، وثلاثة في المئة في مصر، وصفر في المئة في لبنان. وتوزّعت إجابات اللبنانيين على النحو التالي: 99 في المئة رأوا أن سياساته سلبية جداً، واحد في المئة «سلبيّة إلى حدّ ما».

Email