الإعلان عن جاهزية المؤسسة العسكرية لحماية العملية الانتخابية

استقطاب سياسي كبير بين «نداء تونس» و«النهضة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

"جرافيك"

دخلت الحملة الانتخابية البرلمانية في تونس مرحلة الحسم في ظل حالة من الاستقطاب الثنائي المعلن بين حزبي حركة النهضة وحركة نداء تونس، التي قال رئيسها الباجي قائد السبسي إن من لا يصوت لحركته يعني أنه يصوت لـ«النهضة»، في حين أكد ناطق باسم وزارة الدفاع الوطني أن المؤسسة العسكرية أخذت كل الاحتياطات اللازمة لتأمين العملية الانتخابية.

وقال رئيس حركة نداء تونس، الباجي قائد السبسي، خلال اجتماع شعبي للحركة بمدينة حمام الانف، جنوب العاصمة، أمس الثلاثاء، إن من لا يصوت لحركة نداء تونس يعني أنه قد صوت لحركة النهضة.

وقال السبسي إن تونس ستشهد موعداً انتخابياً هاماً وصعباً في آنٍ واحد، معبّراً في هذا الخصوص عن ثقته بفوز حزبه فيها، مردفاً: «النداء سينتصر في هذه الانتخابات من أجل تونس، ولأنه قادر على إخراج تونس من الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الخانقة التي تعيشها».

إلى ذلك، أوضح الناطق باسم الحركة ورئيس قائمة نداء تونس بدائرة بن عروس، محمد الأزهر العكرمي أن البيئة الانتخابية التي تدور فيها الحملة الانتخابية تعتبر «بيئة مستقرة وخالية من العنف»، معتبراً أن «هذا المناخ مناخ مطمئن ومشجع على استكمال المسار الديمقراطي وبناء المؤسسات الشرعية، بفعل رقي التونسي وتحضره ومدنيته»، وفق تعبيره.

تحذير

بالمقابل ، حذّر الأمين العام لحزب آفاق تونس، ياسين إبراهيم على هامش اجتماع شعبي بنابل، شمال شرق، من حالة الاستقطاب الثنائي بين نداء تونس والنهضة وقال : «نحن نخشى سيناريو ما يعرف بالتصويت النافع وأن يتقاسم حزبان فقط الحكم»، معتبراً أن هذا الأمر «لن يكون في مصلحة تونس»، مشدداً على أن آفاق تونس، «في ظل ما يلاحظه من تشتت لبقية الحساسيات السياسية، يراهن على أن يكون الحزب الثالث، له من الثقل ما يمكنه من المشاركة في الحكم ومن خلق توازن يساعد على توفير الاستقرار لتونس»، حسب تقديره.

الجيش جاهز

في غضون ذلك، أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الوطني بلحسن الوسلاتي في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء أن المؤسسة العسكرية أخذت كل الاحتياطات اللازمة لتأمين العملية الانتخابية.

وشدد الوسلاتي على أنه استدعي جيش الاحتياط لتعزيز التركيبة الأمنية في مختلف المجالات، مؤكداً أنه تمت إعادة تأهيلهم من جديد في المنظومة لتأمين الانتخابات.

وأضاف الوسلاتي أن المؤسسة العسكرية عززت المنظومة الدفاعية في مجال حماية حدودنا الجنوبية والغربية ومقاومة الإرهاب بهدف إنجاح المسار الانتخابي.

وقبل ذلك، أعلن وزير الداخلية التونسي، لطفي بن جدو، أنه سيتم نشر حوالي 100 ألف عسكري وأمني تونسي لتأمين انتخابات الأحد القادم، مؤكداً أن تم تكليف حوالي 46 ألف رجل أمن بتأمين الانتخابات داخل وخارج مكاتب الاقتراع وما يماثلهم أو أكثر من الجيش التونسي.

انتخابات الخارج

على صعيد متصل، تشهد الدوائر الانتخابية التونسية في الخارج يوم صمت انتخابي غداً الخميس لتنطلق عمليات الاقتراع بعد غد الجمعة وتتواصل يومي السبت والأحد، حيث سيختار المغتربون التونسيون، ولمدة ثلاثة أيام، نوابهم الذين سيحتلون 16 مقعداً من بين 217 نائباً داخل البرلمان المقبل.

