مسار التسليح الأوروبي للأكراد يمر من بغداد.. والبيشمركة تستعيد بلدة

فرنسا تحشد لائتلاف دولي ضد «داعش»

قوات تابعة للبيشمركة في منطقة سد الموصل بعد طرد داعش رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

(جرافيك)

 

دعت فرنسا أمس إلى عقد مؤتمر دولي يبحث في وضع «استراتيجية عالمية» تتصدى لتنظيم «الدولة الإسلامية - داعش» في العراق وسوريا، تضم دول مجلس الأمن الدولي الدائمة العضوية ودول المنطقة، بما فيها إيران، إذ من المقرر بحث سياسة تمتد إلى الجانب الاجتماعي، بتجفيف الدعم الذي يحظى به المتشددون من السكان، معتبرة أن الوضع الدولي هو «الأخطر» منذ عام 2001. وفيما حسمت ألمانيا الجدل بإعلانها الاستعداد لتزويد أكراد العراق بالأسلحة، فإن أصواتاً أوروبية باتت تشدد على أن مسار تسليم هذا الدعم يجب أن يمر من بغداد، وليس مباشرة إلى إقليم كردستان، في وقت طردت قوات البيشمركة مقاتلي «داعش» من منطقة استراتيجية، مقلصة بذلك خطر التنظيم على أربيل، وسط تواصل الغارات الجوية الأميركية.

 

ودعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس إلى عقد مؤتمر دولي، لبحث سبل التعامل مع مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية الذين استولوا على مساحات واسعة في العراق وسوريا.

استراتيجية عالمية

ولم يفصح هولاند، في تصريحات نشرتها صحيفة «لوموند»، عن توقيت عقد الاجتماع أو المشاركين فيه، ولكنه أشار إلى الحاجة إلى استراتيجية عالمية لمحاربة المتشددين. وقال للصحيفة: «لم يعد بإمكاننا مواصلة النقاش التقليدي بشأن التدخل أو عدم التدخل». وأضاف: «لا بد أن نتوصل إلى استراتيجية عالمية، لمحاربة هذه الجماعة المنظمة التي تملك قدرة تمويلية كبيرة، وأسلحة متطورة جداً، وتهدد دولاً مثل العراق وسوريا ولبنان».

وكانت الرئاسة الفرنسية نشرت نصاً للمقابلة مختلفاً قليلاً عن تصريحات هولاند للصحيفة. وقال نص الرئاسة إن الرئيس الفرنسي سيقترح «مبادرة» حول الأمن في العراق، ومحاربة التنظيم المتشدد، ابتداء من سبتمبر المقبل.

وأعلنت فرنسا الأسبوع الماضي تزويد الأكراد العراقيين «أسلحة متطورة».

ورداً على سؤال عن خطر أن يؤدي ذلك إلى تسريع إعلان الأكراد استقلالهم، أكد هولاند أنه «حرص على أن يجري تسليم هذه الأسلحة باتفاق كامل مع سلطات بغداد، حتى لا يكون هناك أي شك في استخدام هذه الوسائل، وأن يبقى الإطار هو وحدة العراق».

وتابع: «أعتبر أن الوضع الدولي اليوم هو الأخطر منذ 2001، وعلى العالم أن يدرك ذلك».

تحرك مشترك

بدوره، أعرب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن أمله في تحرك دول المنطقة كافة، ومن ضمنها إيران، إضافة إلى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، معاً ضد «داعش».

وأضاف، في تصريحات أمام برلمانيين، أن هذا المؤتمر يفترض أن يسمح «باتخاذ سلسلة إجراءات في المجال الاستخباراتي والمجال العسكري»، وباتخاذ تدابير «لقطع موارد» تنظيم الدولة الإسلامية. وبعد أن أقر بأن هذه الجماعة تتصرف كما لو أنها «دولة حقيقية» في المناطق التي تستولي عليها، اعتبر أيضاً أنه من الضروري «القيام بتحرك على المستوى الاجتماعي، لقطع الدعم» الذي يمكن أن يحظى به التنظيم بين السكان.

