مصادرترجح لـ «البيان» فوز البكوش برئاسة البرلمان

إعلان النتائج الأولية للاقتراع في تونس اليوم

أعضاء اللجنة العليا للانتخابات خلال مؤتمر صحافي أمس أ ف ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المقرّر أن يتم اليوم الخميس الإعلان رسمياً عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي حازت حركة «نداء تونس» على نصيب الأسد فيها، وفيما علمت «البيان» أنّ الأمين العام للحركة الطيب البكّوش سيكون المرشّح لرئاسة البرلمان المقبل، استمرّ الجدل بشأن التحالفات المرتقبة مع ترجيح البعض تأجيل الحديث عن الحكومة المقبلة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.

وحدّد عضو الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات نبيل بافون، اليوم الخميس، أجلاً قانونياً لإعلان نتائج الانتخابات التشريعية، لافتاً إلى أنّ هيئته اختارت الطريق الأكثر وضوحاً وشفافية، رغم أنّه الأطول في عدّ أصوات الناخبين، موضحاً أنّه «يجرى اعتماد العد اليدوي ثم العد الآلي لمزيد التدقيق، ما يتطلّب وقتاً أطول وجهداً مضاعفاً». وأكّد بافون أنّ «اعتماد هذه الطريقة من شأنه أن يحول دون الوقوع في أخطاء في عدّ الأصوات، والتثبّت من تطابقها مع جاء في المحاضر.

تقارير أولية

بدوره، قال شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا للانتخابات خلال مؤتمر صحافي أمس، أنّ «التقارير الأولية للبعثات الأجنبية لمراقبة الانتخابات والهيئات الوطنية، على غرار جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والهيئة الوطنية للمحامين بتونس، أجمعت في ملخصاتها إجمالاً على حسن سير الانتخابات، رغم وجود بعض الإخلالات، موضحاً أنّ «هذه الملاحظات ستسهم في تلافي الأخطاء مستقبلاً ، وخصوصاً في الانتخابات الرئاسية، وأنّ هذه التقارير تبقى تقارير أولية إلى حين إصدار التقارير النهائية خلال الأسابيع المقبلة.

رئاسة برلمان

في السياق، علمت «البيان» من مصادر مطلعة من داخل حركة «نداء تونس»، أنّ «الحركة تتجه نحو ترشيح أمينها العام الطيب البكّوش لرئاسة البرلمان المقبل، نافية صحة ما راج عن إمكانية ترشيح الوزير الأسبق محمد الناصر لتولي المنصب. وأكّدت ذات المصادر أنّ «البكّوش يحظى بدعم رئيس الحركة الباجي قائد السبسي، وعدد كبير من القيادات المركزية والجهوية ليكون رئيساً للبرلمان المقبل».

استمرار جدل

في الأثناء، يستمر الجدل حول التحالفات المرتقبة خلال المرحلة المقبلة، إذ قال الأمين العام لحركة نداء تونس الطيب البكوش، إنّ حزبه «يرى ضرورة تأجيل الخوض في تفاصيل عملية تشكيل الحكومة المقبلة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية لاعتبارات دستورية»، مشدّداً على أنّ «الأحكام الانتقالية في الدستور الجديد هي التي تفرض انتهاج هذا الخيار، بالنظر إلى أنّ الرئيس القادم المنتخب من الشعب، هو الذي يحقّ له تكليف الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية بإجراء مشاورات لتشكيل حكومة».

تدارس تشكيل

وبيّن البكوش أنّ «نداء تونس يؤمن بضرورة فتح قنوات الحوار مع جميع الأطراف السياسية، فضلاً عن قوى المجتمع المدني لتدارس مسألة تشكيل الحكومة المقبلة». من جهته، أعلن حزب الاتحاد الوطني الحر، الفائز بالمركز الثالث في عدد النواب، أنّه «سيتفاوض مع جميع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان لتشكيل حكومة جديدة، وأنّه لا يبحث عن مناصب وزارية، ولكن هدفه المساهمة في الشأن العام».

