انتشار أمني واسع لتأمين الاقتراع وحديث عن دورة انتخابية ثانية

التونسيون يختارون سيد قصر قرطاج اليوم

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يتوجه ملايين التونسيين اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الخامس منذ الاستقلال والأول بعد إقرار الدستور الجديد، في انتخابات تتميز بالحضور الأول للعنصر النسوي بترشح القاضية كلثوم كنو من بين 22 مرشحاً أبرزهم الرئيس الحالي المنصف المرزوقي ورئيس حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي ورئيس حزب التكتل من أجل العمل والحريات ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر..

وسط توقعات بدورة ثانية. ويتوجه اليوم نحو 5.2 ملايين ناخب تونسي نحو صناديق الاقتراع لاختيار أول رئيس منتخب عن طريق الاقتراع المباشر بعد الثورة. ويتوزع هؤلاء على 11 ألف مكتب اقتراع موزعة بين تونس والخارج، حيث ينطلق التصويت بداية من الساعة الثامنة صباحاً وحتى السادسة مساء بالتوقيت المحلي.

تعديل توقيت

وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار إن «الهيئة قررت تعديل توقيت فتح المكاتب وغلقها، حيث سيتم فتح المكاتب انطلاقاً من الساعة الثامنة إلى الساعة السادسة مساء مع وجود بعض الاستثناءات التي تشمل 50 مركزاً في كل من ولايات القصرين (وسط غرب ) وجندوبة والكاف (شمال غرب) والتي ستفتح بتوقيت خاص أي من الساعة العاشرة صباحاً إلى الثالثة مساء».

وتقدم لهذا الاستحقاق 27 مترشحاً يمثلون مختلف التوجهات السياسية انسحب خمسة منهم، لكن أسماءهم ستبقى على ورقة الاقتراع نظراً لأن هذه الانسحابات تمت بعد عملية الطبع والتوزيع. والمنسحبون هم، مرشح الحركة الدستورية عبد الرحيم الزواري ومرشح التحالف الديمقراطي محمد الحامدي ومرشح حركة وفاء عبد الرؤوف العيادى إضافة الى مترشحين مستقلين هما مصطفى كمال النابلي ونورالدين حشاد.

ويمنح القانون الانتخابي مهلة ثلاثة أيام بداية من إغلاق آخر مكتب اقتراع للإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية، ولكن الهيئة ستسعى إلى اختصار هذا الأجل إلى يومين. وفي حالة عدم تحصل أي مترشح على أغلبية 50 في المئة زائد صوت واحد، يتم اللجوء إلى دورة ثانية، يشارك فيها فقط المترشحان الحائزان على المرتبة الأولى والثانية في الدورة الأولى، وهو الأمر المتوقع بحسب التقديرات غير الرسمية.

ومنح المشرع الهيئة أجلاً أقصاه 31 ديسمبر 2014 لإجراء الدورة الثانية، غير أنه من الممكن إجراؤها قبل هذا الموعد إذا لم يكن حجم الطعون كبيراً أو تم الفصل في الطعون بشكل سريع.

استعدادات أمنية

وأكّد الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الوطني المقدم بلحسن الوسلاتي لـ«البيان» أنه تعزيز المؤسسة العسكرية بمنظومة التدخل السريع براً وبحراً وجواً لتأمين الانتخابات الرئاسية وتخصيص حوالي 26 ألف عسكري للتأمين المباشر للعملية الانتخابية. وأضاف انّه تم وضع 1600 عربة عسكرية وثماني طائرات نقل جوي و12 مروحية عسكرية و4 زوارق سريعة لنقل العسكريين والمعدات الانتخابية ..

كما سيكون 12 ألف آخرين مستعدّين للتدخل السريع وعند الحاجة. وأوضح أن حوالي 62 ألف عون أمن وحرس وحماية وسجون وديوانة (جمارك)، وكذلك 38 ألف عسكري لتأمين الانتخابات، أي 100 ألف عون مسلح أو حتى أكثر في كل مراكز ومكاتب الاقتراع والبالغ عددها 11 ألف مركز لتأمين الممرات والمسالك ومراكز التجميع وفق خطة أمنية واسعة.

تقرير رقابي

إلى ذلك، كشف التقرير الأولي الذي أعدته شبكة «مراقبون» لمراقبة الاستحقاق بمناسبة الحملة الانتخابية الرئاسية عما أسمته «حالة من العزوف العام في التفاعل مع الحملات الانتخابية في جل مناطق البلاد خلال الأسبوعين الأول والثاني». وأضاف التقرير أن «حالة العزوف صاحبها ضعف في التواصل مع الناخبين بشكل مباشر».

