الكيانات التكفيرية الصغيرة استراتيجية جديدة لتنظيم القاعدة

ندوة «البيان» ترصد أخطار الإرهاب على المنطقة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تناولت ندوة نظمتها «البيان» في مكتبها بالقاهرة، أبرز الأزمات في المنطقة وسبل مواجهتها، وتأثيرات تلك الأزمات في المنطقة، وسط دعوات بضرورة تبني نظام عربي جديد.

واستهل وزير خارجية مصر الأسبق محمد العرابي، كلمته في الندوة التي ناقشت الأخطار الإرهابية التي تحيط بالمنطقة العربية، وسبل الحل السياسي أو العسكري المطروحة في ضوء تداخلات غربية في أزمات الساحة العربية، مؤكداً أن «ما يمر بالعالم العربي خلال الفترة الحالية لم يحدث من قبل».

ووصف العرابي انتشار الجماعات الإرهابية على هذا النحو بأنه «سرطان ينخر في الجسد العربي». وأضاف: «الجماعات المسلحة كانت قائمة في إطار الاستراتيجية الأميركية طويلة الأمد في المنطقة، من أجل فرض ما أطلق عليه الفوضى الخلاقة». وأكد أن الهدف الرئيس للعالم العربي «يجب أن يكون تجفيف البيئة الصالحة لرعاية الإرهاب».

وشدد وزير خارجية مصر الأسبق على «ضرورة أن يكون هناك جهد استراتيجي لوضع نظام عربي جديد يتم الاتفاق عليه، لأن المنطقة حالياً في معركة بقاء»، قائلاً: «لقد حان الموعد للوقوف بصرامة في ما يخص الأمن القومي العربي».

مجال مفتوح

وفي كلمته الافتتاحية بالندوة، ذكر المدير الأسبق لمركز دراسات القوات المسلحة المصرية، اللواء علاء عز الدين محمود، أن «حالة الفوضى التي تلت الثورات العربية، أعطت الفرصة لإسرائيل لكي تستغل الأوضاع، إذ تركت الجسد العربي يضرب في بعضه البعض».

ولفت إلى أن «واشنطن ساعدت ودعمت تنظيم القاعدة لمحاربة الاتحاد السوفييتي، وبانتهاء مصلحتها من التنظيم تركته، فانقلب عليها، وخرج من القاعدة العديد من الجماعات الإرهابية، وانتشرت في كثير من الدول العربية، وعندما حدث انفلات أمني وفوضى في دول ثورات الربيع العربي، نتيجة ركوب الثورات من الوصوليين، وجد أولئك متنفساً كبيراً لهم».

وتابع اللواء علاء عز الدين محمود: «هذه الجماعات توهمت أنها تستطيع السيطرة على أجزاء من الأرض، خاصة بعد نجاح الإخوان في السيطرة على حكم مصر، وقد تنامى نفوذ تلك الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق ومصر (خاصة في سيناء) خلال عام حكم الإخوان لمصر، لا سيما عقب أن ترك لهم الرئيس الأسبق محمد مرسي المجال مفتوحاً وأفرج عن الكثير من الإرهابيين».

فرص الإرهاب

وتناول الباحث في شؤون الإسلام السياسي والجماعات الإرهابية ماهر فرغلي، تأثيرات ما يحصل، في كلمته الافتتاحية بالندوة، قائلاً إنه «في المرحلة الحالية يعتمد القاعدة على استراتيجية استخدام كيانات تكفيرية صغيرة»، متطرقاً إلى ما كتبه أحد قيادات التنظيم، ويدعى أبو مصعب السوري، والذي تحدث في كتاب له أن «القاعدة لا بد أن يكون له خلايا تسمى خلايا الإرهاب الفردي.

وهي كيانات صغيرة عابرة للحدود، ولا تحمل اسم القاعدة، مثل أنصار الشريعة في ليبيا وتونس، وشباب الإسلام في الصومال، وهذه الكيانات تعمل بطريقة لا مركزية، لكنها تحقق أهداف القاعدة من أجل السيطرة على بلدان عربية».

