أكد أن النظام العالمي يسقط.. والتكاتف ضد الإرهاب تحالف ضرورات

هيكل: الفوضى ترسم الخريطة الجديدة للشرق الأوسط

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

للأسبوع الثاني، واصل الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل، تشريحه للأوضاع السياسية محلياً وإقليمياً ودولياً، في الحلقات الخاصة التي تحاوره فيها الإعلامية لميس الحديدي، على قناة «سي بي سي»، تحت عنوان «مصر أين وإلى أين؟» حيث اعتبر التكاتف الموجه ضد الإرهاب حالياً هو تحالف ضرورات .

فيما شدد على أن النظام العالمي سيسقط وما وصفه بالفوضى سترسم الخريطة الجديدة للشرق الأوسط، منتقداً الظهور اللافت للطوائف والقبائل والمذاهب التي ضاعت معها الأوطان في العالم العربي...

في حين فضل لو اعتذر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن عدم القيام بزيارته التي ستقوده إلى واشنطن للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

واستهل هيكل حواره بالحديث عن أول زيارة للسيسي إلى الولايات المتحدة، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تسيطر عليها أجواء الحرب على الإرهاب، موضحا أن العالم الآن أمام أوضاع مختلفة، ويمكن جدا أن يكون هناك نظام عالمي يسقط، دون أن يكون هناك أحد لديه خطة لإعادة بناء شيء، وعقدت اجتماعات قريبة مخصصة لبحث ملف الإرهاب.

مثل مؤتمر حلف شمال الأطلسي، ومؤتمر باريس، وشارك فيه كل المهتمين، وبينهم مصر، رغم أنهم مقبلون على قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونلاحظ على هامشها، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يعقد جلسة لمجلس الأمن حول الإرهاب، بينما الدول بصفة عامة تبحث القضية، وهو أمر نواجهه لأول مرة في المنظمة الدولية.

السيسي والإرهاب

يقول هيكل: «قضية الإرهاب دائماً محصورة في منطقتنا، فنحن المتهم، والقاضي، والقاتل، والمقتول، ونحن حبل المشنقة، ورأس المشنوق، لكن أعتقد أن كل هذه المؤتمرات تكاد تكون نوعاً من المحاكمة على ما يجري في الشرق الأوسط، وأعتقد أن هذا الوضع غير مسبوق، وسأستعين عند وصف المشهد الحالي بمقولة وزير الخارجية الأسبق، محمود فوزي، «الحوادث جلل، والرجال صغار».

ويضيف: «أعذر السيسي، وقلبي معه، وتصورت أنه سيعتذر عن عدم حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لأننا أمام عالم يحاكم المنطقة، فما دامت الدورة مخصصة للإرهاب، فنحن في قفص الاتهام، ومع احترامي للجميع، سيكون النجم الأعظم في الاجتماعات هو أوباما، وأنا أحترمه.

وأعرف قدراته، وأعتبر مجيئه إلى الحكم، كما ذكرت، دليل أزمة في الولايات المتحدة نفسها، ونوعية الزعامات الموجودة في هذه المرحلة الحاسمة، والحوادث الكبيرة، تشير إلى أن «الرجال صغار».

وقال: «لو تحدثنا بجدية عن جدول الأعمال الذي سيناقش في اجتماعات الأمم المتحدة، سيظهر أنه تقوده الولايات المتحدة، سواء عن قصد حقيقي، أو بالاستغلال، وواضح من المؤتمرات الأولى التي مهدت للاجتماعات، أن جدول الأعمال هو الإرهاب، ومن يتولى إدارتها هو من ساهم في زرع الإرهاب.

وهو من يتولى قيادة معسكر آخر، من خلال تحالف لمواجهته، كما قاد تحالفات أخرى في السابق، أنا لا أعرف متى سننتبه، ونعرف أن مستقبلنا لا يصنع بهذا الشكل، نحن بددنا ثروات، وضيعنا الشباب، وأربكنا أفكاراً».

