أول تدخل لواشنطن ضد التنظيم.. وفرنسا مستعدة للمشاركة.. وشكوك حول فاعلية الضربات

طائرات أميركية تقصف موقعاً لـ«داعش» قرب أربيل

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد طول ترقب ونفاد خيارات إقليم كردستان العراق في التصدي لتنظيم «الدولة الإسلامية- داعش»، شنت طائرات أميركية غارة جوية على موقع للتنظيم على مشارف أربيل بعد إجازة الرئيس الأميركي باراك أوباما توجيه ضربات عسكرية «محدودة» وهي الأولى من نوعها ضد «داعش» منذ ظهورها.

وفيما أبدت فرنسا استعدادها «للقيام بدورها كاملاً» إلى جانب الأميركيين، أثنت بريطانيا على الخطوة الأميركية إلا أنها رفضت المشاركة.

ورغم الهالة الإعلامية التي رافقت الضربة «الوحيدة» غير أنها لم تحقق أي تغير في مسار المعركة على خلاف ما تأمله أربيل وبغداد، بل إن المتطرفين استولوا على موقع نفطي مجاور لأربيل بعد الضربة، أما على الجانب الإنساني، ألقت طائرات أميركية مساعدات غذائية على جبل سنجار الذي يعتصم فيه آلاف المحاصرين من قبل المتطرفين.

وقصفت طائرات أميركية مواقع للجهاديين في شمال العراق للمرة الاولى منذ انسحاب القوات الأميركية عام 2011، ما يمكن ان يشكل نقطة تحول في ازمة مستمرة منذ شهرين بعد سيطرة مقاتلين جهاديين على مناطق في شمال العراق وتهجير اعداد كبيرة من المسيحيين والايزيديين.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الأميرال جون كيربي ان مقاتلتين اميركيتين قصفتا في الساعة 13،45 (10،45 تغ) بقنبلتين تزن الواحدة 250 كيلوغراماً مدفعا متحركا لتنظيم الدولة الإسلامية كان قصف مواقع للقوات الكردية في اربيل.

وقال مسؤولون عسكريون ان الضربة وجهت من حاملة الطائرات الأميركية «جورج إتش.دبليو. بوش». وفي يونيو أمر «البنتاغون» السفينة بالتوجه إلى الخليج استعدادا لأي عملية عسكرية محتملة في العراق.

إجازة الضربة

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أجاز فجر امس توجيه ضربات جوية محدودة على العراق لحماية المسيحيين والحيلولة دون وقوع «إبادة جماعية» ضد عشرات الآلاف من طائفة الإيزيدية ممن يحتمون بقمة جبل خوفاً من مقاتلي الدولة الإسلامية. وقال أوباما: «في وقت سابق من الأسبوع صرخ عراقي في المنطقة المحاصرة للعالم قائلا: ما من أحد ليساعدنا. اليوم أميركا جاءت للمساعدة». وأضاف: «يمكننا ان نعمل بحرص ومسؤولية لمنع عمل محتمل للابادة الجماعية».

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن تقدم «الدولة الإسلامية» ينذر بإبادة جماعية وإن المخاطر بشأن مستقبل البلاد لا يمكن أن تصبح أكثر وضوحاً.

وقال كيري خلال زيارة للعاصمة الأفغانية كابول: «حملة ارهاب تنظيم الدولة الإسلامية على الأبرياء ومن بينهم الأقلية المسيحية وأعمال العنف الفظيعة تحمل كل نذر الإبادة الجماعية».

فرنسا وبريطانيا

في السياق، اعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان ان الرئيس فرنسوا هولاند «يشيد بالقرار المهم الذي اتخذه الرئيس اوباما بالسماح بضربات جوية محددة الهدف لمواجهة الدولة الإسلامية والقيام بجهد انساني عاجل وملح».

وأضاف البيان: «ستدرس فرنسا مع الولايات المتحدة ومجمل شركائها التحركات التي يمكن القيام بها لكي نقدم معا كل الدعم اللازم لإنهاء معاناة السكان المدنيين. وهي مستعدة للقيام بدورها كاملا في هذا الإطار».

أما بريطانيا، فأعلن رئيس وزرائها ديفيد كاميرون اشادته بقرار اوباما لكنه اكد في المقابل ان «التدخل العسكري» البريطاني «غير مطروح».

