الضربات الجوية بإمكانها التدمير إلا أنها لا تحقق النصر

غياب البديل يُطيل عمر الحرب على «داعش»

ت + ت - الحجم الطبيعي

في تصريحات عدة، لمسؤولين عسكريين أميركيين وبريطانيين وفرنسيين، اكدوا أن الحرب ضد تنظيم «داعش»، ستكون طويلة الأمد، وربما تمتد لسنوات، وذلك ليس لأن التنظيم، ذلك «البعبع» المخيف الذي يتعذر قهره، وإنما البحث عن بديل مقبول، يمكن أن يتسلم إدارة المناطق التي يتم إخراج «داعش» منها.

ويجمع المحللون العسكريون، أن الحرب الجوية بإمكانها التدمير، أو حتى الإبادة، إلا أنها لا تحقق النصر، لان دورها الأساس هو الإسناد والدعم للقوات البرية، وهي شبه مفقودة في الواقع العراقي، بعد أن مني الجيش، المبني على أسس طائفية، بهزائم لا يستوعبها العقل، كان من نتائجها هيمنة «الميليشيات»، التي تدعي أنها حققت انتصارات، يحاول الأميركان «سرقتها» بتدخلهم الجوي، وتتهيأ «لملء الفراغ».

فيما لو انسحب «داعش» من المناطق التي يحتلها، وهذا ما لا يرغب به التحالف الدولي، الذي يجمع محللوه الاستراتيجيون، على أن الشحن الطائفي، هو السبب في كل الانتكاسات التي شهدها العراق، سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا، وفي كل مناحي الحياة.

الحرب والبديل

وحيث ترى القيادات العسكرية الدولية، أن الحرب ضد تنظيم داعش «طويلة الأمد»، فان الحديث عن من يمسك الأرض في حال إخراجه لا يزال مبكرا، على الرغم من أن خطوطه الأولية وضعت في البرنامج السياسي لحكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.

وكانت الحكومة قررت في الأيام الأولى لتشكيلها تبنّي فكرة إنشاء قوات «محلية» رديفة للجيش في المحافظات التي يسيطر عليها «داعش»، تضم عناصر مقاتلة في الميدان وأبناء العشائر، لمعالجة الوضع الذي نتج عن انهيار خمس فرق عسكرية بالتتابع في 10 يوليو الماضي، الأمر الذي حظي بدعم دولي وإقليمي.

بينما يثير مخاوف بين كتل التحالف الوطني وشكوكا، من أن يؤدي الأمر إلى ظهور «جيش سنّي»، وتحويل المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش الآن إلى ما يشبه الوضع في إقليم كردستان، عند تشكيل حرس وطني خاص بها.

وعلى ارض الواقع، لا يزال تأثير العمليات الجوية لقوات دول التحالف محدودا، ولا يتعدى وقف التمدد نحو أربيل، وحماية بعض السدود، وقطع طرق الاتصال نسبيا بين العراق وسوريا.

تطويق داعش

ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية هوشيار عبد الله، إن الضربات الجوية الأميركية لأوكار المجاميع الإرهابية ستطوّق حركات «داعش» في المنطقة، وتلعب دورا بارزا وكبيرا في تقليل حركتها وتنقلها بين الحدود العراقية والسورية مما سينعكس بشكل إيجابي على الأراضي العراقية.

ويلفت إلى أن هناك جانبا سياسيا في العمليات العسكرية، يتعلق بالإصلاحات في العراق، لكي تعرف الأطراف الأخرى مع من تتعامل.

ومن جانبه يرى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية عمار طعمة أن «داعش في حال تعرضه للانتكاس، سيحاول المبادرة لإيجاد مكان آخر لاستعادة وضعه»، موضحا إنه «بعد هذه الضربات سيتم تجميع قوات التنظيم في مكان ما داخل العراق، والقيام بهجمات نوعية مؤثرة».

مشيرا إلى أن «غياب الضربات الجوية الأميركية في منطقة السجر والصقلاوية، مكّن داعش من مهاجمة القوات العراقية»، الأمر الذي يعكس الاهتمام الدولي في من يمسك الأرض، عند الحساب للضربات الجوية، وعدم التدخل في العمليات ذات البعد الطائفي.

أرض واحدة

ويوضح النائب خالد العبيدي المرشح لشغل منصب وزير الدفاع في العراق، أن «الأرض العراقية والسورية باتت بمثابة ارض واحدة، ويجب معالجة أماكن وجود داعش بالضربات الجوية الأميركية».

ويؤكد مراقبون، أن توحيد «داعش» في العراق وسوريا، سببه أن حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي والميليشيات الشيعية هي التي ألغت الحدود، من خلال وجود الفصائل الميليشاوية العراقية الكثيرة، التي تقاتل في سوريا لدعم نظام الأسد، وبموافقة ودعم من الحكومة العراقية وايران، وكل ذلك يجعل الولايات المتحدة تتريث.

وتنتقي الأماكن في حربها ضد داعش، لان البديل المتوفر حاليا هو حشد الميليشيات العراقية التي كانت تقاتل في سوريا، والتي أخذت تشكل منذ الآن تهديدا قاصما لحكومة بغداد، في مناطق جنوب العراق.

Email