مقابلة أوباما

وعن احتمالية لقاء الرئيس المصري بنظيره الأميركي قال: «لست متحمساً لأن يلتقي السيسي مع أوباما، فالأخير يعتبر فاشلاً في أميركا الآن، وعلى سبيل المثال، خطبته الأخيرة التي ألقاها، لم تكن موجهة لنا، ولا للإرهاب، وإنما موجهة إلى محاولة تحسين صورته كرجل قادر على اتخاذ القرار، بعدما وصم بأنه غير قادر على اتخاذ القرارات.

وأنه بلا خطة، وثانياً هو يحاول أن يداري الأمور عن حزبه، لأن لديه مشاكل بلا حدود مع العسكريين، وقريبا ستجرى انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، ويظهر هو كرجل لا يتحرك بخطة، وليس في وضع قوي سواء أمام المؤسسة السياسية أو العسكرية.

قانون التظاهر

وفى رده على سؤال حول الاتهامات التي قد يواجهها السيسي بشأن ملف حقوق الإنسان أمام الأمم المتحدة، يقول هيكل إن هذا الملف سيثار، وأنا سعيد جدا ببعض الإجراءات التخفيفية التي اتخذت، صحيح أن كل دول العالم لديها قانون ينظم التظاهر، يتضمن شروط أن يكون التظاهر بإذن.

لكن لا يجب أن يكون الإذن مشروطا، وأن يكون هناك اكتفاء بالإخطار، وتنظيم التظاهرة إذا لم يعترض عليها أحد في مدة محددة، وأرى أن القانون الحالي في مصر به بعض التزيد، لكن ما يبعث السرور هو القرارات الأخيرة بالإفراج عن محبوسين، وأتمنى ألا نأخذ من الإجراءات الأمنية إلا ما هو ضروري لحفظ الأمن.

ويرى هيكل أن الفوضى تعيد رسم الخريطة الجديدة في الشرق الأوسط الآن، وقال: «هي ليست حالة مستمرة مثل الفوضى الخلاقة، فلا يوجد تخطيط رئيسي، فهناك من يرسم البدايات فقط.

ويترك بعض الأشياء تتحرك، ثم ينتظر كيف تتشكل النهايات، فمن الأمور المعلقة مثلا في الأوضاع الحالية، إمكانية وكيفية إنشاء دولة كردية، وما إذا كانت سوريا ستبقى على ما هي عليه، بالإضافة إلى وضع الحوثيين في اليمن، فإذا انفجرت الأوضاع في كل موقع من هذه المواقع، لا توجد فكرة عما ستصل إليه الأمور».

وأضاف:«لقد تحركت كل وحوش التاريخ الآن، ففي قديم الزمان كنا نتحدث عن ثلاثة وحوش فحسب، هي الوباء والمجاعة والفقر، لكن الآن أضفنا إليها المذهبية والطائفية والقوميات، ففكرة الأوطان وجدت كغطاء لمجتمع متعدد العناصر».

ضياع الأوطان

وأكد هيكل أن مسار الحوادث هو ما يرسم خريطة المنطقة، ويحدد إلى أي مدى سيسير صراع القوى، فنحن اليوم أمام عراق ممزق، وسوريا ممزقة، والقضية الفلسطينية بها ما بها، وكذلك اليمن وليبيا والسودان.

فهناك خريطة للعالم العربي ضاعت فيها الأوطان، وظهرت محلها القبائل والطوائف والمذاهب، وهذا ما يجعل مصر المتماسكة قادرة على أن تلعب دوراً في شكل الخريطة المقبلة، هي وحلفاؤها، لكن لا أدري الكيفية، وأعتقد أن أحدا لا يملك خريطة للمنطقة، فجميع الخرائط المنشورة عبر المراكز البحثية، هي رؤية أكاديمية تحركها مصالح بعينها، لكن الواقع على الأرض هو من يرسم المستقبل.