وأكد فابيوس، أثناء جلسة استماع أمام البرلمانيين: «نعتبر أن خطورة هذه الجماعة الإرهابية وطبيعتها تجعلانها مختلفة عن سواها. أمامنا مشروع تدميري، اليوم العراق. لكن الخلافة تعني كل المنطقة، وما بعد المنطقة، إنها بالطبع أوروبا». وتحدث عن شحنات الأسلحة إلى المقاتلين الأكراد، فأكد أنه يجب القيام بكل شيء، «انسجاماً مع قرار الحكومة العراقية». وقال: «من غير الوارد القيام بأمور من وراء ظهر الحكومة المركزية. أكان الأمر يتعلق بالأسلحة والمساعدات الإنسانية، يجب القيام بالأمور معاً».

ألمانيا تسلح

في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن حكومته مستعدة لتزويد أكراد العراق بالأسلحة «في أسرع وقت ممكن».

وقال خلال مؤتمر صحافي: «نريد أن نقوم بذلك بكمية من شأنها تعزيز قدرة الأكراد الدفاعية»، مشيراً إلى مخاطر حدوث «كارثة»، قد يكون لها نتائج مدمرة على باقي العالم.

وأشار شتاينماير إلى أن ألمانيا سترسل في البداية المساعدات الإنسانية والمعدات العسكرية غير القاتلة، مثل الخوذ والآليات المدرعة، في حين ستدرس حاجات القوات الكردية بالتعاون مع شركاء ألمانيا الأوروبيين.

ومن جهتها، قالت وزيرة الدفاع أورسولا فون دير ليان في المؤتمر إنه ستتم دراسة حاجات القوات الكردية والوسائل الألمانية، لإرسالها خلال الأيام المقبلة، ومن المفترض أن تصدر النتائج الأولية لتلك الدراسة الأسبوع المقبل.

«نصائح» إيرانية

من جهته، أكد نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام المحلية، أن إيران قدمت «نصائح» للأكراد العراقيين ضد «داعش».

وقال عبد اللهيان: «قدمنا مساعدة سياسية ونصائح إلى الحكومة العراقية، وفعلنا الأمر نفسه في كردستان العراق».

وأضاف أن إيران ليس لها وجود عسكري، «لا في سامراء، ولا في بغداد، ولا في منطقة كردستان العراق». وتابع: «أننا لم نرسل أسلحة، لكننا قدمنا نصائح، وتقاسمنا تجاربنا مع حكومة بغداد وكردستان العراق».

ضربات جوية

ميدانياً، وجهت القوات الأميركية ضربات جديدة إلى تنظيم «داعش»، بعد بث شريط فيديو، يظهر قطع رأس صحافي أميركي، مع التهديد بقتل آخر إن استمر القصف.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي: «بدون أن أدخل في التفاصيل، يمكنني أن أؤكد أن ضربات جديدة تتم».

في السياق، أفادت مصادر في البيشمركة الكردية أن مسلحي «داعش» انسحبوا من إحدى المناطق التي كانوا يحتلونها لمصلحة قوات البيشمركة غربي مدينة الموصل.

وأوضحت المصادر: «شهدت ناحية سحيلة القريبة من محافظة زاخو الكردستانية شمال غربي الموصل انسحاب قوات الدولة، بعد أن كانت قد شهدت اشتباكات عنيفة، انتهت بسحب كل العناصر المسلحة بعد تمركزهم في ناحية سحيلة التي تربط زمار بمحافظة دهوك وزاخو». من جهة أخرى، شهدت ناحية زمار اشتباكات عنيفة بين المسلحين والبيشمركة بمساندة المقاتلات الأميركية.

 

جسر جوي

قالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن جسراً جوياً لنقل المساعدات الإنسانية إلى شمالي العراق، بدأ الآن في مستهل عملية تستمر عشرة أيام، لتقديم خيام ومساعدات أخرى إلى نصف مليون شخص يكافحون من أجل البقاء.

وقالت المفوضية التي تتخذ من جنيف مقراً لها، في بيان، إن طائرة شحن من الأردن هبطت في أربيل، عاصمة إقليم كردستان شبه المستقل، تحمل 100 طن من الإمدادات الطارئة. وأضافت أن هناك ثلاث رحلات أخرى مزمعة في الأيام المقبلة، ومساعدات في الطريق من البر والبحر، ومن المقرر أن تصل 175 شاحنة عن طريق تركيا والأردن وإيران. ومن المتوقع تسليم نحو 2410 أطنان من الإمدادات في الفترة بين الآن وبداية سبتمبر.

وقال رئيس المفوضية أنتونيو جوتيريس: «هذه عملية إمداد ضخمة».

Email