بعد 35 عاماً على تقييد الاتفاقية لوجود السلاح في شبه الجزيرة

«كامب ديفيد» في دائرة الجدل السياسي والوطني

ت + ت - الحجم الطبيعي

استباقاً لأي كلام حول دور إسرائيلي محتمل في عمليات الإرهاب التي تشهدها سيناء، وقطعاً للطريق على أي مطالبة بتعديل اتفاقية «كامب ديفيد»، حذّرت وسائل الإعلام في إسرائيل من لجوء مصر لزيادة عدد قواتها المتواجدة في سيناء، سيما بعد العملية الإرهابية الأخيرة.

فيما قوبلت تلك التحذيرات الصهيونية بدعوات شعبية من مصر تطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بدخول أكبر كم من القوات المسلحة، والضرب بيد من حديد على الإرهاب والقضاء عليه في أسرع وقت ممكن، وهو ما يجعل السلطة في مصر بين مطرقة الضغط الشعبي وسندان المخاوف الإسرائيلية واتفاقية كامب ديفيد.

موقع البديل «الالكتروني» المصري ينقل عن صحف إسرائيلية قولها إن مصر قد تتخذ من العملية الأخيرة «ذريعة» لتعمل على زيادة أعداد قواتها، مشيرة إلى أن هذا مرفوض بالنسبة لإسرائيل.

ويقول القيادي بالحزب العربي الديمقراطي الناصري ماجد البسيوني إن اتفاقية كامب ديفيد حدّدت حجم القوات المصرية المتواجدة في منطقة سيناء، مشيراً إلى أن مواد هذه الاتفاقية تلحق بمصر الضرر ولا تساعدها على فرض سيطرتها الكاملة على أرضها وحمايتها، بل ساعدت بشكل أكبر على أن تصبح مصر مرتعاً للإرهاب. وأضاف أن «إسرائيل تهدف إلى أن يستمر الاضطراب، وتريد إعادة سيناء إلى وضع سابق أكثر إجحافاً، في حين أن الوضع لم يعد يحتمل أن تستوعب هذه المنطقة كل هذا الإرهاب، أو أن تعد لتكون مركز الإرهاب الدولي في العالم».

مطالبة بالتعديل

وقال أمين إعلام حزب الكرامة الشعبي الناصري محمد سليمان إنه «بالإضافة إلى الاهتمام سياسيّاً واقتصاديّاً بسيناء لابد على مصر أن تطالب بتعديل اتفاقية كامب ديفيد، حتى لا تصبح سيناء مرتعاً للإرهاب، كما نحتاج إلى تكثيف الجهود في هذا الشأن، وأعتقد أن العالم كله في تلك اللحظة ينحاز لنا ويتعاطف مع الجيش المصري ضد الإرهاب، وتلك هي الفرصة الذهبية التي يجب أن نستغلها لتعديل الاتفاقية بما يسمح لقواتنا بالانتشار بكافة الأشكال الممكنة والأعداد التي نريدها وبكل الأسلحة الخفيفة والثقيلة».

وينقل الموقع عن أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة القاهرة د. مختار الحفناوي قوله إن ما حدث في سيناء يوضّح أنها مباحة لأي مُعتدٍ، وإنها بلا حماية كاملة، وهذا ما يعد خطراً كبيراً على الأمن القومي المصري وعلى المنطقة الحدودية المعروفة بالمنطقة «ج».

وأكد أن دماء الجنود الأبرار لن تضيع هباء، لذا فإن المطلب بإعادة إلغاء كامب ديفيد حاليّاً يعد أمراً مشروعاً، مشيراً إلى أن تلك الاتفاقية كانت السبب في ذلك الحدث، لأنها تركت سيناء منزوعة السلاح بلا حماية. وتابع أستاذ الإسرائيليات أن إلغاء كامب ديفيد يتطلب عملاً نضالياً متواصلاً، وهو ما يتطلب وعياً ثورياً بالقضية العربية.

