أشاد بالتاريخ الناصع للإمارات في نصرة فلسطين

سلام فياض لـ«البيان»: قريبون من التحلّل الاقتصادي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل الحصار المالي والقرصنة الإسرائيلية وتوسيع الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية وانسداد أفق العملية السلمية وتراجع خيار المفاوضات، وما تواجهه الحكومة الفلسطينية من تحديات تزداد يوما بعد يوم، التقت «البيان» رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض لتسليط الضوء على قضايا رئيسية، منها الضائقة المالية التي تعانيها السلطة الوطنية والهجمة عليها وعلى الأرض الفلسطينية عبر غول الاستيطان.

وخلال الحوار أشاد فياض بدور دولة الامارات العربية المتحدة في دعم صمود الشعب الفلسطيني، مناشدا الدول المانحة، لاسيما العربية، للوفاء بالتزاماتها تجاه الفلسطينيين. واستهل فياض الحوار بالتعبير عن امتنانه لدولة الإمارات. وقال: « لنا مع دولة الإمارات تاريخ طويل ناصع بوقفة عز وانتصار، وما لمسته خلال سنوات من خلال موقعي كمسؤول فلسطيني هو الحرص الكبير من دولة الإمارات على الأصعدة كافة تجاه القضية الفلسطينية، من خلال مواقفها التي كانت دائما وما زالت منتصرة لصالح الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية».

وأفاد بأن مؤسسات الدولة الفلسطينية جاهزة تماما للقيام بمهام الدولة، لكنه أشار إلى أنّ الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها الدولة الفلسطينية تقيّد جاهزية مؤسسات الدولة ولا تلغيها، موضحاً أنّ الحكومة الفلسطينية تحتاج 300 مليون دولار شهريا، ليس متاحا منها سوى 50 مليون دولار شهريا، ما يجعل تحديد موعد صرف رواتب موظفي السلطة أمراً شبه مستحيل، ومحذراً من أنه بات «تفصلنا مسافة قريبة جداً عن التحلل».

وجدد رئيس الوزراء الفلسطيني تأكيده أنه لا يطمح إلى البقاء على رأس الحكومة المقبلة، لأنها «مهمة شاقة» بنظره تزداد صعوبة مع مرور الوقت، مؤكدا أنه يقوم بواجبه الوطني على أكمل وجه في ظل الامكانات المتاحة.

وفيما يلي نص الحوار:

أطلقت الحكومة الفلسطينية في 2009 برنامج «فلسطين انهاء الاحتلال وإقامة الدولة»، ما مدى فاعلية البرنامج وجاهزية مؤسسات الدولة الفلسطينية؟

هناك جاهزية اكيدة بمفهوم القدرة على القيام بالمهام والمسؤوليات من الناحية المؤسسية، وهذا ليس تقديرنا فقط، وإنما تقدير المجتمع الدولي بكافة قواه المؤثرة. ويعود ذلك لربيع العام 2011، بعد مضي عام ونصف فقط من تنفيذ البرنامج. وفي اطار اجتماع المانحين في بروكسل في ابريل 2011 ، حسم الجدل من خلال هذا الاقرار الدولي لجاهزية السلطة الوطنية الفلسطينية باتجاه قدرة مؤسساتها على الاداء لقيام دولة فلسطين.

ما مدى تأثير الأزمة الاقتصادية على هذه الجاهزية؟

لا ينبغي الخلط بين الجاهزية وعدم القدرة على القيام بالمهام والمسؤوليات من ناحية القدرة المالية والاقتصادية، لسبب واضح، هو أن اسرائيل تقوم بتعميق الاحتلال، وتنفيذ نظام وتحكم سيطرة يستهدف الوجود الفلسطيني في القدس والمنطقة المسماة (ج)، وكل المدن في الضفة الغربية وكذلك قطاع غزة. وهذا ما حد من قدرة السلطة الوطنية على الاداء بما يتناسب وجاهزيتها.