وأوضح كاميرون الذي يمضي اجازة في البرتغال في بيان: «اشيد بقرار الرئيس اوباما الموافقة على طلب مساعدة الحكومة العراقية وشن ضربات جوية محددة، اذا كان ذلك ضروريا، لتقديم العون للقوات العراقية في معركتها ضد الإرهابيين من الدولة الإسلامية لتحرير المدنيين المحاصرين في جبل سنجار».

تفاؤل عراقي

في الأثناء، توقع رئيس اركان الجيش العراقي بابكر زيباري بعد هذا القصف ان تشهد بلاده «تغيرات كبيرة خلال الساعات القادمة». وقال زيباري لوكالة «فرانس برس»: «الساعات القادمة ستشهد تغيرات كبيرة. الطائرات الأميركية بدأت بضرب تنظيم داعش في جنوب مخمور وأطراف سنجار».

وأشار إلى ان «العملية ستشمل مدناً عراقية تخضع لسيطرة تنظيم داعش». وأوضح زيباري انه تم «تشكيل غرفة عمليات تجمع ضباطا من الجيش العراقي والبشمركة (الكردية) وخبراء من القوات الأميركية، لتحديد الأهداف وتطهير المناطق بمشاركة (مروحيات) طيران الجيش» العراقي.

نتيجة غير مشجعة

وأثيرت تساؤلات بسرعة في واشنطن حول ما إذا كانت الهجمات الأميركية الانتقائية على مواقع المسلحين وإسقاط المساعدات الإنسانية كافية لتغيير التوازن على أرض المعركة ضد قوات الدولة الإسلامية.

وقال السناتور الجمهوري لينزي جراهام في تغريدة على موقع «تويتر» عقب إعلان أوباما: «أنا أؤيد تماما المساعدات الإنسانية فضلا عن استخدام القوة الجوية... ومع ذلك فإن الإجراءات التي أعلنت الليلة لا تحول دفة المعركة».

وكان الوضع العام في أربيل أمس هادئا لكنه مثير للقلق. وقال أحد السكان إن بعض السكان عادوا إلى ديارهم بعد أن تركوها خوفا من تقدم الإسلاميين.

إلا أن ثمار الضربات لم تؤت بالنتائج المرجوة، حيث أعلن المتشددون عن سيطرتهم على حقل خارز النفطي قرب أربيل بعد الضربة الأميركية.

ويقول مراقبون إنه في حال لم تكن الضربات الأميركية فعالة وكثيفة، فإن مفعولها سيكون سلبياً حيث يضطر مقاتلو البشمركة إلى إخلاء المواقع الأمامية لإتاحة المجال للضربات، إلا أن ما حدث في حقل خارز هو أن المتشددين وجدوا الطريق سالكاً من دون أي عوائق.

مساعدات جوية

أما الجانب الإيجابي في التدخل الأميركي كان على الجانب الإنساني ولو أن مفاعيله لم تظهر بعد عمليا، وبدأ إسقاط مواد إغاثة على اللاجئين الايزيديين المحاصرين في جبل سنجار. وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن الطائرات ألقت 72 حزمة من الإمدادات بما في ذلك ثمانية آلاف وجبة طعام جاهزة وآلاف من جالونات مياه الشرب للمدنيين المهددين قرب سنجار.

وفي بغداد قال النائب الايزيدي محما خليل لـ«رويترز» إن ما يصل إلى 250 ألف ايزيدي فروا من الإسلاميين وإنهم في حاجة ماسة إلى مساعدات لانقاذ حياتهم. وقال خليل وهو على اتصال بالايزيديين على جبل سنجار: «سمعنا من وسائل الإعلام عن المساعدات الأميركية لكن لا شيء على أرض الواقع».

وأضاف أن المواد الإغاثية التي وصلت إلى المنطقة حتى الآن غير كافية بالمرة. وقال عدة مرات: «انقذونا! انقذونا! اغيثونا! اناسنا في الصحراء وهم معرضون لإبادة جماعية».

مجلس الأمن

دان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الهجمات التي شنها مؤخرا متشددو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق ودعا المجتمع الدولي إلى دعم العراق حكومة وشعبا.

وقال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن للشهر الحالي مارك ليال جرانت: «يناشد اعضاء مجلس الأمن المجتمع الدولي دعم حكومة وشعب العراق وبذل كل ما في وسعه لتخفيف معاناة السكان المتضررين من الصراع الحالي في العراق».

وهذا هو البيان الثالث للمجلس في ما يتعلق بالهجمات التي يشنها تنظيم الدولة الإسلامية الذي يعتبر أكثر تطرفاً من القاعدة. نيويورك- رويترز

Email