لا مكاسب منها

وأوضح د. منصور عبد الوهاب أستاذ الإسرائيليات بجامعة عين شمس أن كامب ديفيد لم تحقق أي مكاسب سوى لصالح إسرائيل، مشيراً إلى أن إسرائيل تؤيد العمليات الإرهابية التي تحدث في فلسطين، كي تتمكن من العودة إلى سيناء في وقت لاحق وفقا لضمانات أميركية. وتابع عبد الوهاب أن «ما حدث في سيناء هو الحل الأمثل لكي تنتهز مصر الفرصة وتلغي تلك الاتفاقية المعيبة بدلاً من الاتجاه إلى الحلول التي ستهجر مشايخ سيناء».

الاتفاقية عائق

مساعد وزير الخارجية السابق الدكتور مصطفى الفقي يعتقد أن هناك فرقاً بين إجلاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لأهالي محافظتي الإسماعيلية والسويس والمطالبة بتهجير أهالي شمال سيناء في الوضع الحالي، مؤكداً أن اتفاقية كامب ديفيد تقف عائقاً أمام الوجود العسكري في شبه الجزيرة، موضحاً أن الغارات الجوية لن تحسم المعارك مع الإرهاب، والاشتباك البشري هو الأهم.

وأضاف الفقي أن المشكلة الحقيقية ترك مصر لإسرائيل تتمتع بمميزات كامب ديفيد منفردة، مشيراً إلى أن المفاوضات نصّت على منع إسرائيل من المشاركة في مشروعات أعالي النيل، مششداً على أنه لا يمكن القضاء علي الإرهاب في سيناء بسهولة وعلينا التعامل مع السيناريو الأسوأ.

واعتبر القيادي بحركة «تمرد» محمد عبد العزيز أن أهم ما يعنيه دخول الجيش بكثافة إلى سيناء لحفظ الأمن هو تحدي اتفاقية كامب ديفيد. وتابع في حسابه على «فيس بوك» «أدعم الجيش في تخطي القيود الأمنية لكامب ديفيد، وتطهير سيناء من الإرهاب، اختلف مع السلطة في السياسة والديمقراطية والاقتصاد لكن هذا أمر آخر ولا للخلط بينهما».

منطقة محظورة

ويرى الباحث المتخصص في الشأن القومي العربي محمد سيف الدولة أن الدولة المصرية وقواتها المسلحة محظور عليها التواجد في سيناء بموجب اتفاقية كامب ديفيد، حيث إن ثلثي سيناء مجردة ومقيدة من السلاح، مشيراً إلى أن المنطقة «ج» والتي يبلغ عرضها 33 كيلو يحظر فيها تواجد للقوات المسلحة والشرطة، بينما المنطقة «ب» وعرضها 103 كيلو فيسمع بتواجد قوات حرس حدود مسلحة بأسلحة خطيرة، أما عن الشريط الحدودي الضيق وعرضه 3 كيلو مترات فيحظر وضع الدبابات بينما بعد هذا الشريط الحدودي تسطيع إسرائيل وضع ما تشاء.

وأضاف انه بموجب هذه الاتفاقية فإن أقرب دبابة مصرية تقع على بعد 150 كيلو مترا بينما أقرب دبابة إسرائيلية تكون على بعد 3 كيلو مترات، مؤكداً أنه مع التمسك بهذه الاتفاقية ستظل كل أنواع الشر من تجار مخدرات وتجار للعبيد وإرهابيين ومخابرات إسرائيلية، منوهاً إلى انه لا يستبعد أن يكون هؤلاء الإرهابيون على صلة بالموساد الإسرائيلي، مشيراً إلى أن القوات المسلحة المصرية في العام الماضي قامت بإدخال قوات إضافية إلى سيناء، ولكن بعد موافقة من إسرائيل، والتي بدورها تتحكم في قرار دخول القوات من حيث عددها والمهمة التي تقوم بها ونوع العمل الذي تؤديه.