وأشار إلى أن لـ «القاعدة خططاً بديلة لإدارة الإرهاب في المنطقة، وهي أنه حال فشله في السيطرة على أراضٍ عربية لبناء دولته المنشودة، فإنه سوف يلجأ إلى خطة والإنهاك، أي إنهاك هذه الدول لتستطيع العناصر الإرهابية السيطرة عليها في ما بعد، عن طريق ضرب الاقتصاد والأمن».

وأكد فرغلي أن «المشكلة التي تواجه العالم العربي ليست مشكلة الجماعات الكبرى، لكن مشكلة الكيانات العابرة للحدود أو خلايا الإرهاب الفردي، التي يُطلق عليها وصف (الذئاب المتوحشة)، مثل أنصار بيت المقدس في مصر، وهي مجموعات بلا رأس، لكن تحاول أن تصل لتحقيق أهداف تنظيم القاعدة نفسه»، معتبراً أن تلك الجماعات تعد «الجيل الرابع من تنظيم القاعدة».

ليبيا وسوريا

وتطرق المشاركون في ندوة «البيان» بالقاهرة إلى الأزمة الليبية، على اعتبار أنها «واحدة من أشرس أزمات المنطقة مع أزمة سوريا والعراق»، فأكد اللواء علاء عز الدين، في البداية، على «عدم جدوى المقترحات المنادية بتدخل عسكري مصري لحل الأزمة وحماية أمن المنطقة»، مقترحاً اللجوء إلى «حل استخدام قوات فرض السلام».

وفي تصوره لحل الأزمة الليبية، قال العرابي: «ما زلت أميل للاقتراب غير المباشر من المشكلة، إذ لا بد أن تكون هناك محاولة لتجفيف كل مصادر الدعم المقدمة لكل الجماعات الإرهابية هناك».

ورصد فرغلي في مداخلته تعداد المجموعات الإرهابية التكفيرية المسلحة في ليبيا، مؤكداً أنه «وفق دراسة شخصية، فإن هناك نحو 13 تنظيماً، غير أن كل تلك التنظيمات ليست متفقة أيديولوجيا»، واصفاً تلك الجماعات الإرهابية التي ظهرت بأنها «جماعات انشطارية».

ومن الشأن الليبي إلى الأزمة المشتعلة في سوريا، راهن وزير خارجية مصر الأسبق في حديثه عن الشأن السوري على الدور المصري والسعودي في تلك الأزمة. واعتبر أن «من مصلحة الغرب «استمرار الأزمة السورية، إلا أنه لا يجب أن نقبل المعادلة الغربية، فاستمرار الأزمة يعد بيئة صالحة للإرهاب».

العراق و«داعش»

وبشأن الأزمة العراقية، رأى المدير السابق لمركز دراسات القوات المسلحة المصرية، أن «داعش لم ينتصر في العراق، إلا أن عدم وجود جيش قوي يتصدى له، كان السبب في تمدده على هذا النحو، لا سيما أن الجيش العراقي تم حله بعد الغزو الأميركي للعراق في 2003»، موضحاً أن «الضربات الجوية الأميركية لداعش، يضعف التنظيم لكن لا ينهيه، وسط مخاوف من استحواذ قوات البشمركة على الجزء الشمالي وتقسيم الدولة العراقية».

واستطرد: «داعش خلق في الأساس من أجل تقسيم العراق بمخطط غربي نحو شرق أوسط جديد، مع وعد حصلت عليه تركيا بأنه لن يقتطع من أراضيها أي جزء ينضم للدولة الكردية المتصورة، بحسب مخطط التقسيم، لأن تركيا منضمة لحلف الناتو، وميثاق الحلف لا يسمح بأي تهديد عسكري لدولة من دوله».

أما فرغلي، فقال: «أعتقد أن داعش بالحسابات النظرية سوف يستمر لفترة، لأن لديه أموالاً كثيرة جداً، وقوات تسيطر على مناطق عديدة، إلا أن عوامل الجغرافيا والتاريخ تقول إن فكره سوف ينهار»، فيما تحدث علاء عز الدين حول «التقارب مع الروس وإمكانية استثمار ذلك التقارب إيجابياً بما يخدم العراق، لا سيما أن العراق لديه من الإمكانات ما يساعده على إعادة الإعمار والبناء».

Email