دولة داعش

وعندما نتحدث عن مخطط جديد للمنطقة، علينا أن نسأل من الذي أتى بتنظيم داعش؟، تركيا شاركت، والخليج شارك، والولايات المتحدة مشارك أكبر، وتركيا هي الراعي الأعظم، كما أن سوريا تركت الكثير منهم يتسربون لتضغط.

ببساطة يقول هيكل ما خلق داعش أن الحروب باتت مواجهات على جبهات واسعة، لا يتحكم فيها أحد، وكل أحد يدير جزءاً، بالإضافة إلى استعجال وصول الثورة إلى ليبيا، مثلا تم استغلال ضربات حلف الشمال الأطلسي «الناتو»، لكنها لم تفلح، فتم استدعاء القبلية، فدخلت باسم الدين، وفي سوريا عندما قاوم النظام، تم استدعاء الطائفية من جانب القوى التي هاجمته.

ولنسأل واحداً مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لماذا لا يريد الدخول في الوضع السوري، هو يناسبه جدا كل ما يحدث ويجري الآن، وعندما نتحدث أن قوة داعش تتراوح بين 20 و30 ألف مقاتل، وأوباما يتحدث عن حرب قد تطول لثلاثة أعوام ، فإن ذلك كله أمور غريبة، وشركات السلاح تنتعش الآن استعدادا لهذه الحرب، والشركات التي تقدم المرتزقة تتحدث عن عقود كبيرة بالملايين.

تكلفة مواجهة الإرهاب

نحن أمام ملف خطير جداً، وأخشى أن يطلب أوباما من العرب في السنوات الثلاث المقبلة، سداد فواتير كثير من المغامرات غير المحسوبة، ما يؤدي إلى استنزاف الثروات، وفساد غير مسبوق، ومعي هنا بيانات بشأن تحقيق أميركي حول ما تم إنفاقه خلال حرب «الجهاد ضد الإلحاد»، ومن كان موجوداً وقتها، ويعمل منسقا لها هو شخص يدعى شارلي نليسون، وهو عضو في الكونغرس، تولى التنسيق مع «السي أي إيه»، والمخابرات البريطانية والفرنسية، وشركات السلاح التي دخلت في العملية.

استدراج مصر

هناك تقارير تتحدث في «سي إن إن» عن محاولة لاستدراج الولايات المتحدة، وتهويل بشأن داعش، لكن الأمر ليس استدراجا للولايات المتحدة، وإنما لنا نحن، ونرى أن مصر مترددة في المشاركة في الحرب ضد الإرهاب، والكيفية التي يمكن أن تدخل بها، فالموقف الرسمي المعلن الذي قال إن الحرب على الإرهاب لا تتجزأ، يعني أنها لم تأخذ موقفاً بعد.

والتحالف الموجه ضد الإرهاب حاليا لا يوجد أحد فيه لديه استراتيجية، فهو تحالف ضرورات ورغبات وطلبات لأطراف كثيرة مختلفة، لكن جميع هذه الأطراف تعلم أن هناك تغييرات كبيرة ستحدث في المنطقة والعالم، وتريد أن تكون موجودة ومشاركة.

دعم داعش

تحيا داعش حسب هيكل بتشجيع من تركيا التي لا تريد أن تتدخل، وقطر أيضا موجودة، وهي تشارك في التمويل، وأنا أتمنى أن يبلور السيسي خطوطاً، ونحن مقبلون على معركة دون بداية أو نهاية، دون معرفة حدودها، لكن أنا أتصور أن دولة مثل مصر ممكن أن تفتح مكتب اتصال لتتابع ما يحدث، حتى لا نفاجأ بشيء، ولا نجد خرائط ترسم، نحتاج إلى عيون تنظر إلى العالم العربي القادم، وهناك عالم عربي لا يستطيع أن يشارك في القادم، فمثلا لا أستطيع أن أطلب شيئاً من ليبيا أو اليمن الآن، لكن يمكن من الخليج ومصر.

