توفر 100 ألف فرصة عمل بالمرحلة الأولى في 15 محافظة

الإمارات تُطلق اليوم مبادرة تأهيل لتشغيل شباب مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعلن دولة الإمارات اليوم في القاهرة مبادرة جديدة لتأهيل وتدريب الشباب المصري للانخراط في سوق العمل، ضمن المشاريع التنموية الإماراتية في مصر، تحت اسم «البرنامج القومي للتدريب من أجل التشغيل» والذي يوفر 100 ألف فرصة عمل جديدة في المرحلة الأولى.

ويشمل البرنامج عشرة قطاعات مختلفة كالتجاري والخدمي والغزل والنسيج والصناعات الغذائية وسيتم تفعيله في 15 محافظة.

ويعقد معالي الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر وزيـــر دولة، ومحمد بن نخيرة الظاهري سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في القاهرة مؤتمراً صحافياً اليوم بحضور وزير التجارة والصناعة والاستثمار المصري منير فخري عبد النور ووزير الإنتاج الحربي في مصر اللواء ابراهيم يونس، حيث كان معالي الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر وزيـــر دولة وصل القاهرة للقاء بعض المسؤولين المصريين وتفقد بعض المشروعات التي تمولها الإمارات في إطار برنامج الدعم الإماراتي الذي يستهدف الدفع بخطط التنمية الشاملة وتحسين مستوى الخدمات الصحية والطبية والتعليمية والمعيشية والنقل والمواصلات والطاقة والبيئة.

تعويل وأمل

وأرهقت البطالة كافة الحكومات في مصر على مدار عقود طويلة سابقة من دون أن يصل أي منها إلى حلٍ جذري لمواجهتها. فتفشي البطالة بات سمة سائدة على مدار فترات طويلة سابقة، منذ أواخر عهد الرئيس الراحل السادات وحتى وقتنا الحالي، باعتبار أن مواجهة هذه الإشكالية كانت دائما تتطلب ضخ استثمارات جديدة في شرايين الاقتصاد، إضافة إلى تدريب جيد للعمالة حتى تولد فرص توظيف جديدة لأبناء المجتمع المصري، فيرتفع معدل التشغيل وينخفض معدل البطالة.

وانطلاقا من ذلك، يعوِّل المصريون كثيرا على المبادرة التي يطلقها معالي الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر وزيـــر دولة الخميس في القاهرة، والتي تستهدف المساهمة في تدريب الشباب المصري وتأهيلهم من أجل التشغيل بما يتناسب وسوق العمل بدعم إماراتي.

ويتفاءل المصريون كثيرا بشأن هذه المبادرة بعد بريق الأمل الذي أعطته الإمارات إلى مصر في مشروع المليون وحدة سكنية، والذي أكد العديد من خبراء ومسؤولي الإسكان فيها بأنه سيعمل بشكل كبير على حل أزمة الإسكان لدى الشباب المصري، إضافة لما يتيحه من توفير آلاف فرص العمل للشباب المصري.

معدلات وحافز

وتأتي المبادرة الإماراتية للتدريب والتشغيل في وقت ارتفعت معدلات البطالة إلى نحو 14 في المئة من إجمالي قوة العمل في مصر، وهو مؤشر خطير يُهدد الاقتصاد بصفة عامة، ويهدد المجتمع المصري بأكمله، وفقا لما يؤكده خبراء الاقتصاد في تصريحات متفرقة لـ«البيان».

ويشدد الخبراء على أن ارتفاع معدلات البطالة بين الأفراد يقود إلى انخفاض الطلب الكلي، ما أدى بالتالي إلى تراجع الحافز على الإنتاج لدى المصانع، بما يقود لتراجعات جديدة في معدلات التوظيف، بينما ارتفاع معدل البطالة يرتبط ارتباطا إيجابيا بارتفاع معدلات الجريمة في الشارع، وتراجع مؤشرات الأمن؛ بسبب بحث العاطلين عن أية وسائل تتيح لهم توفير المال، الذي يكفي لقضاء حاجاتهم، ولو الأساسية.

مبادرات وخطة

وبنظرة فاحصة إلى سوق العمل في مصر، نجد أن عدد العاطلين اليوم بلغ نحو 3.6 ملايين تقريبا؛ وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهذا العدد في تزايد مستمر، مع استمرار الزيادات السكانية واستمرار زيادة قوة العمل بمعدلات تفوق معدلات النمو في حجم الوظائف الجديدة في الاقتصاد.

