الوفد الفلسطيني الموحّد في القاهرة متسلّح بصنيع المقاومة في غزة والهبة الشعبية في الضفة

توقعات بحرب استنزاف طويلة بعد تعثر مفاوضات القاهرة

حريق في منزل تعرض للقصف ببيت لاهيا رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

معادلة صعبة على أرض الواقع يفرضها التعثر الواضح لمباحثات القاهرة بعد الإصرار الإسرائيلي على عودة مشروطة للمفاوضات، مقرونة بهدنة جديدة ترفضها فصائل المقاومة الفلسطينية والوفد الفلسطيني المفاوض ما لم تتسلم رداً إسرائيلياً مبدئياً على قبول مطالبها.

في وقت يحاول الوسيط المصري انتزاع تنازلات من الجانبين مع ضمان نصر للمقاومة، إلا أن المؤشرات توحي بأن نهاية هذا الدوران في حلقة مفرغة الوقت فيها من دم، ستنتهي بانفجار جديد لأوضاع.

وعودة الوفد الفلسطيني المرتقبة من القاهرة إلى رام الله ما لم يتسلم رداً إسرائيلياً على مطالبه تعني إعلان فشل المفاوضات، واستمرار العدوان على غزة، عنوانه حمم نارية تحرق الأخضر واليابس في القطاع الذي رغم ما أبدته فصائل المقاومة من بسالة وقدرة على المواجهة إلا أن الدمار والخراب والموت الذي وقع عليه والذي ينتظره في الفترة القادمة لحين العودة للمفاوضات لا يمكن تصوره.

توافق إسرائيلي

وتوافق وزراء حكومة إسرائيل على استمرار العدوان ورفض المفاوضات «تحت النيران»، لكنهم اختلفوا في كيفية استمرار العملية وسط دعوات بإعادة احتلال قطاع غزة، عرابها وزير الخارجية افيغدور ليبرمان بقوله «الحد الأدنى لمطالب حماس أكثر بكثير من الحد الأعلى الذي يمكن لإسرائيل أن توافق عليه»، داعياً «هزيمة حماس بشكل كامل وتنظيف قطاع غزة»، على حد تعبيره.

ويوافقه في ذلك أيضاً الوزير غلعاد أردان عضو مجلس الحرب «الكابينيت» الذي رأى اللحظة التي يجب فيها اتخاذ قرار حاسم قد حانت «حتى لو كان هذا القرار هو إعادة احتلال غزة وإنهاء حكم حماس مع كل الثمن الذي سندفعه جراء ذلك» على حد قوله.

وحدة فلسطينية

إلا أن المحللين الفلسطينيين وحتى الإسرائيليين انفسهم يرون سيناريو «حرب الاستنزاف» على اختلاف مسمياته هو الأقرب إلى التوقعات من إقدام إسرائيل على إعادة احتلال غزة، طالما أن غالبية صناع القرار في إسرائيل لا يدعمون هذا الخيار لما ينطوي عليه من خطورة بالنسبة لإسرائيل.

وفيما تتجه الأصوات في إسرائيل بعيداً عن طاولة المفاوضات وتصب في خانة استمرار العدوان، تجد القيادة الفلسطينية نفسها مضطرة إلى البحث في خياراتها وترتيب توقيتها بشكل دقيق وسريع، في إطار خطة يعتقد المراقبون أنها ستكون موحدة، طالما أن الفصائل الفلسطينية مجتمعة نجحت في نسج تفاهمات بينها وحافظت على وحدتها في القاهرة خلف المطالب الفلسطينية، متسلّحة بصنيع المقاومة في غزة والهبة الشعبية في الضفة.

وهو ما نقل الوحدة الفلسطينية من بنود على الطاولة إلى إجراءات على الأرض، واستبدل المصالحة غير المكتملة بعناق وطني ميداني في ساحة المواجهة العسكرية والشعبية ضد آلة الحرب الإسرائيلية من جهة والسياسية التفاوضية ضد التعنت الإسرائيلي في القاهرة من جهة أخرى .

خيارات مفتوحة

وحول الخيارات الفلسطينية المفتوحة الأخرى إلى جانب استمرار المقاومة العسكرية في غزة، يشير المحلل السياسي محمد جمال في حديثه لـ «البيان» إلى خيار تحول الهبة الشعبية في الضفة إلى انتفاضة شعبية، فضلاً عن اضطرار القيادة السياسية التي تأخذ اجراءات مثل وقف التنسيق الأمني أو سحب الاعتراف بإسرائيل، أو التلويح بنيتها القيام بذلك، بالإضافة إلى متابعة الانضمام للمؤسسات الدولية بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية.

وفي ذات السياق أشار المحلل السياسي سعيد الداوود إلى ضرورة استغلال الأجواء التي تحققت حتى الآن المتمثلة في «الوحدة الحقيقية» وعدم الاكتفاء بالوفد الفلسطيني المشكل في القاهرة كخيار وحيد، داعياً إلى المضي قدماً في الدعوة الفورية لعقد اجتماع الإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير الذي أعلنت القيادة الفلسطينية عنه قبل عشرة أيام، ولكن تمضي الأيام دون عقده.

وتابع الداوود مشدداً على ضرورة إعادة تشكيل الحكومة أو إجراء تعديلات عليها لتكون بمستوى التحديات الجديدة التي طرحها العدوان، وأضاف: «وغير ذلك من الخطوات التي يمكن أن تشكل إنجازات حقيقية تقوي الموقف الفلسطيني بحيث لا ينحصر البحث فقط في مسألة وقف إطلاق النار وتعليق الآمال على ما يجري في القاهرة.

بل يجب أن يكون هناك تحرك يومي على كل المستويات ومن كل المستويات بشكل متوازٍ، لأن تحقيق المطالب الفلسطينية ليس أمراً سهلاً لكنه ليس مستحيلاً».

المعادلة الصعبة

وحول نهاية هذه المعادلة الصعبة المترنحة بين فشل تفاوضي وعودة للنار يرى المحلل السياسي محمد ضراغمة في حديثه لـ «البيان» أن حركة حماس تبحث عن إنجاز على طاولة المفاوضات وإسرائيل ترفض منحها إياه.

 وإسرائيل تبحث عن إنجاز ترفض حماس منحها إياه، مضيفاً «لذلك ستكون هناك دوماً مفاوضات طويلة وشاقة ودموية تنتهي إما بالعودة إلى تفاهمات 2012 مع فتح مصر لمعبر رفح، وهو ما سيعتبره كلا الطرفين إنجازاً أو الوصول إلى وقف إطلاق نار إسرائيلي من جانب واحد تضطر حماس إلى التزام غير معلن به وتواصل معركتها السياسية لرفع الحصار عبر الرئيس محمود عباس ومصر».

Email