ويصل عدد الناخبين التونسيين في الخارج إلى 359 ألفاً و530 ناخباً من بين العدد النهائي للناخبين المسجلين إدارياً والذي بلغ 5 ملايين و285 ألفاً و136 ناخباً، وتنقسم دوائر الانتخابات بالخارج وعددها ستة، إلى دائرتي فرنسا الأولى والثانية ودائرة إيطاليا ودائرة ألمانيا ودائرة الأميركتين وبقية دول أوروبا ودائرة الوطن العربي وبقية دول العالم.

5600

قال سفير تونس لدى دولة الإمارات العربية المتحدة طارق بالطيب إنه تم توفير جميع الأجواء الملائمة للتونسيين بالدولة كي يمارسوا حقهم الانتخابي من خلال مكتبي الاقتراع في سفارة تونس بأبو ظبي وقنصلية تونس بدبي، وأكد في تصريحات صحافية نشرت أمس في تونس أن عدد المقيمين التونسيين المسجلين في الانتخابات بلغ 5600 شخص، وتعتبر هذه النسبة عالية خاصة عندما نعلم بأن عدد التونسيين المسجلين في المصالح القنصلية يبلغ 16000 وتشكل نسبة القصر والأطفال الذين لا يحق لهم التصويت أكثر من النصف. البيان

طلاق صامت بين النهضة والمرزوقي

تسعى حركة النهضة التونسية إلى اعتماد منهجها البراغماتي في تحديد خطواتها وتحالفاتها ومواقفها على أبواب الامتحان الانتخابي الذي تخوضه مع بقية الفرقاء السياسيين الأحد المقبل، ومن أول علامات المرحلة المقبلة الانفصال الذي يكاد يكون معلناً بين «النهضة» وحليفها الرئيس الحالي والمرشح الرئاسي منصف المرزوقي وحزبه، المؤتمر من أجل الجمهورية.

حيث يرى جل المراقبين أن الحركة التي دفعت بنسبة من أنصارها للتصويت لحزب المؤتمر في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر 2011 لتحقيق توازنات تخدمها داخل المجلس، ثم دفعت بالمرزوقي الى سدة الرئاسة في قصر قرطاج هي التي تقرأ المشهد اليوم بشكل مختلف، وتدرك أنها لا تمتلك فائضا من الأصوات تهديه إلى حليفها السابق، كما أن التحولات السياسية داخل البلاد وفي المنطقة ككل، تفرض إعادة النظر في الخطاب الثوري الراديكالي الذي يعمد الى تقسيم المجتمع بين ثوريين وأزلام، وبين تقدميين ورجعيين أو بين إسلاميين وعلمانيين.

وفي حين يرفع حزب المؤتمر شعارات الإقصاء وقوانين الثورة، تعمل حركة النهضة على تلافي أية خسائر قد يفرضها عليها تراجع المشروع الإيديولوجي والسياسي للإخوان المسلمين في المنطقة العربية عبر سعيها لأن تكون رديفا للحزب الحاكم السابق، التجمع الدستوري الديمقراطي، ولكن بشعارات أكثر التصاقا بالهوية وقبولا بالتعايش مع الأطياف السياسية الأخرى، الأمر الذي يفسّره المتابعون للشأن التونسي بإعلان زعيم الحركة راشد الغنوشي استعداده للاشتراك في حكم المرحلة القادمة مع رموز النظام السابق الذين كان يدعو الى اجتثاثهم قبل ثلاثة أعوام.

«شعب» النهضة

ويحاول المرزوقي دق إسفين بين قيادة «النهضة» وقواعدها الشعبية التي سمّاها الأحد الماضي في حوار تليفزيوني بـ«شعب النهضة» حيث يقدم نفسه على أنه المؤتمن على أهداف الثورة، الرافض لعودة النظام القديم الى واجهة الحكم، مؤكدا ثقته المطلقة في شعبية حركة «النهضة» الإسلامية، فضلاً عن علاقاته العميقة مع أغلب قياداتها، معتبرا أنَّ قواعد الحركة غفروا له أنه علماني، وفق تعبيره.

خلاف واضح

ويبدو الخلاف بين حركة النهضة وحزب المؤتمر واضحا من خلال تصريحات قيادات الحركة، فقد قال القيادي في حركة النهضة ووزير العدل في عهد حكومتي الترويكا نورالدين البحيري انه مع رئيس توافقي يسعى للفوز بثقة أكبر قطاع من التونسيين ويعيد الهيبة لموقع الرئاسة ويبذل الجهد ليكون رئيسا لكل التونسيين. واعتبر المراقبون استعمال البحيري لعبارة «ويعيد الهيبة لموقع الرئاسة» تصريحا ضمنيا بان المرزوقي أفقد مؤسسة الرئاسة هيبتها.

Email