الاساس في الحصار الاقتصادي المفروض الآن على الشعب الفلسطيني هو الاحتلال، والسياسات الاقتصادية القائمة هي علاقة بين شعب تحت الاحتلال وقوة محتلة، هي اتفاقيات تتنافى مع قواعد الانصاف، وحتى ما هو قائم منها لا ينفذ بما هو متفق عليه، ويتم استغلال هذه الاتفاقيات بطريقة تعسفية وجائرة، وقائمة على اساس تمييزي ضد الوجود الفلسطيني.

كيف يمكن التحرر من القيود الاقتصادية الإسرائيلية؟

تنتهي هذه القيود بانتهاء الاحتلال. ونحن ندعو إلى وقفة جادة من المجتمع الدولي إزاء هذه السياسات والاجراءات، والتي تؤدي يومياً إلى تعميق الاحتلال نتيجة الاستيطان والاجتياحات العسكرية، واستهداف الوجود الفلسطيني، وتقييد وصول الفلسطينيين إلى مواردهم الطبيعية كالمياه على سبيل المثال وليس الحصر.

ما السبب الحقيقي والمباشر للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها السلطة الفلسطينية، وكيف تنظرون لشبكة الأمان العربية؟

لا علاقة لشبكة الأمان العربية بالحصار الاقتصادي. ونؤكد أن سبب الازمة هو القرصنة الاسرائيلية، من خلال الاعتداء الصارخ على لقمة عيش ابناء الشعب الفلسطيني. ولا أجمع بين هذا العامل وعدم تفعيل شبكة الامن العربية، فالأمران لا يستويان، ولكن، هناك تعطيل حاصل في شبكة الامان العربية، وأتمنى ان يتم تجاوز هذا في أسرع وقت ممكن.

وأرفض المنطق القائل إن هناك حصارا عربيا حتى من باب الجدل، ولكن، آمل من الأخوة العرب أن يهبوا لنجدة الشعب الفلسطيني، كما فعلو دوما وسابقا، وليس فقط بتفعيل شبكة الأمان، بل بتزويد السلطة الوطنية الفلسطينية بكل الموارد التي تمكنها من تعميق جهدها الهادف إلى تعزيز قدرة المواطن على الثبات والبقاء في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وصولا إلى الأهداف الكبرى المتمثلة بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.

إجراءات الفكاك من الحصار

ما الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية لتفادي الضغوط الإسرائيلية واحتواء الأزمة المالية في ظل إمكاناتها المحدودة؟

بذلت السلطة جهدا كبيرا في تخفيف اعتمادها على المساعدات الخارجية، من خلال تخفيض ملحوظ في العجز الجاري في موازنتها واحتياجها للتمويل من مليار وثمانمئة مليون دولار في العام 2008 إلى حوالي مليون دولار في العام 2011. لكن استمرار القرصنة الاسرائيلية جعل الامور تسوء إلى درجة لا يمكن لها أن تسوء أكثر مما هي عليه اليوم، بحيث أصبحت تفصلنا مسافة قريبة جداً عن التحلل، لأننا في حالة ضعف ووهن اقتصادي واضح.

إلا أن التمكين العربي جزء أساسي من التصور الفلسطيني لما هو مطلوب باتجاه تحسين الاداء الحكومي الفلسطيني، ليس فقط على المستوى الاقتصادي والمعيشي في فلسطين، وانما القدرة على الانجاز السياسي. البعد العربي لهذه القضية هو الاهم، ولكن، لا يمكن أن نتحمل المزيد من الانتظار ولا يجوز التأخر ليوم واحد لأن هناك ما يهدد وجودنا.

الوفاء صعبٌ

هناك خلل واضح في صرف رواتب ومستحقات موظفي السلطة، فهل يمكن اليوم تحديد موعد ثابت لتلقيهم رواتبهم، لاسيما في ظل إضراب عاملين عن العمل احتجاجاً على ذلك؟

في ظل الوضع الذي أصبحنا فيه، لم يعد يمكننا حتى من التنبؤ متى يمكن الوفاء بنصف رواتب شهر نوفمبر واستحقاق رواتب شهر ديسمبر الماضي، بسبب ضيق الحال وما نحتاج له من موارد.