وأشاد المنسق العام للشبكة رفيق الحلواني خلال مؤتمر صحافي بـالانتشار الأمني المكثف لتأمين سير الحملة الانتخابية الرئاسية في كل جهات تونس..

موضحاً أن «هذه الحملات كانت في مجملها فاترة في الأسبوعين الأول والثاني ثم تصاعدت وتيرتها من خلال تنظيم الاجتماعات العامة والاتصال بالناخبين». ولفت إلى أن «فرق المراقبين 620 مراقباً وهم متطوعون عاينوا بعض مظاهر التلاسن والعنف اللفظي بين أنصار بعض المترشحين لا سيما حين يتجولون في نفس المكان تقريباً».

تحركات جزائرية

استدعت القيادة العليا للجيش الجزائري تعزيزات أمنية إضافية إلى الحدود الجزائرية التونسية عشية الانتخابات الرئاسية لإحباط أي تحركات إرهابية ممكن حدوثها من والى الجزائر أو تونس.

وقال مصدر أمني إن تونس طالبت من الجزائر التنسيق الأمني على الحدود، خاصة في النقاط الساخنة من أجل إفشال أية محاولة إرهابية تستهدف الانتخابات الرئاسية المزمع انطلاقها اليوم. وبرمجت القيادة العليا للجيش الجزائري حواجز أمنية إضافية وطلعات جوية وتحقيق مع أية حركة مشبوهة في الحدود، مع تكثيف الاتصالات مع الجيش التونسي المرابط هو الآخر على الحدود.

الرئيس الخامس بعد حقبتين وفترتين انتقاليتين

سيكون الرئيس التونسي المنتخب الخامس في تاريخ الدولة التونسية الحديثة بعد الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي اللذين حكما البلاد لمدة 53 عاماً، فيما قاد فؤاد المبزع والمنصف المرزوقي الرئاسة الانتقالية.

وبدأت مرحلة الحكم في تونس بعد استقلالها في 20 مارس 1956 بإجراء انتخابات المجلس القومي التأسيسي في 8 أبريل 1956، حيث انتخب بورقيبة رئيساً للمجلس، قبل أن يتمّ تكليفه رئاسة الحكومة.

وشرع بورقيبة في القيام بإصلاحات عميقة وثوريّة في المجتمع التونسي. ثم تمّ إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية برئاسة الحبيب بورقيبة في 25 يوليو 1957 وانتُخب بورقيبة أوّل رئيس بعد المصادقة على الدستور في 1 يونيو 1959.

تجارب اقتصادية

وعرفت فترة حكم بورقيبة تجارب اقتصادية مختلفة، منها التجربة التعاضدية في الستّينات بقيادة أحمد بن صالح، وانتهت بأزمة اقتصادية خانقة، والتجربة الليبيراليّة مع حكومة الهادي نويرة في السبعينات. وشهدت فترة حكمه هزّات مختلفة كمحاولة الانقلاب الفاشلة في 1962، وأحداث يناير في 1978 وأحداث الخبز في يناير 1984.

وازداد تسلّط بورقيبة مع تقدّمه في السّن، وتمّ تنقيح الدستور وإسناده الرئاسة مدى الحياة في 1974.

وانتهى حكمه في 7 نوفمبر 1987 حينما قام الوزير الأول زين العابدين بن علي بإزاحته بشهادة طبّية ليُصبح بن علي رئيساً.

32 عاما

وكما حكم بورقيبة تونس 30 عاماً حكمها بن علي 23 عاماً، شهدت خلال فترته تقدماً في مجالات اقتصادية واجتماعية وفي مستوى البنية التحتية، غير أنها عرفت تضييقاً على الحريات العامة. وانتخب بن علي لخمس ولايات متتالية في1989 و1994 1999 و2004 و2009 في ظل سيطرة الحزب الواحد.

وتمت الإطاحة به في 14 يناير 2011 بعد انتفاضة شعبية عارمة، وتولى الوزير الأول حينها محمد الغنوشي رسمياً مهمة نائب الرئيس بشكل مؤقت لفترة لم تتجاوز 24 ساعة يومي 14 و15 يناير2011، ليتقلد بعده رئيس مجلس النواب حينها فؤاد المبزع منصب الرئاسة لمدة 11 شهراً تطبيقاً لمقتضيات الدستور السابق.

وفي 13 ديسمبر 2011، تم انتخاب المنصف المرزوقي زعيم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية من قبل المجلس التأسيسي رئيساً لتونس تنفيذاً لاتفاقية المحاصصة الحزبية التي أعقبت انتخابات 23 أكتوبر وجمعت بين أحزاب «حركة النهضة» و«المؤتمر» و«التكتّل»، وتم بموجبها تقاسم الرئاسات الثلاث.

Email