باريس تعرض دعماً عسكرياً.. وواشنطن مترددة.. ومقاتلات تركية تراقب خطوط الاشتباكات

استنفار دولي لوقف تمدد «داعش» إلى كردستان

مقاتلان من البيشمركة على خطوط الاشتباك مع تنظيم داعش في سهل نينوى رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

انسحبت قوات البيشمركة من خطوط الاشتباكات المتقدمة أمس وفقدت مناطق واسعة في سهل نينوى حيث بات مقاتلو تنظيم «الدولة الإسلامية – داعش» على أبواب عاصمة الإقليم أربيل، وسط موجة نزوح هي الأكبر، بلغت أكثر من 100 ألف شخص خلال الساعات الـ24 الماضية غالبيتهم من المسيحيين والإيزيديين.

 وأمام هذا الانهيار المفاجئ لكردستان، أطلقت فرنسا ناقوس الاستنفار الدولي ودعت إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي كما عرضت تقديم الدعم للقوات المدافعة عن كردستان، إلا أن الولايات المتحدة أظهرت تردداً في تأكيد تقارير تحدثت عن بحث واشنطن توجيه ضربات عسكرية لفك الحصار عن عشرات الآلاف من المحاصرين في جبل سنجار، واكتفت بالقول إن الوضع «يقترب من الكارثة»، فيما حلقت طائرات حربية تركية فوق خطوط المواجهة بين قوات البيشمركة ومسلحي تنظيم داعش، مشيرة الى أن تحركات الطائرات التركية تهدف الى مراقبة الأوضاع الميدانية.

في تفاصيل المشهد العراقي الكردي، حقق تنظيم «داعش» تقدما باتجاه عاصمة إقليم كردستان مما دفع عشرات الآلاف من المسيحيين إلى الفرار بحياتهم من هجوم يثير قلق حكومة بغداد والقوى الإقليمية.

وشاهد مصورون من وكالة «رويترز» مقاتلين في تنظيم الدولة الإسلامية يسيطرون على نقطة تفتيش عند المنطقة الحدودية لكردستان على بعد 30 دقيقة بالسيارة من مدينة اربيل حيث يعيش 1.5 مليون شخص ويوجد مقر حكومة اقليم كردستان.

وسيطر المتشددون على قرقوش أكبر بلدة مسيحية في العراق فهرب الكثير من سكانها خوفاً من اجبارهم على الاذعان لمطالب المسلحين التي أعلنوها في مناطق أخرى استولوا عليها وهي إما المغادرة أو اعتناق الاسلام أو الموت. وأعلن بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم لويس ساكو وهو ابرز رجل دين مسيحي في العراق لوكالة «فرانس برس» ان «نحو مئة ألف مسيحي نزحوا بملابسهم وبعضهم سيراً على الاقدام للوصول إلى مدن أربيل ودهوك والسليمانية الكردية»، محذراً من انهم يواجهون خطر الموت في حال عدم تأمين الطعام والمأوى لهم.

ويقع قضاء تلكيف ذو الأغلبية المسيحية 20 كيلومتراً شمال الموصل وهو من الأقضية المتنازع عليها وكان تحت سيطرة قوات البيشمركة. وأفاد شهود عيان في محافظة نينوى، بأن عناصر مسلحة توغلت في ناحية الكوير شرقي الموصل.

15 بلدة

وقالت الجماعة المتشددة في بيان عبر حسابها على تويتر ان مقاتليها استولوا على 15 بلدة وعلى سد الموصل الاستراتيجي المقام على نهر دجلة وقاعدة عسكرية في هجوم مستمر بدأته مطلع الاسبوع. ويقول مسؤولون أكراد ان قواتهم ما زالت تسيطر على السد. وقال شاهدان لوكالة «رويترز» عبر الهاتف إن مقاتلي الدولة الإسلامية رفعوا العلم الأسود للتنظيم فوق السد الذي قد يسمح لهم بإغراق مدن رئيسية أو قطع امدادات الماء والكهرباء.

وتسبب هذه التراجع لقوات البيشمركة بنزوح مئات آلاف من الايزيديين والتركمان الشيعة الذين علقوا في العراء في جبل سنجار منذ عدة ايام، دون اكل ولا ماء. وعلى الرغم من تنسيق البيشمركة مع اكراد الاتراك والسوريين، لاستعادة مناطق سنجار وزمار، الا ان ذلك لم يفض حتى الآن الى تحرير هذه المناطق.