تحتاج الحكومة الفلسطينية 300 مليون دولار شهريا، وبسبب قلة المساعدات وما أضيف لها من ضربة قاسية نتيجة القرصنة الإسرائيلية، المتاح الآن من موارد 50 مليون دولار شهريا.

في هذ الواقع لا يصعّب فقط الوفاء بما علينا من التزامات، ولكن، يصعب حتى التكهن بمسألة متى يمكن أن نبدأ بتسديد ما ترتب علينا من استحقاقات للموظفين ولجهات أخرى. وعلى المدى القصير، ليس هناك من بديل لسد العجز في الميزانية إلا بالتعويض من الدول العربية. لذلك لا مجال للتأخر أكثر، لأننا نسعى جاهدين حتى لا نصل إلى حالة من التحلل.

ما تفاصيل العفو الحكومي من ديون الكهرباء والذي فجّر خلافات ومواجهات في الضفة سقط في أثنائها عشرات الجرحى من قوى الأمن والمحتجين الفلسطينيين؟

ما تم الحديث عنه من عفو حكومي من ديون الكهرباء السابقة التي تراكمت على شريحة كبيرة من المواطنين الفلسطينيين تخلله لغط وسوء فهم. هناك اجتماع لمجلس تنظيم الطاقة لوضع الآليات الكفيلة والتعامل مع كل الأمور في هذا المجال، والهدف الأساسي لهذا الإجراء وقف النزيف وهدر المال العام المتصل بقطاع الكهرباء وتنظيم الجباية، لأنه في حال عدم ترتيب ذلك تضعف قدرة العاملين في قطاع الكهرباء، وهذا ينعكس على الوضع المالي للسلطة الوطنية.

هناك تصور قائم على أساس التركيز على الجباية في المرحلة المقبلة، وهناك آليات لوضع هذا التصور موضع التنفيذ بالتواصل والتفاهم مع الجهات كافة ذات العلاقة. وما حصل في الاتفاق مع اللجان الشعبية في المخيمات جزء من تصورنا للحل، ولكن، لا يزال البحث جاريا. ومن المفترض أن يتم اتخاذ قرارات مهمة قريباً في هذا الصدد.

كيف ترون مسيرة المصالحة الفلسطينية الفلسطينية؟

هناك تفاهمات سابقة موجودة، وجهد كبير بذل ولكن، لم يثمر، وآمل أن تكون الظروف الآن مواتية لحسم هذه القضية، خصوصا وأن الاستفتاء العفوي الكبير لصالح انهاء الانقسام الذي عبرت عنه الجموع الغفيرة التي احتشدت في ميدان الشهيد ياسر عرفات في غزة يوم الجمعة الماضي، يُعدّ أكبر مؤشر على أن شعبنا الفلسطيني يتوقع حسم هذا الموضوع، وآمل أن تُغتنم هذه الفرصة لحسمه.

ما تعليقكم على سلسلة الاحتجاجات والحراك الذي شهده الشارع الفلسطيني في أواخر العام الماضي، احتجاجاً على الاوضاع الاقتصادية الصعبة وغلاء الأسعار والأداء الحكومي؟

أقوم بواجب وطني تم تكليفي به في ظرف صعب جدا، وساهمت بكل طاقتي وزملائي في الحكومة وفي الحكومات المتعاقبة في محاولة تحسين الاحوال وإحداث حالة من الاستقرار، وهذا لم يكن عملا سهلا، ولا أتطلع أو أطمح إطلاقا في الاستمرار في هذه المهمة الشاقة، والتي ازدادت في الآونة الاخيرة بسبب ما نتعرض له من حصار مالي.

أعتقد أن خمس سنوات ونصف من العمل في هذا المجال مدة طويلة، خصوصاً مع عدم وجود أفق في الانتخابات التي تحدد مصائر الحكومات وأوقات تغييرها. ولكن، أعتقد أن من غير المستحب اطلاقا أن يستمر الأداء على هذا النحو في ظل غياب دور فاعل للمجلس التشريعي، لان مكونات الحكم لا تكتمل.

كل همي وجهدي منصب فقط على المساعدة في الخروج من ما نواجه من صعوبات الآن، وليس فيما يتجاوز ذلك اطلاقا.

Email