مارجريت.. عاشقة تعيسة طواها المرض

ت + ت - الحجم الطبيعي

بيان الاربعاء: تعتبر الأميرة مارجريت، التي توفيت في الصباح الباكر من التاسع من فبراير عام 2002، إحد أكثر الشخصيات في العائلة المالكة البريطانية إثارة للجدل والحديث، وتوصف حياتها بأنها حزينة، وخصوصا في علاقاتها الشخصية. فقد ولدت هذه الأميرة البريطانية وعمّدت باسم مارجريت روز في الحادي والعشرين من أغسطس من عام 1930 في قلعة جلاميس في اسكتلندا، وهو السكن التاريخي لعائلة أمها منذ أجيال متعاقبة، وتحديدا منذ القرن السابع عشر. والداها هما دوق ودوقة يورك، لكن مع تنازل أدورد السابع عن العرش في عام 1936، وصعود والدها (أخاه) إلى العرش، قفزت مارجريت وشقيقتها، اليزابيث، إلى أقرب ما يمكن إلى العرش البريطاني، الذي تولته الأخيرة بعد وفاة أبيها. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية رفضت العائلة المالكة البريطانية طلب الجلاء عن القصر الملكي واللجوء إلى ملاذ آمن من مخاطر الحرب، وظلت تعيش في سكنها القديم وهو قلعة وينزر. واضطر أفرادها أحيانا إلى الاحتماء في السراديب والأبراج المحصنة اتقاء القنابل الألمانية، حيث أودعت الجواهر والتيجان الملكية خشية تعرضها لسوء. وشرعت الأميرة مارجريت في أداء واجباتها الأميرية، بوصفها أحد أبرز أعضاء العائلة المالكة، بأسلوب وطلعة مميزة، وملابس ذات ذوق خاص يمتاز بالحداثة. وبدأت الأميرة، التي كانت صغيرة آنذاك، في التعرف على الناس ضمن دوائر اجتماعية ارستقراطية في معظمها، ولوحظ عليها حبها للفنون الجميلة والأزياء، بل وأطلقت على ذائقتها تسمية «الأسلوب المارجريتي». وفي عام 1953، وعندما كانت مارجريت في الثالثة والعشرين من العمر، وقعت في حب الكابتن بيتر تاونزأند الضابط في الفرقة العسكرية الملكية المسئولة عن حماية العائلة المالكة، والقيام بالمهمات الشرفية. إلا أن المشكلة الكأداء في طريق العاشقين تمثلت في كون الكابتن تاونزأند مطلقا، وهو ما لم توافق عليه لا المؤسسة السياسية البريطانية ولا كنيسة إنجلترا الانكليكانية. لكن الملكة اليزابيث لم تكن تريد أن تحرم شقيقتها من سعادتها، فطلبت منها التريث، لكن تاونزأند عيّن قنصلا عسكريا في السفارة البريطانية في بلجيكا، وظلت مارجريت تنتظر لعامين. وبعد أن أنهت عامها الخامس والعشرين وأصبحت حرة في الزواج ممن تريد دون الحاجة إلى إذن من الملكة، طفحت الصحف ووسائل الإعلام بأنواع التنبؤات عن قرب إعلان خطبة المحبيّن مارجريت وبيتر، خصوصا بعد عودة الأخير من بلجيكا. لكن الزواج من مطلّق كان يعني التخلي عن المزايا التي تحظى بها الأميرة البريطانية، وهو ما دعا مارجريت إلى اتخاذ قرار الكف عن التفكير بالزواج من بيتر نهائيا. لكنها مع ذلك ظلت تحتفظ بعلاقة صداقة طيبة مع الحبيب السابق حتى وفاة بيتر في عام 1995. وعادت الأميرة إلى واجباتها الأميرية المألوفة وحياتها الاجتماعية السابقة، وفي عام 1958 تعرفت على أحد خريجي جامعة كمبيرج ممن له صلات بالطبقة الأرستقراطية، وممن صنع لنفسه اسما وشهرة من خلال التصوير الفوتوغرافي. ذلك الشاب كان انتوني آرمسترونج جونز، حيث تزوج الاثنان في كنيسة وستمنستر آبي في عام 1960. وبموجب المقتضيات والقوانين الملكية أصبح آرمسترونج جونز حاملا للقب أيرل سويندون، وانجب الاثنان ولدا وبنتا هما اللورد فيسكونت لينلي والليدي ساره آرمسترونج جونز. لكن زواج مارجريت من آرمسترونج جونز لم يكن على ما يرام خلال السنوات اللاحقة، حيث بدأت المشاكل تطفو على السطح، حتى أنه قال في إحدى المناسبات: «أنا لست ملكيا. كل ما في الأمر هو أني متزوج من أميرة». وأبدى تذمرا من كثرة الواجبات التي يتوجب عليه القيام بها بوصفه زوجا لأميرة. وفي عام 1976 افترق الاثنان رسميا، وتلاه بعد عامين الطلاق، وهو ما صدم العديد من البريطانيين آنذاك، فلم يكن الشعب البريطاني معتادا على سماع مثل هذا المشاكل عن العائلة المالكة، التي كانت مخفية عن أنظار العامة. أعقبت تلك الفترة مرحلة من التعاسة مرت بها مارجريت، فقد أصيبت بالتهاب الكبد الوبائي، وتعرضت إحدى رئتيها للعطب بسبب التدخين مما استدعى إزالة جزء منها. لكنها مع ذلك استمرت في التدخين، وتعرضت للكثير من الانتقادات لقضائها معظم أوقاتها مستجّمة في جزيرة موستيك بدل القيام بواجباتها الأميرية. كما كثر الحديث والهمز واللمز عن حياتها وشئونها الشخصية بسبب علاقتها الغرامية بشاب ذي ميول اشتراكية يصغرها بنحو 17 عاما يدعى رودي لولين، إلا أن العلاقة انتهت بعد سنوات قليلة، لكنهما ظلا صديقين في ما بعد كما هو الحال مع بيتر. وفي عام 1979، وهي السنة التي اغتال فيها الجيش الجمهوري الأيرلندي المحظور اللورد مونتباتن، أثارت مارجريت زوبعة عندما نقل رئيس بلدية شيكاغو وصفها للأيرلنديين بأنهم «خنازير». وخففت الأميرة الراحلة من ظهورها العلني في السنوات اللاحقة مقارنة بالماضي، لكنها ظلت تقوم بواجباتها الأميرية الرسمية، وفي نفس الوقت كانت تستمتع بوقتها متى ما رغبت، حتى داهمها المرض. وفي عام 1998 عانت مارجريت، وخلال وجودها في جزيرة موستيك مع عدد من أصدقائها المقربين، من أول جلطة في الدماغ، وتدهورت صحتها بعد ذلك تدريجيا، حتى أن مناسبة عيد ميلادها الحادي والسبعين مرت بهدوء ودون ضجيج. وكان آخر ظهور لها في عيد ميلاد الملكة الأم الواحد بعد المئة الصيف الماضي، حيث التقطت لها صور وهي جليسة الكرسي المتحرك وذراعها اليسرى مسنودة، وترتدي نظارات سوداء سميكة، ووجه منتفخ قيل إنه بسبب تأثيرات الأدوية التي كانت تتعاطاها.

Email