وفي شأن المبادرات الحكومية للتعامل مع هذا الملف الشائك، أعلنت الحكومة السابقة التي ترأسها حازم الببلاوي عن سياسة مالية توسعية تقوم على ضخ نحو 60 مليار جنيه في شرايين الاقتصاد على مرحلتين، بدأت الأولى في سبتمبر الماضي، بينما بدأ الصرف من الحزمة الثانية في يناير. وكان الغرض الرئيسي من هذا الصرف أن يرتفع معدل الاستثمار حتى تتولد وظائف جديدة داخل الاقتصاد تقود إلى تراجع معدل البطالة.

ولكن مع تطبيق هذه السياسات، انعكس الأثر الأولي لها في زيادة الأسعار، ولم ينعكس في زيادة فرص التوظيف المتاحة، ومثل ذلك المزيد من الإرهاق بالنسبة إلى الحكومة، إلا أن وعود وزارة التخطيط التي يتولاها حاليا أشرف العربي في حكومة ابراهيم محلب لا تزال قائمة بخفض معدلات البطالة في المستقبل القريب، بالتماشي مع رفع الاستثمارات الحكومية في الخطة الجديدة لما يتجاوز 200 مليار جنيه، وتحفيز القطاع الخاص للوصول باستثمارات لقيمة مقاربة من هذه القيمة تقريبا.

وينتظر الشارع المصري تطبيق الوعود الحكومية على أرض الواقع، بعدما ملّ جمهور العاطلين عن العمل من الجلوس على المقاهي، والركض نحو مكاتب التوظيف التي باتت هي الأخرى لا تأتي بجديد ولا تساهم في توفير أية فرص عمل جديدة لهم.

وبالنظر إلى أن الاستثمار يُعد الحل الوحيد لتخفيض نسب البطالة المرتفعة، يرى الخبراء أن الملف محاصر بالمشاكل التي تعوق إنشاء مصانع أو مشروعات استثمارية جديدة، أو حتى تنفيذ الخطط التوسعية التي صاغها في أوقات سابقة؛ ما أدى إلى بروز حقيقة أن المحصلة النهائية هي وقوف قطار الاستثمار واستمرار أزمة البطالة.

ملف العمالة

وعلى صعيد العمالة المصرية، فإن المسألة تظل ملفا شائكا لا يقل خطورة عن ملف العاطلين عن العمل.

فعلى الرغم من أن الثورة المصرية قامت من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية التي تكفل أن يعيش الإنسان حياة آدمية كريمة تليق بمصريته، حيث امتلأت شوارع مصر بالتظاهرات العمالية التي أدت إلى إطلاق أول شرارة للثورة المصرية، إلا أن الأمر لم يستوقف أياً من مراكز البحوث المتخصصة، والتي كان واجبها عرض الحقوق المشروعة للعمال على أصحاب القرار والأعمال في هذه المرحلة التاريخية التي تمر بها مصر، والتي أدارها العمال المصريون.

وتتركز أهم المطالب العمالية على الاستقرار والأمان الوظيفي وتعيين المؤقتين، إلى جانب مراعاة العدالة الاجتماعية في توزيع الأجور، وأن يكون الراتب مقبولا، ويحقق المعيشة الإنسانية، ويوازي ارتفاع الأسعار.

ويُطالب العمال بسرعة تطبيق وتعميم الحد الأدنى والأقصى للأجور، الذي تم إقراره مؤخرا، حتى تتحقق العدالة وإلغاء الوساطة والمحسوبية في التعيين وتوزيع العمل بحسب موطن العمال وأن تكون الترقية وتوزيع الأدوار في الوظيفة بحسب الأكفأ في العمل وليست حسب الأقدمية، وكذلك توفير التأمين الصحي الحقيقي الذي يليق بالعامل المصري، ومطالبة مجلس الشعب بإصدار قانون حقيقي يحفظ حقوق العمالة المصرية في الخارج.

