كتاب مونتجمري ، الحلقة الاخيرة، العلمين نواة مصغرة للأسلوب الثلاثي الذي اتبع في نورماندي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرى المؤلف ان معركة العلمين، في المفهوم العسكري، كانت العرض الدموي الهائل الأول لمفهوم الحلفاء الجديد عن الحرب من جانب الدول الديمقراطية. لذلك كانت تلك المعركة، كما يشير المؤلف، ذات أهمية كبرى ودور حاسم في رفع معنويات العالم الحر، ناهيك عن دورها الاستراتيجي في المجهود الحربي. ويصور لنا الكاتب ما حصل في ذلك الوقت حيث عمت حالة البهجة والغبطة كل من كان يعيش في بريطانيا أو دول الكومنولث أو حتى في الدول المحتلة الأوروبية عندما تناهت إلى مسامعهم أنباء هزيمة رومل وتحقيق الحلفاء نصراً كبيراً وتحولاً واضحاً في مجرى الحرب. أما الدروس المستقاة من تلك المعركة بالنسبة للقيادة والأساليب والأسلحة والتعاون المنسق بين قطعات الجيش فقد كان هذا التعاون رائعاً يستحق التمجيد. وكانت في الوقت ذاته فكرة تشرشل الاولى التي شاء لها ان تحصل، بعد ان تعرض هذا الرجل الذي يصفه المؤلف بالخبير العسكري الى سلسلة من الهزائم المرة في الاعوام 1940 و1941 و1942. وتحقق النصر في النهاية بفعل الإصرار والعزم والتصميم ولم تتحطم معنويات الحلفاء بعد 13 يوماً من القتال الضروس وعلى الرغم من عدد الضحايا والمصابين في جانبهم. ومن جانب آخر تعاظمت الثقة في الدول الديمقراطية وشعوبها بعد أن كان الانطباع السائد إن الدول الديمقراطية خصم هزيل أمام القوة الألمانية. وهكذا غيرت هذه المعركة المفهوم هذا بالنسبة للديمقراطيات والألمان على حد سواء وبرهنت على أن وجود القيادة ذات التصميم وتوفر التدريب العصري والتنسيق الأفضل بين أدوار الجيوش والأسلحة والدول ستقود جميعها في نهاية المطاف إلى تحقيق نصر نهائي وحاسم، كما سيحصل عام 1945 لذلك يستنتج هاملتون إن معركة مصر كانت من المنظور العسكري والاستراتيجي المرحلة الأولى من هجوم عظيم للحلفاء وفاتحة لمسلسل الانتصارات. ومن الجانب التكتيكي للحرب يذكر المؤلف إن المعركة جسدت مدى عمق الحاجة إلى التعاون والتنسيق بين كافة الأسلحة وتوافق الجيش في الأرض والقوة الجوية وحتى القوات البحرية في عملية إنزال القوات فيما وراء خطوط العدو المتمركزة على جبهات القتال. وكان هذا شكل معارك الديمقراطيات لما تبقى من مراحل مقبلة. صدى نصر الحلفاء يتطرق هاملتون إلى ما حصل في بعض المدن كالقاهرة ولندن وعلى جبهة العلمين في آخر فصل من مطاردة جيوب المقاومة المتبقية. ففي القاهرة، التي يراها الكاتب الأكثر تعلقاً بنتيجة القتال، أعلن قائد الاستخبارات العسكرية في 4 نوفمير إن مونتجمري يرغب في عقد مؤتمر صحفي في صبيحة اليوم التالي ليعلن تحقيق النصر الكامل. وفي اليوم التالي، 5 نوفمبر، أدلى مونتي الذي كان يقف عند الساحل وبجانب قائد القوة الجوية ببعض التصريحات التاريخية التي أعلن فيها عن تقهقر العدو كلية وتحطيم قوات رومل وأسر فون ثوما، قائد الفيالق الألمانية في أفريقيا. أما في إنجلترا وبُعيد منتصف الليل ليوم 4 نوفمبر فقد نصح مذيع هيئة الإذاعة البريطانية المستمعين بعدم إغلاق المذياع لأن هنالك أخباراً طيبة كان البريطانيون ينتظرون سماعها منذ سنين وسيتم إذاعتها بعد قليل. ثم جاءت تلك الأخبار في البيان الذي أذاعه القائد الكسندر ليعلن اندحار الألمان بالكامل وهزيمتهم في مصر. ولا يغفل