معركة إنقاذ أوباما

يرغب أوباما في دخول المعركة ضد داعش لكنه غير قادر على ذلك، لأن أميركا تورطت في حروب كثيرة جدا، ودخلت في أزمة، وأتت برجل من خارج السياق لحل أزمتها، وهو يعلم أنه ليس قادراً على الحل، فهو قدم بوعد ألا تكون له قوات في الخارج، لان أميركا ملت من فكرة الحرب.

زيارة أردوغان

وحول زيارة أردوغان إلى قطر، قال اعتقد ان اللقاء التركي القطري كان يخص ماذا يمكن أن نفعله مع قادة جماعة الإخوان، وأتصور أن قطر تحت الضغوط الخليجية، فالإخوان خرجوا من الدوحة بضغوط خليجية أميركية، حيث التقى الجانبان عند نقطة معينة، لكن أعتقد أن تركيا ستأخذ بعضهم، وبما أن المواقف متغيرة، قد يكون هذا إعادة نظر في أشياء أخرى، وأنا أتمنى أن يعيدوا النظر.

سد النهضة

يرى الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل أن من ضمن الأشياء التي نجح فيها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، محادثاته مع رئيس وزراء إثيوبيا، حيث أوقفت بشكل كبير الاندفاع إلى طريق مسدود في مسألة سد النهضة، على الأقل فتحت باباً للتفاوض، فليس بوسعنا القيام بعمل عسكري، فإذا كان الأمن والغذاء خارج الحدود، يكون على مصر الوصول إلى ما وراء الحدود، من خلال قوة التأثير الأدبي والمعنوي، ونحن هنا نتحدث عن القوة الناعمة.

3 ركائز أساسية للأمن القومي المصري

قال الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل، إن مواجهة مصر مع الإرهاب هي جزء مما تستطيع أن تكون موجودة فيه، لكن لابد أن تكون موجودة ضمن صنع مستقبل المنطقة، ومن غير المقبول أن يكون الوضع غير ذلك.

فالأمن القومي المصري به ثلاثة عناصر تعتبر الأهم ضمن عناصر أخرى، الأول أن صميم أمن مصر أنها بلد لا يستطيع أن يعيش على موارده في الداخل، ولابد أن يكون شريكاً في اقتصاد المنطقة، وعليه لابد من وضع صيغة معينة، أما شعار «مصر أولاً ومصر أخيراً»، فمعناه أن تجوع.

خط الدفاع

وأضاف أن العنصر الثاني هو أن مصر لا تستطيع أن تدافع عن نفسها داخل حدودها، وبالنظر إلى الخريطة، فإن حدودها موجودة على خط من رفح إلى العقبة، ولا توجد معالم طبيعية تعتبر خطاً دفاعياً.

وبالتالي فإن خط الدفاع إذا كسره أحد، وصل بسهولة إلى قناة السويس، والذي يقول إن الأمن المصري داخل حدودها عليه أن يفكر، فهذا كلام غير معقول، ولم يكن صحيحا، والدليل ما يحدث في ليبيا والسودان.

الدم العربي

وحول العنصر الثالث أوضح: «لابد أن تحرص مصر على الدم العربي، نريد مصر أن تؤثر ولا تسفح دماً، هذه صيغة أمام القيادة، وهي معركة معقدة، وضمن معركة الأمن القومي، وأريد أن يشعر العرب بأن لديهم ما يكفي للتقدم، معهم الحظ والشجاعة، ومعهم الثروات، وأعتقد أن ما ينقصهم فقط هو العقل والفكر، تنقصنا المعرفة».

استدراج التدخل

ولفت هيكل إلى تقارير تتحدث في «سي.إن.إن» عن محاولة لاستدراج الولايات المتحدة، وتهويل بشأن «داعش»، لكن الأمر ليس استدراجاً للولايات المتحدة.

وإنما لنا نحن، ونرى أن مصر مترددة في المشاركة في الحرب ضد الإرهاب، والكيفية التي يمكن أن تدخل بها، فالموقف الرسمي المعلن الذي قال إن الحرب على الإرهاب لا تتجزأ، يعني أنها لم تأخذ موقفاً بعد.

Email