وقال الناطق باسم الحزب محسن حسن، خلال مؤتمر صحافي، إنّ حزبه ليس لديه مشكلة أو عداء مع أي طرف سياسي، ويجب أن نعمل جميعاً من أجل تونس، فمصلحة تونس تقتضي الوحدة»، مضيفاً أنّ «اختيار الاتحاد الوطني الحر كقوة ثالثة، يدل على أنّ الشعب يبحث عن الحلول، وأنّ الاتحاد له برامج اجتماعية واقتصادية جاهزة للتطبيق وقادرة على تغيير وجهة تونس وحل مختلف المشاكل من بطالة وتهميش وفقر».

حوار وطني

من جهته، أكّد الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، أنّ «الحوار الوطني سيستمر بعد الانتخابات، وأنّ هناك فراغاً قانونياً في عدد من المسائل، سيتولى الحوار الوطني البت فيها، مشيراً إلى أنّ «هناك ثلاث مسائل، وهي توقيت انعقاد المجلس النيابي الحالي، ومن سيشرف عليه، ومن سيكلّف رئيس الحكومة القادمة، ومن سيمضي على ميزانية 2015».

ولفت الطاهري إلى أنّ «من المنتظر أن تنعقد جلسة للحوار الوطني يوم 31 أكتوبر للإجابة عن هذه الإشكاليات»، مبيّناً أنّ «المرحلة الانتقالية انتهت شكلياً، غير أنّ الإشكاليات العالقة لا تزال موجودة، وبالتالي، فإن التوافق هو مسألة منتظرة».

«نداء تونس» و«النهضة» تحالفٌ المستحيل

 

«لن نتحالف مع النهضة، وإنما سنتعامل مع من يشبهنا من العائلة الديمقراطية التقدمية، ومن يتوافق معنا في النموذج المجتمعي»، هكذا حسم الباجي قائد السبسي رئيس حركة «نداء تونس» موقف حزبه من التحالفات المرتقبة بعد الانتخابات البرلمانية التي فاز فيها بالأغلبية، مؤكّداً أنّ «الحديث عن التشكيل الحكومي القادم سابق لأوانه، ولن يكون جدّيا ولا منطقيا إلا بعد الانتخابات الرئاسية التي ستنتظم في الثالث والعشرين من نوفمبر المقبل.

وسيكون على الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد تشكيل ائتلاف ليحصل على الأغلبية «109 مقاعد من أصل 217 مقعدا»، بما يسمح له تشكيل الحكومة الجديدة.

لا دعم

وفيما يطمح قائد السبسي إلى بلوغ سدة الرئاسة في قصر قرطاج مرشّحا لحركة «نداء تونس»، يجزم مراقبون بعدم دعم حركة النهضة للسبسي حتى لا تضمن له سلطة تنفيذية على مستوى الرئاسة تضاف إلى قوته في البرلمان والتي تعطيه أحقية ترشيح من يراه حزبه صالحاً لرئاسة الحكومة، بمعنى أن يهيمن حزب حركة نداء تونس على الرئاسات الثلاث، لاسيّما حال وصوله إلى تحالف قوي مع الأحزاب المتوسّطة والصغيرة والمستقلين ممن حصلوا على مقاعد نيابية.

لا تحالف

ويستبعد المراقبون تحالف حركة «نداء تونس» مع حركة النهضة لتشكيل الحكومة القادمة لأسباب عدة، لعلّ أهمها إدراك قادة النداء بأنّ ذلك سيبعد عنهم مئات الآلاف ممن انتخبوهم رفضا للنهضة، وليس حبّا فيهم، إذ يرى المحلّل السياسي جوهر الجمّوسي في تصريحات لـ «البيان»، أنّ «بعض القراءات السّياسيّة التي تراهن على تحالف قادم بين حزب حركة نداء تونس وحزب حركة النّهضة لتشكيل الحكومة القادمة، تركّز على تأويلات مجتهدة لتصريحات قيادات حركة نداء تونس من أجل حشد الطّاقات لمعركتها السّياسيّة القادمة في الانتخابات الرّئاسيّة، وتتغافل هذه القراءات التّباين الكبير بين حركتين لا تلتقيان كخطين متوازيين.

