تقارير البيان

غموض يكتنف تسليح الجيش السوري الحر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أواخر الأسبوع الماضي، وافق الكونغرس على عجل ولمدة ثلاثة شهور، على تسليح الجيش السوري الحر. المشروع الذي بقي نائماً في أدراج النسيان شهوراً، حسم أمره في يومين.

القلق من زحف «داعش» وضرورة عمل شيء ما، فضلاً عن ضغط الوقت والرغبة في مغادرة واشنطن بأسرع ما يمكن للتفرغ للحملة الانتخابية، انتخابات الكونغرس في أوائل نوفمبر، حمل الكونغرس بمجلسيه على الموافقة على طلب الإدارة الذي جاء هو الآخر متأخراً عن موعده وبأقل من المطلوب. أصلاً الإدارة لم تكن جدية بشأنه من الأساس. هي اعتمدته رفعاً للعتب.

طرحته ثم أهملته. السبب أن يستوجب مستلزمات. أهمها أن يكون التسليح جزءاً من خطة متكاملة، ليس فقط للخلاص من «داعش» في العراق بل في سوريا. وهذا يطرح بالنهاية خيارين: إما التعاون مع نظام دمشق وإما مواجهته. الأول تقول واشنطن إنه غير وارد. الثاني هي في غير وارد التعامل معه. وهنا لبّ أزمتها.

استراتيجية ناقصة

يكاد يجمع المراقبون على أن «استراتيجية القضاء» على «داعش» التي التزم بها الرئيس، لا تستقيم بصورة مجزأة. يجب أن تشمل منطقتيه العراقية والسورية معاً. الثانية هي مقره الرئيس.

الرئيس الأميركي باراك أوباما يعتمد تصوّرا انه يمكن تطهير العراق من هذا الفصيل، وهذا ممكن حسب الخبراء العسكريين إذا توفرت شروطه العراقية السياسية أولاً واستطراداً العسكرية، وترك الشق السوري لنوع من المطاردة الجوية على نسق ما يجري في اليمن والصومال. لكن هذه المقارنة يقول العارفون، لا تستوي لاختلاف الحال.

«داعش» صار شبه كيان قائم بذاته، له قاعدته الجغرافية وإلى حدّ ما الشعبية ولو بالإكراه، فضلاً عن إمكانياتها المتميزة، عسكريا وتنظيمياً. يجتاح مناطق بكاملها، كما فعل أمس باحتلال حوالي ستين قرية كردية في شمال سوريا. اصطياده من الجو ربما يلجم تقدمه. لكنه لا يجبره على التراجع. هنا تبرز عقدة القوات البرية.

قوات برية

ليس في واشنطن، من بين المدنيين او العسكريين، مراقبين كانوا أم مسؤولين سابقين أو حتى البنتاغون؛ من يرى أن العملية يمكن أن تصادف النجاح من دون قوات أميركية برية على الأرض العراقية. ليس بالضرورة قوات اجتياح. ثمة من يضع الحجم في حدود حوالي عشرين ألفاً.

وحده الرئيس أوباما لا يكف عن التكرار ان هذا الخيار هو خارج حساباته. حتى عندما اعترف رئيس الأركان بأن ذلك أمر محتمل ولو بصورة ضيقة فيما لو اقتضت الظروف، يسارع أوباما في اليوم التالي إلى تجديد وعده بأنه لن يفعل.

لم يترك مساحة للاستثناء ولو بصورة ضيقة. همّه الأول أن لا يغرق في حرب مفتوحة. ثم بعد ذلك يأتي ضرب «داعش». يتصرف على اساس قناعة بأن هذا السبيل يؤدي إلى التورط المديد. وفي ذات الوقت يتحدث عن القضاء على «داعش»، في حين يدرك أن عنصر القوات البرية الأساسي مفقود.

حتى لو كان خيار القوات خارج الحسابات، «على الرئيس عدم البوح بذلك»، على الأقل ليحتفظ بعنصر المفاجأة. «كل الأوراق يجب ان تبقى على الطاولة» يقول النائب مايك روجرز رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب.

خطوة متواضعة

تدريب الجيش الحر خطوة متواضعة وثمارها بعيدة وغير مضمونة، في أفضل التقديرات. الخطة مرسومة لتخريج خمسة آلاف عنصر فقط في السنة، حسب المعلومات المتداولة. ويجري إعداد هذه القوة في الأصل لمقاتلة «داعش». مواجهة النظام متروكة في الظل ولإشعار آخر.

في ضوء ذلك، هناك سؤال متجوّل في واشنطن: هل وسط هذا الضباب، يمكن أن يجري توظيف النظام السوري في عملية «داعش»، في مرحلة لاحقة تحت ستار حاجة الأمر الواقع؟ ثمة همس وأحياناً دعوات صريحة في هذا الخصوص.

وكان من اللافت اليوم جواب الرئيس الأسبق بيل كلينتون حول هذه الإمكانية، حين قال ««داعش» أسوأ من النظام السوري». ردّه أوحى بعدم استبعاد هذا الاحتمال، من باب المفاضلة. على الأقل من وجهة نظره. علما بأن الرجل عارف بأجواء القرار ومدى مرونته.

إضاءة

ذكرت مصادر مقربة من الائتلاف السوري المعارض أن الفصائل التي ستسلحها الولايات المتحدة هي حركة حزم، وجبهة ثوار سوريا، وأجناد الشام، وجيش المجاهدين، إضافة إلى حزب الاتحاد الكردي الديمقراطي، ووحدات الحماية الشعبية، وسيكون الدعم بالتدريب والتمويل والتسليح.

Email