المؤلف عن الإشارة إلى ردود أفعال كبار الساسة ورؤساء الدول في بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة. وهو يقول إن ردود الأفعال تعكس في المقام الأول الأهمية الكبرى لنتيجة تلك المعركة والعقلية المختلفة تماماً التي كان يفكر بها كل جانب. ففي الوقت الذي حث الفوهرر الألماني هتلر المارشال رومل ومن ثم كيسلرنج على الاستجابة لأوامره المتعلقة بانتحارهما، شعر ونستون تشرشل بحرية مطلقة توجيه رسالة إلى «مونتي» كان يحلم بها على الدوام. وفي هذه الرسالة اعرب عن تهانيه القلبية للنصر المدهش الذي حققه الجيش الثامن بقيادة المارشال مونتجمري الرائع في معركة مصر. وطلب تشرشل كذلك موافقة بروك على قرع أجراس الكنائس في بريطانيا بينما لم يتوقف تلغرافه عن إرسال البرقية تلو الأخرى إلى رؤساء دول الحلفاء، إلى روزفلت وستالين وفريزر وكيرتن. أما على جبهات القتال فلم يتوقف القتال نهائياً حتى حينما كان الحلفاء يحتفلون بصدى النصر الذي تحقق. وأصدر قائد الجيش الثامن «مونتي» أوامره إلى قادة الجيش لمطاردة ما تبقى من جيش رومل الهارب من الميدان. وطلب «مونتي» من الجنرال لومسدن أن يهرع عبر الصحراء ليسحق ما تبقى من جنود رومل المتقهقرين قبالة البحر بينما تولى فريبيرج قطع طريق الفرار عبر فوكا. وقام هاروك بدوره في جلب 30 ألف جندي ممن تبقى من جنود المحور كأسرى لتبدأ بعدها عمليات تطهير منطقة القتال من الفوضى وآلاف الجثث والدبابات المتفحمة ومئات الآلاف من الألغام. ومن جانب آخر تمكن رومل، على الرغم من أنه قد خلّف وراءه الكثير من أسلحة الجيش المدرع، من إنقاذ نصف جيشه المدرع عندما سارت العجلات بسرعة على امتداد الطريق الساحلي. ويبين المؤلف إن السبب في ذلك يعود لقائد القوة الجوية الحليفة في الصحراء، المارشال كوننجهام، حيث لم يعط الأوامر بمحاصرة وضرب فلول العدو المتقهقرة. وفي هذا الوقت بالذات، 4 نوفمبر، تم أسر قائد الفيالق الألمانية في شمال أفريقيا وهو ينفذ أوامر هتلر المتعلقة بتوجيه عمليات الفيالق الأفريقية صوب الجناح الشمالي لمنطقة القيادة البريطانية في حين قرر رئيس هيئة أركانه الكولونيل بيرلين الهرب بأقصى سرعة على قدميه بعد أن أُصيبت دباباته. أما القائد فون ثوما الذي فضل الاستسلام على الانتحار فقد تم نعته بالخائن من جانب النازيين. وكان لـ «مونتي» رأي آخر في هذا الرجل الذي لم ير فيه سوى جندي لا يؤمن بقضية النازية برمتها. وعبر له «مونتي» عن رغبته بتناول الطعام برفقته في ذلك المساء في مقر «مونتي»، ليكون بالنسبة له ضيفاً شخصياً قبيل المضي إلى أسره. ولم يرفض فون ثوما ذلك الطلب المهذب من جانب «مونتي». وهنا يظهر لنا هاملتون تواضع «مونتي» واحترامه لخصمه حتى وإن كان أسيراً. فقد استقبله بملابس بسيطة تخلو من خوذة رأس أو رتب عسكرية تعلو كتفه ونظر إليه بكل احترام ووقار ولم يعتبره خائناً، بل جندياً ونداً مكافئاً له في المضمار العسكري. دور «مونتي» في المعركة يشير المؤلف بعد ان عالج معركة العلمين من المنظور السياسي إلى دور «مونتي» في معارك الصحراء التي خاضها قبالة الجيش المدرع الألماني. ويقول إن «مونتي» كان أسطورة تلك الحرب من دون منازع ومهندسها الأول لأنه قد غير طبيعة الحرب الحديثة من جانب الحلفاء عندما ضمن ان القوات الجوية الملكية تقاتل جنبا الى جنب وبأسلوب غاية في التنسيق مع الجيش الثامن. ولم يتحدد دور «مونتي» في سير القتال وحسب او في أسلوبه او نتائجه، بل يشير المؤلف الى ان تأثيره الأعظم كان في ساحة القتال ذاتها عندما أحدثت أفكاره فيما يخص تشكيل الوحدات والتدريب والمعنويات والقيادة ثورة في أداء الحلفاء. وتأثر الكثير من الجنود بأفكار «مونتي» الذين أدرك تماما من خلال تجربته في الحرب ان هؤلاء يودون الموت من اجل بلدانهم وقضيتهم في الوقت الذي كان لديهم تصميم لا يتزعزع على النصر لكي يعودوا الى بلدانهم وهم فخورون بما قاموا بعمله أثناء اداء واجباتهم على اكمل صورة. والاهم من ذلك كله ان «مونتي» قد استطاع تحقيق كل ذلك في وقت قصير جدا ليسجل بذلك صورة أخرى من عظمة ذلك القائد- كما يرى هاملتون ذلك.ومن جانب آخر يوسع الكاتب لتحليله لأبعاد المشكلة التي واجهت «مونتي» عند قيادته للجيش الثامن. ولم تتعلق تلك المشكلة بطبيعة القتال بقدر ما تعلقت بطبيعة تركيبة وهيكلة جيشه. وعندما وضع «مونتي» موضع الاعتبار شجاعة ومهارة الألمان كان من الضروري عليه، كما أيقن بصفته القائد المحنك للميدان، أن يبعث الهمة ويحفز جنود الحلفاء الذين كانوا من دول شتى وثقافات مختلفة- من أستراليا أو جنوب أفريقيا أو نيوزلندة أو جنوب روديسيا أو الهند واليونان وفرنسا واسكتلندا وإنجلترا أو أمريكا، لتحقيق أهدافه وتنفيذ كل واحد منهم للمهام الموكلة إليه. ولقد جعل «مونتي» الذي ينعته هاملتون بصغير القامة والمستعمر القديم من نفسه قائداً لهذا الجيش الجديد ورجلاً يعرف هيئة أركانه ويستطيع أن يوضح لكل القادة والجنود الذين كانوا حوله أفكاره والكيفية التي يجب بواسطتها هزيمة رومل. وهكذا بدا القتال كأنه جهد فريق واحد كما شاء له «مونتي» وتمتع كل جندي وضابط في ذلك الفريق بالدور الذي عليه الاضطلاع به، فكان هؤلاء جميعاً فخورين بما كانوا يؤدون. وعلى صعيد آخر، ألهم «مونتي» كل صفوف وشرائح الجيش الثامن للقتال بشكل لم يحصل من ذي قبل. وفي الحقيقة يرى هاملتون ان جيوش الحلفاء لم تقاتل أبداً في الحرب العالمية بالصورة التي كانت عليها في العلمين. ويشير أيضاً إلى أنه ما من قائد آخر من قادة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية قد انتصر في مثل تلك المعركة أو حتى أوشك على ذلك، المعركة الحاسمة التي أتت على أسطورة وقوة الجيش المدرع الألماني وأنقذت مالطا ومهدت الطريق نحو نجاح الحلفاء في احتلال في المغرب والجزائر في 8 نوفمبر 1942 ووفرت الخطط والأمثلة والدروس التي على أساسها ستقوم جميع نجاحات معارك الحلفاء الميدانية المقبلة. وكان من أولى نتائجها المعنوية في جبهة القتال أو في ألمانيا أن أولئك الذين كانوا فخورين ذات مرة بكونهم جزءاً من الجيش المدرع الألماني في أفريقيا قد أخذ بالهرب كل من بقي منهم حياً صوب الحدود المصرية بينما كان رد فعل هتلر الأول وعند سماعه نبأ الهزيمة أن يتوسل إلى مارسيل بيتان وحكومة فيشي الفرنسية للإنضمام إلى ألمانيا وإعلان الحرب على بريطانيا والولايات المتحدة. ورفض بيتان بدوره مقترح هتلر فاضطر الأخير إلى احتلال فيشي الفرنسية وإلى توجيه القوات الألمانية إلى تونس للقيام بالهجوم المقابل ضد زحف الحلفاء. وأخيراً، يخلص هاملتون للقول إن المهارة في العمل والتصميم والإخلاص طوال الحياة قد جعلت من «مونتي» المعلم الأول الذي استطاع أن يبدأ بعملية تحويل الجيش الثامن في الصحراء في عام 1942 وأن يواجه ذلك الجيش المكون