كما ركزت أهم المطالب التي رصدتها «البيان» على ضرورة توفير السيولة اللازمة لمستلزمات الإنتاج لتشغيل الخطوط الإنتاجية في شركات قطاع الأعمال العام، وعزل جميع القيادات القديمة في الوزارات والهيئات الحيوية؛ بدءا من المدير العام، وضرورة تغيير القيادات الفاسدة التي مازالت تقود شركات قطاع الأعمال العام.

تدريب وتشغيل

وفي السياق ذاته، يطالب الخبير الاقتصادي حمدي عبد العظيم بـ«إعادة هيكلة وسائل الإنتاج وتدريب وتطوير قطاع العمالة والتركيز على الجوانب المهنية والتطبيقية والفنية بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل، فضلاً عن توسع البنوك في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة في القطاعات الحيوية التي تلبي احتياجات الشعب المصري لتفادي التأثيرات السلبية لركود أعمدة الاقتصاد الرئيسية».

ويشير إلى أن الحكومات المصرية السابقة «تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عن انتشار البطالة، سواء من خلال قضايا الفساد أو من خلال عدم تحقيق التوازن المطلوب في سوق العمل، حيث نجد معروضا كبيرا في تخصصات كثيرة بشكل يزيد على حاجة سوق العمل، في حين توجد تخصصات أخرى نادرة تتطلبها سوق العمل؛ ما يؤدي إلى اجتذاب العمالة الأجنبية من الخارج لتلبية سوق العمل»، منوها بأن للبطالة «دورا كبيرا على الأداء الاقتصادي».

ويضيف عبد العظيم أن الفترة المقبلة «تتطلب تغيير ثقافة القطاع العام، وإعطاء الفرصة للقطاع الخاص، خاصة أنه يعتبر فرس الرهان مستقبلاً».

هيكلة الأجور

على صعيد متصل، ترى أستاذة الاقتصاد في جامعة عين شمس يمنى الحماقي أن «جميع المشاكل التي يمر بها العمال تتعلق معظمها بالأجور»، مؤكدةً أن «على الدولة أن تعيد النظر في هيكلة الأجور في مصر، آخذةً في الاعتبار نقطة الحد الأدنى والأقصى للأجور، وما يتوسطهما من فجوة كبيرة نتيجة المخالفات والمحسوبية التي كانت تسيطر على هذا الهيكل من قبل».

وركزت الحماقي على «أهمية تضييق الفوارق الكبيرة بين الموظفين في القطاع الواحد، وخاصة المبالغ الفلكية التي يحصل عليها المستشارون، إضافة إلى ربط الحد الأدنى للأجور بالإنتاجية، ما يتطلب التوثيق للوظائف، ومراقبة أثناء ساعات العمال في كل القطاعات وبالتالي يتم تقييم العامل بناء على مؤشرات إنتاجه كما يحدث في المؤسسات المنضبطة، مع مراعاة أن بعض المهارات تعتمد على أجور عالية كما في دول العالم». كما طالبت بـ«ضرورة توافر إدارة حكيمة وحازمة من خلال استيعاب الاحتقانات العمالية بتقليل المبالغ للمستشارين ورفع الحدود الدنيا للموظفين على أن يرتبط ذلك بأداء عملي».

استثمارات عربية

 

يؤكد العديد من خبراء الاقتصاد أن حل أزمة البطالة والعمالة بكل جوانبها من توفير فرص عمل والقضاء على مشكلة البطالة وتوفير أمان اقتصادي حقيقي للعمالة الحالية، لا بد أن يأتي مدفوعا بتوجيه رؤوس الأموال العربية والخليجية في المشروعات الصغيرة والمتوسطة للقضاء على تلك الأزمة؛ لتوفير أكبر قدر من الفرص المتاحة أمام الشباب، لإحداث انتعاشة حقيقية في سوق العمل المصرية.

ويشدد الخبراء أنه على الحكومة المصرية العثور على آليات جديدة وغير تقليدية للتعامل مع مشاكل الاستثمار التي باتت مؤرقة لكافة المصنعين والمنتجين، سواء على صعيد عدم توفر الأراضي الصناعية، أو مشكلة الطاقة التي دفعت لتراجع الطاقة الإنتاجية للعديد من المصانع، وكذلك مشكلة البيروقراطية الحكومية التي تقود لإرجاء تنفيذ المشروعات، بل وحتى إغلاق مشروعات قائمة؛ نتيجة لعدم تجديد التراخيص لمصانعهم. البيان

Email