ويضيف الجمّوسي أن «من يحلمون بهذا التّحالف يتناسون اختلاف برامج الحزبين وتباينها ثقافيّا واجتماعيّا وسياسيّا أكثر منه اقتصاديّا، ربّما، تحلم حركة النّهضة، مع هؤلاء الحالمين، بعدم مغادرة الحكم، وهي أيضا تتشبّث بالبقاء في الحكم خشية المحاسبة، وعودة بعض قيادييها الّذين لا يتمتّعون بالحصانة البرلمانيّة إلى السّجون.

ضغط ناخبين

بدوره، يشير المحلّل السياسي منذر ثابت إلى أنّ «الحديث عن تحالف بين نداء تونس وحركة النهضة يعني الميل لتشكيل سلطات حاكمة قويّة مقابل معارضة ضعيفة، في حين أنّ المطلوب هو وجود سلطة قويّة ومعارضة تمتلك مقوّمات التأثير السياسي الفعلي»، لافتاً إلى أنّ «الخلافات العقائدية والسياسية والثقافية بين الحزبين تمنعهما من الالتقاء حول برنامج واحد، لاسيّما وأنّ النهضة مرتبطة ضمنياً بمشروع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وتحالفاته المحورية الخارجية، فضلاً عن إدراك حركة نداء تونس أنّ أغلبية من صوّتوا لها في انتخابات البرلمان رافضون لتحالفها مع حركة النهضة وقوى الإسلام السياسي عموماً.

ممكن سيناريوهات

ويلفت مراقبون إلى أنّه سيكون أمام نداء تونس سيناريوهات عدة لتحالفات المرحلة المقبلة، ومنها التحالف مع حزب «آفاق تونس» الليبيرالي وتحالف «الجبهة الشعبية» اليساري وحزب المبادرة أو بعض المستقلين لضمان الأغلبية بالبرلمان.

وحال تحقيق التحالف يمكن أن تشكّل حركة النهضة ومعها صاحب المركز الثالث الاتحاد الوطني الحر وبعض الأحزاب الصغيرة والمستقلين قوة ضاربة للمعارضة داخل البرلمان، الأمر الذي سيشلّ حركاته وسكناته ويعرّض الحكومة للتهديد الدائم بسحب الثقة والحلّ. أما السيناريو الثاني فيتمثّل في إمكانية تحالف نيابي أوسع لـ «نداء تونس» يضم بجانب الجبهة الشعبية وآفاق تونس، الاتحاد الوطني الحر، غير أن هذا السيناريو غير مطروح حاليا، ويبقى رهيناً لما بعد الانتخابات الرئاسية نظرا لخوض زعيم الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي غمار التنافس من أجل سدة الحكم في قصر قرطاج.

أما السيناريو الثالث فهو تحالف «نداء تونس» وحركة النهضة، وهو ما تحاول واشنطن فرضه لتثبت إمكانية حصول وفاق بين العلمانيين والإسلاميين في المنطقة العربية، غير أن هذا الاحتمال يقابله رفض واضح من تيار مؤثّر داخل «نداء تونس» يرفض مبدئيا التحالف مع قوى الإسلام السياسي، ورفض أنصار النداء في الشارع التونسي التحالف مع النهضة.

ويبقى السيناريو الرابع وهو تشكيل حكومة مستقلّة لتسيير المرحلة المقبلة على غرار حكومة مهدي جمعة الحالية، على أن تكون مدعومة بسند سياسي قوي من مختلف الأحزاب والقوى الممثلة في البرلمان، غير أن هذا الخيار يبدو مرفوضاً من حركة «نداء تونس».

برنامج ثوري

قال نائب رئيس حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، إنّ «الخط السياسي لحركة النهضة والتحالفات المحتملة مع باقي الأحزاب ستكون مشروطة بتطبيق البرنامج الثوري وضمان استقرار تونس وعلى تحقيق أهداف الثورة، وإن الموقع السياسي غير مهم بقدر أهمية البرنامج الذي ستضطلع به مستقبلا». وأضاف أن «الحركة سيكون لها دور رئيسي في السنوات المقبلة وستكون ضمن مفاتيح المشهد السياسي الجديد، فهي قوة وطرف رئيسي».

Email