الإلغاء هو الرد

أكد الدكتور هاني مصطفى الخبير في الشأن الفلسطيني بمركز البحوث أن الإرهاب موجود في سيناء فقط، وسيتم القضاء عليه في الـ 3 شهور المقبلة بعد صدور قرار بفرض حظر التجوال وإعلان حالة الطوارئ، موضحاً أن تلك الفترة لابد من استغلالها لصالح إلغاء اتفاقية «كامب ديفيد».

وأكد أن هدف العمليات الإرهابية نزع استقرار الدولة المصرية وعدم تحركها إلى الأمام، لذا يجب أن يكون الرد السياسي المناسب على تلك العمليات هو استكمال خارطة الطريق وتشكيل مجلس النواب.

«العائدون من سوريا» قنبلة موقوتة

عقب وقوع العملية الإرهابية الأخيرة في سيناء، بادر بعض المحلّلين بالتأكيد على أن تلك العمليات نفّذها بعض العائدين من سوريا، مؤكدين أن العائدين من سوريا والعراق «قنبلة موقوتة» و«تهديد لأمن سيناء»، وبالتبعية تهدّد الأمن القومي المصري.

ورغم أن مراقبين، أكدوا على ضآلة حجم العائدين من سوريا والعراق، لاسيما في ظل القبضة الأمنية القوية التي تفرضها الأجهزة الأمنية بمصر، لمنع اختراق المشهد المصري من قبل عناصر إرهابية متطرفة، فضلاً عن نجاحات قوات الأمن في إلقاء القبض على العديد من العناصر التكفيرية المسلحة.

مؤسس تنظيم الجهاد السابق في مصر نبيل نعيم، يؤكد على وجود العديد من العناصر العائدة من سوريا والعراق، والتي انضمت إلى الفصائل الإرهابية المسلّحة في سيناء، وشاركتها في عملياتها الإرهابية المختلفة، مؤكداً، في تصريحات صحافية، أن منفذي الهجوم الأخير «لا يمكن أن يكونوا مجرد عناصر تم تدريبها نظرياً لدى مناطق التدريب التابعة لأنصار بيت المقدس، كما أن سيناريو العملية يؤكد تورّط عناصر خاضت حروباً حقيقية كالدائرة في سوريا أو العراق».

من جانبه، لفت الخبير في شؤون الحركات الإسلامية د. كمال حبيب، في تصريحات خاصة لـ«البيان» إلى أن العائدين من سوريا والعرق «يتبعون فكر السلفية الجهادية»، وأغلبهم مستمرون في انتهاج أسلوب العنف ذاته، مؤكداً أن تلك العناصر شاركت في العديد من الهجمات ضمن جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية، وكان من بين تلك العمليات تفجيرا مديرية أمن القاهرة والدقهلية.

صعوبة السيطرة

ويؤكد خبراء عسكريون صعوبة السيطرة على العائدين من سوريا والعراق، لأنهم يتسللون بصورة غير شرعية إلى داخل البلد، ويقومون بتغيير هويتهم، لافتين إلى أن هناك العديد من الأمور المتأزمة في سيناء، والتي تحول دون أن تسفر عن تمكن قوات الأمن من القيام بكامل دورها في تلك المنطقة.

ويقول الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أحمد بان «إن العائدين من سوريا والعراق يمثلون خطراً كبيراً وحقيقياً على مصر، حيث إنهم قادمون محملين بكل التدريبات القتالية والقدرة على تصنيع المتفجرات»، مشيراً إلى أن هذا الأمر اتضح بشدة في العملية الأخيرة، إذ يشكلون تهديداً مباشراً وقوياً على المشهد المصري، مضيفاً: «مواجهة هذه العناصر عملية معقدة تحتاج لمساعدات على جميع الصعد، فضلاً عن خطة أمنية موسعة وشاملة، إلى جانب تنمية سيناء بالكامل للخروج من مأزق الصحراء الكبيرة التي تعد مخبأ مميزاً للعناصر الإرهابية».

Email