ترحيب في مفاوضات القاهرة بالتهدئة ودعوات إلى تثبيتها

انسحاب جيش الاحتلال يكشف أهوال الدمار في غزة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

 

ساد الهدوء محافظات قطاع غزة بعد نحو شهر من بدء العدوان الإسرائيلي إثر الاتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين على تهدئة لمدة 72 ساعة لقيت ترحيباً عربياً ودولياً واسعاً، وفيما سحب جيش الاحتلال قواته كافة من القطاع بعد إعلانه إنهاء مهمة تدمير الأنفاق، بدأت تتكشف أهول الدمار والفظائع التي خلفتها آلة الحرب الإسرائيلية على جميع قطاعات الحياة. وارتفعت حصيلة 29 يوم من العدوان إلى 1885 شهيداً ونحو 9567 جريحاً كما دمر نحو 1080 منزلا ومسجداً جراء 7200 غارة إضافة إلى قصف مدفعي وبحري إسرائيلي.

وقبل دقائق على بدء العمل بالتهدئة تعرضت مناطق مختلفة من قطاع غزة لغارات إسرائيلية فيما سقطت صواريخ أطلقتها المقاومة الفلسطينية على نحو 10 مدن إسرائيلية كما أعلنت ناطقة باسم الجيش الإسرائيلي وناطق باسم «حماس». كما استشهد فلسطينيان صباح أمس متأثران بجراح أصيبا بها سابقاً، وفق المصادر الفلسطينية.

التزام وانسحاب

وبعد إعلان التهدئة، قال الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري في تصريح لوكالة فرانس برس: «دخلت التهدئة حيز التنفيذ عند الساعة الثامنة صباحاً والفصائل الفلسطينية تؤكد التزامها وندعو الاحتلال إلى الالتزام وعدم العودة لخرقها».

من جهته، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس انسحابه الكامل من القطاع. وقال الناطق باسم الجيش الجنرال موتي الموز: «كان هناك عدد من القوات في الداخل... ولكنها غادرت بأكملها من قطاع غزة». واعتبر أن مهمة تدمير الأنفاق انتهت. غير أنه حذر من أن الجيش سيرد على أي هجوم انطلاقاً من قطاع غزة.

مناطق منكوبة

واستطاعت قوات الإغاثة والإسعاف الوصول إلى المناطق المنكوبة، للبحث عن المزيد من الجثث التي قد تكون تحت الأنقاض، وهو ما قد يرفع حصيلة الشهداء الفلسطينيين في هذه الحرب.

بالتزامن عاد الآلاف إلى أحيائهم لتفقد إن كانت منازلهم لا زالت موجودة أو تحولت إلى ركام. واصطدمت بهول الدمار الذي وجدته حيث سويت أحياء كاملة بالأرض.

وفي بيت حانون (شمال) لم يجد رفعت المصري، الأب لخمسة أطفال، سوى حطام منزله. ويقول: «لقد عملت 40 عاماً لبناء هذا المنزل. لقد دمر بالكامل. لم يبق أي شيء». أما في الشجاعية فقال أب لثلاثة أطفال وهو جالس فوق كومة من الحطام بعدما فقد منزله ومتجره: «هذا دمار كامل. لم أتصور قط أنني سأعود لأجد منطقة ضربها زلزال».

زلزال مدمر

ومن الشمال إلى الجنوب عادت أسمهان ابو الروس (40 عاماً) إلى منزلها شبه المدمر في قرية الشوكة برفح. ووصفت ما خلفته وراءها قوات الجيش الإسرائيلي «بالزلزال المدمر». وفي مكان قريب، وقف مسعفون وعاملون في الدفاع المدني الفلسطيني لانتشال الجثث في المنطقة وتمكنوا من انتشال خمس جثث ممزقة.

وفي السياق، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة «أوتشا» من انهيار الخدمات والمنشآت الصحية في قطاع غزة بسبب التكدس الشديد للجرحى، فضلاً عن نفاد الإمدادات الضرورية والأدوية، واعتماد المستشفيات على المولدات الإضافية بعد تدمير خطوط إمدادات الكهرباء. تزامناً مع تحذيرات من انتشار الأمراض في المدارس التي تأوى نازحين بسبب انقطاع المياه والكهرباء.

معتقلون وخسائر

ودعا نادي الأسير الفلسطيني أمس اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى التعاون في الكشف عن مصير معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل أثناء الهجوم على قطاع غزة. في الوقت الذي تزداد التخوفات بأن يكون عدد منهم قد تعرضوا لعمليات إعدام.

في الأثناء، وبحسب وكيل وزارة الاقتصاد الفلسطينية تيسير عمر، فإن قيمة الخسائر المباشرة للعملية الإسرائيلية تتراوح ما بين 4 إلى 6 مليارات دولار. وأشار إلى أن الدول المانحة «ستجتمع في النرويج في سبتمبر المقبل للبحث في تمويل إعادة إعمار غزة».

وبدورها، أطلقت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، نداء طارئاً لجمع 187 مليون دولار لتقديم مساعدات طارئة لنحو 250 ألف نازح في القطاع، من أصل نحو 450 ألف نازح.

مفاوضات القاهرة

وفي القاهرة، تجري مفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم خلال هذه المدة. وأفاد مصدر رسمي فلسطيني أن الوفد الفلسطيني المفاوض من غزة وصل أمس إلى القاهرة للالتحاق بالوفد الموجود هناك لبحث تثبيت التهدئة. وقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي وعضو الوفد خالد البطش قبل مغادرته المعبر للصحافيين: «لأول مرة نكون موحدين في موقف فلسطيني من أجل وقف العدوان على غزة».

في السياق، من المنتظر وصول الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة للمشاركة في مفاوضات غير مباشرة بوساطة مصرية.

ترحيب بالتهدئة

وبينما شدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إثر إعلان التهدئة على ضرورة تطبيق المبادرة المصرية. رحبت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والجامعة العربية بإعلان الاتفاق على التهدئة بأمل أن تسمح بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم.

وقال مساعد مستشار الأمن القومي الأميركي توني بلينكن لشبكة «سي.ان.ان»: إن الهدنة «ستتيح الوقت لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا التوصل إلى وقف لإطلاق النار لمدة أطول».

من جهته، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالاتفاق، مطالباً الطرفين بالالتزام به، وبـ«ممارسة أقصى درجات ضبط النفس». كما رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بالاتفاق، مشدداً على ضرورة قيام مجلس الأمن بدوره في إلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق والمبادرة المصرية دون مماطلة أو تسويف. كما دعا الدول والمؤسسات العربية والدولية إلى سرعة دعم جهود إعادة تعمير ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية الغاشمة خلال عدوانها الوحشي على قطاع غزة.

دعم سعودي مالي

قال سفير خادم الحرمين الشريفين بجمهورية مصر العربية المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى جامعة الدول العربية بالقاهرة أحمد عبدالعزيز قطان إن بلاده قامت بتحويل مبلغ 200 مليون ريال، ما يعادل أكثر من 53 مليون دولار أميركي لحساب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وذلك لشراء مواد طبية وغذائية من السوق المحلية لمساعدة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وأضاف في بيان أمس أنه تم أيضاً دعم وزارة الصحة الفلسطينية بمبلغ 100 مليون ريال (نحو 27 مليون دولار أميركي). القاهرة - وام

Email