صمود اتفاق التهدئة في يومه الأول

صورة نتانياهو تحطّمت وغزة تنهض من تحت الركام

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

في حين تنشغل الساحة الإسرائيلية بجدل الفشل، عادت بوادر حياة شبه طبيعية إلى قطاع غزة، حيث فتحت المحلات التجارية أبوابها، وخرج الصيادون بقواربهم إلى البحر. وأمضى الفلسطينيون في القطاع ليلة هادئة بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ وصموده.

ووقف عمال من بلدية غزة لتنظيف الشوارع وإزالة الركام، وبدأت شركة الكهرباء بإصلاح خطوط الكهرباء الرئيسة. وقال إيهاب أبو جبل، وهو في الثلاثينات من عمره، الذي عاد إلى منزله في حي الشجاعية شرق غزة بعدما دمرت أجزاء كبيرة منه بفعل القصف الإسرائيلي: «أملنا أن تستمر الهدنة.. لا يوجد شعب يتحمل الذي تحملناه بالحرب». وأكد أن الفلسطينيين حققوا نصراً، موضحاً: «سيكون لنا ميناء ومطار ومعابر ويرفع الحصار ونعيش حياة كريمة».

وصباح أمس، خرجت قوارب الصيد إلى البحر المتوسط بعد أن سمحت إسرائيل بالصيد على مسافة ستة أميال بحرية. وقال نزار عياش نقيب الصيادين في غزة: «لا يوجد أي تغيير، ولا يوجد أي جديد.. هي المسافة نفسها التي كان مسموحاً لنا أن نصيد بها قبل الحرب ولكننا تلقينا وعوداً بأنهم سيسمحون لنا بالصيد في مسافات أكبر من ستة أميال بحرية وصولاً إلى 12 ميلاً بحريا».

واعتبر الصياد أبو أحمد بصلة أنه «لم يتم تحقيق أي شيء جديد على الأرض. نحن غير متفائلين فالعدو عودنا على نقض وعوده».

وأضاف: «مقابل تضحياتنا يجب أن نحقق شيئاً ما، وأن يسمح لنا بالصيد لمسافات أكبر من ستة أميال». وأكد جواد عياد (50 عاماً) الذي عاد إلى منزله بعد أن أخلاه لـ 38 يوماً: «كانت أياماً صعبة عشناها مشردين. النصر من الله، ونشعر بأننا انتصرنا لأننا أصحاب حق».

وأردف: «نأمل أن تكون هذه الحرب هي الأخيرة. مررنا بأيام صعبة، ورغم الدمار فإننا انتصرنا».

جدل الفشل

وفي الجانب الآخر، قال المحلل في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية يوسي فيرتير إن «بنيامين نتانياهو الذي عمل أعواماً على بناء صورته، باعتباره الأول في مواجهة الإرهاب وقتاله وعدم الرضوخ له، سيكون مضطراً إلى بذل جهود كبيرة لإعادة بنائها، بعدما تحطمت».

بدورها، رأت زعيمة حزب «ميرتس» زاهافا غلؤون أن هذه الحرب «فشل استراتيجي لناتنياهو الذي خرج إلى الحرب من دون أهداف، وأنهاها وهو يمنح حركة حماس إنجازاً على حساب سكان الجنوب»، فيما قال رئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» السابق داني ياتوم إن «حماس احتفلت وكذلك غزة، لأنه كان هناك الكثير بيد إسرائيل تستطيع فعله ولم تفعله».

توضيح التفاصيل

أما رئيس جهاز الشاباك السابق يوفال ديسكن، فطالب نتانياهو بتوضيح تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار، قائلاً إن «من حق الإسرائيليين الاطلاع على الاتفاق أو التفاهمات التي أبرمت مع حركة حماس في القاهرة من أجل إنهاء الجرف الصامد» .

وكتب ديسكن في تغريدة له على حسابه في «تويتر» أنه «بعد 70 قتيلاً إسرائيلياً و50 يوماً من القتال ومن دون مناقشة ومصادقة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية على اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، أقول إن من حق الإسرائيليين الحصول على توضيح حول تفاصيل الاتفاق أو التفاهمات مع حماس، إن كانت هناك تفاهمات كهذه، ومن واجب المستوى السياسي إطلاعهم عليها».

حالة جدل

وأبرزت وسائل الإعلام الإسرائيلية حالة الجدل والأصوات العالية ضد نتانياهو. وذكرت أن الاتفاق المعلن الذي دخل حيز التنفيذ الليلة قبل الماضية عارضه نصف وزراء المجلس الوزاري المصغّر (مجلس الحرب)، إلا أن نتانياهو قرر أن يعطي موافقته على مسوّدة الاتفاق من دون مناقشتها والتصويت عليها في المجلس، واكتفى بإبلاغهم هاتفياً بعد التوصل للاتفاق.

وتقول المصادر إن أربعة وزراء عبروا عن معارضتهم لمسوّدة المبادرة المصرية، وهم: نفتالي بينيت، أفيغدور ليبرمان، إسحاق أهرونوفيتش وغلعاد أردن، حتى ان بينيت طالب بإجراء تصويت، ولم يلبّ طلبه، حيث أبرز مستشارو نتانياهو «فتوى قانونية» من المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية يهودا فاينشطاين، مفادها أنه ليس إلزامياً إجراء التصويت.

خيبة أمل

كذلك، كتب المحلل شيمون شيفر في صحيفة «يديعوت أحرونوت » إنه «بعد 50 يوماً من الحرب التي قتل فيها تنظيم إرهابي عشرات الجنود والمدنيين وقضى على الروتين اليومي ووضع البلاد في محنة اقتصادية، كنا نتوقع أكثر من إعلان وقف إطلاق النار». وأضاف: «كنا نتوقع أن يذهب رئيس الوزراء إلى مقر الرئيس ويبلغه بقرار الاستقالة من منصبه».

تحقق الأهداف

وطوال فترة العدوان، ظلت إسرائيل تردد أنها وجهت ضربة لحركة حماس بقتل عدد من قادتها العسكريين وتدمير الأنفاق، لكنها في الوقت ذاته ظلت تتعرض لإطلاق الصواريخ، ما تسبب في نزوح جماعي من المستوطنات المحاذية لغزة وضرب عصب الحياة اليومية لـ «عاصمتها» التجارية «تل أبيب».

قتال متردّد

انتقد الوزير عوزي لانداو من حزب «اسرائيل بيتنا» بشدة الأداء الإسرائيلي خلال العدوان، وقال في مقابلة إذاعية إن «إسرائيل دخلت المعركة بتردد، وانجرت وراء التحركات القتالية، وخلقت انطباعاً وكأنها تريد الهدوء بكل ثمن، وكأنها غير مستعدة لخوض القتال، ما قلص قدرتنا على الردع».

 ورأى أن إسرائيل لم تفلح في الاستفادة من «الدعم الدولي الكبير» الذي حصلت عليه في بداية العملية.

Email