من جهة، اخرى قتل ثمانية اشخاص على الاقل واصيب العشرات بتفجير سيارة مفخخة استهدفت مسجداً شيعياً يأوي عشرات النازحين وسط مدينة كركوك، حسبما افادت مصادر امنية واخرى طبية.

حصار سنجار

إنسانياً، قال ناطق باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ان بعضاً من عدة آلاف محاصرين في جبل سنجار تم انقاذهم في الساعات الاربع والعشرين الماضية مضيفا ان 200 ألف فروا من القتال. وقال احد النازحين من سكان مدينة سنجار ذات الغالبية الايزيدية ان عدداً قليلاً من النازحين المحاصرين في الجبل تمكنوا من الفرار الى الحدود السورية والتركية، لكن عناصر الدولة الاسلامية قطعوا الطريق على الباقين وقتلوا عددا من الفارين وعاد الاخرون للاختباء في الجبل.

الموقف الأميركي

سياسياً، ندد البيت الابيض بشدة بالهجوم الاخير للمتشددين. وقال الناطق باسم البيت الابيض جوش ايرنست: «نعمل في شكل مكثف مع الحكومة العراقية لمساعدتها في مواجهة الوضع الانساني»، مضيفا ان ما يقوم به الجهاديون «فاقم ازمة انسانية هي اصلاً حرجة والوضع قريب من كارثة انسانية».

لكنه رفض الحديث عن توجيه ضربات محتملة او استخدام طائرات اميركية لايصال المواد الغذائية والادوية الى الاشخاص المتضررين. واكدت صحيفة «نيويورك تايمز» ان الرئيس الاميركي يدرس امكان توجيه ضربات جوية او إلقاء مواد غذائية او ادوية بواسطة مظلات بهدف اغاثة عشرات آلاف العراقيين المهددين بالموت على ايدي الجهاديين المتطرفين.

تحرك فرنسي

وفي التطور الأبرز سياسياً، اكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في اتصال هاتفي مع نظيره في كردستان العراق مسعود بارزاني ان فرنسا مستعدة «لتقديم الدعم» للقوات التي تقاتل جهاديي الدولة الاسلامية، بحسب ما نقل الاليزيه.وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان ان «رئيس الجمهورية اكد استعداد فرنسا لتقديم الدعم للقوات التي تخوض هذه المعركة» من دون تحديد طبيعة هذا الدعم.

وشدد هولاند على «عزم فرنسا على مواصلة جهودها على الصعيد الدولي لمساعدة سلطات كردستان سواء في تحركها ضد مجموعة الدولة الاسلامية الارهابية او للتعامل مع وضع السكان المدنيين النازحين او المهددين». في الأثناء، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان فرنسا «قلقة جداً من التقدم الذي احرزه تنظيم الدولة الاسلامية في شمال العراق والسيطرة على مدينة قرقوش اكبر مدينة مسيحية في العراق والتجاوزات غير المقبولة التي ترتكب».

وقال فابيوس للصحافيين في باريس: «أمام خطورة الوضع الذي يشكل المدنيون والأقليات الدينية أولى ضحاياه، تطلب فرنسا اجتماعاً عاجلاً لمجلس الامن الدولي لكي يتحرك المجتمع الدولي لمواجهة التهديد الارهابي في العراق وتقديم المساعدة والحماية للسكان المهددين».

طائرات تركية

في غضون ذلك، كشفت صحيفة «صباح» التركية، أن طائرات حربية تركية تجوب الأجواء العراقية في خطوط المواجهة بين قوات البيشمركة ومسلحي تنظيم داعش، مشيرة الى أن تحركات الطائرات التركية تهدف الى مراقبة الأوضاع الميدانية. وقالت الصحيفة في تقرير لها إن «عدداً من الطائرات التركية من نوع (إف 16) التركية وطائرات بدون طيار تجوب فوق سماء خطوط المواجهة فوق سماء إقليم كردستان لمراقبة الوضع الميداني».

إجلاء شركات

قالت شركة «شيفرون» إنها تجلي عمالاً من منطقة كردستان العراق مع تقدم مقاتلي جماعة الدولة الإسلامية بالمنطقة.

وقالت الشركة إنها سحبت عمالاً مغتربين من كردستان عقب مراجعة بشأن السلامة. ولم يتضح على الفور ما إذا كانت الشركة قد سحبت جميع العمال أم بعضهم فقط من المنطقة الغنية بالنفط. وتأتي خطوة «شيفرون» عقب إجراءات مماثلة من «إكسون موبيل» وشركات أخرى منتجة للخام في المنطقة. أربيل - رويترز

Email