من خليط كبير من الدول قوة الجيش المدرع الألماني. وفي الوقت ذاته استطاع «مونتي» من خلال تفانيه ومعرفته برجاله أن يؤكد لجيش مكون من 200 ألف رجل ان النصر سيكون من نصيبهم في النهاية، بصرف النظر عما قد يحصل في الميدان من بعض الانتكاسات. وحصل هذا الأمر أخيراً من خلال رابطة الإيمان التي نشأت عند الجيش الثامن الأسطوري في الميدان- فبات، كما يراه الكاتب، جيشاً لا يقهر غير مجرى الحرب وجلب من خلال المثال الذي ضربه للغير نهاية محتومة للأحلام النازية في تحقيق التوسع والإبادة العنصرية. وعندما وضعت المعركة أوزارها كتب «مونتي» إلى السير الان بروك في 10 نوفمبر 1942 يعلمه بأنه حارب رومل مرتين: الأولى عندما هاجمه رومل وولى الأخير فاراً والثانية عندما بادر بالهجوم ليحطم قوته المدرعة. ولفت «مونتي» انتباه السير بروك إلى العبر والدروس التي كانت ثمرة تلك المعركتين، لتكون مادة قصيرة وبسيطة عن «سلوك الحرب» التي يمكن منحها للجنرالات وكبار الضباط الآخرين كعقيدة طيبة للجيش الثامن. وتطرق «مونتي» في رسالة الى بروك أيضاً إلى ما حصل على أرض الميدان في معارك العلمين وذكر أن أسلوبه في شن الهجوم استند، كما يفصّل هاملتون، إلى ثلاث مراحل من القتال: الاختراق، ثم الاشتباك، ثم تدمير صفوف العدو. ومثل هذا الأسلوب والتخطيط سيتم تبنيه من جانب الحلفاء في معركة الإنزال الكبير في نورماندي عام 1944 وهنا يقول الكاتب إن القيام بتنفيذ المراحل الثلاث، ووفقاً لخبرة «مونتي» في معركة العلمين، يتطلب من القائد المحنك الشروع بعدة أوامر. فأولاً ينبغي أن يكون التخطيط للتغلغل بين صفوف العدو حذراً لمنح التفوق التكتيكي على العدو وأن يتم خداع العدو من خلال الانتقال السريع بثقل الهجوم من جهة إلى أخرى. وينبغي ثانياً الشروع بإعادة تجميع القوات والقوات الاحتياطية بسرعة بعد عملية التغلغل. والأمر الثالث الذي كان «مونتي» يؤكد عليه في كل معاركه هو أهمية الاحتفاظ بالمبادأة التي تتطلب على الدوام توجيه ضربات قوية بدعم مدفعي مركز. ورابعاً يجب تركيز نيران المدفعية وضمان عامل المباغتة في كل مرحلة. ولم يغفل «مونتي» في رسالته عن الإشارة إلى أهمية القائد والضباط والتدريب، بحكم ما لمسه من كثير الانتكاسات التي لم ترق له في الميدان بسبب ضعف التدريب وضعف القائد أوكنيلك والكثير من كبار الضباط الآخرين الذين وجدهم غير مؤهلين بالمرة لتولي تلك المناصب. وذكر «مونتي» إن على القائد تخطيط وتوجيه المعركة بحيث تكون العمليات متوافقة مع مستوى تدريب جنوده. ومعظم القادة يراهم «مونتي» على غير دراية بالكيفية التي يتم بواسطتها مجابهة العدو القوي في معارك الاشتباكات الحقيقية. ومثل هذا الأمر لم يتوفر لجنود الجيش الثامن لأن القادة الميدانيين لم يتلقوا ممن هم أعلى منهم منصباً أي تدريب ولم تكن ثمة عقيدة أو توجيه للكيفية التي يقوم عليها التدريب. وبالإضافة إلى التدريب يرى «مونتي» إن القيادة المصممة على النصر لذات أهمية كبيرة جداً، خاصة بين كبار الضباط. لذلك فالقادة الذين يصابون بالإحباط عندما لا تسير الأمور في الميدان كما يريدون، أو يفتقرون للرغبة في تحقيق الأهداف على أكمل وجه أو ليس لديهم الشجاعة والتصميم ليشاهدوا خطتهم تسير كما هو مرسوم لها صوب النهاية هم-كما يراهم «مونتي»- سيئون أكثر مما هم عديمو الفائدة لأن انعدام الشجاعة الأخلاقية وظهور علامات الخوف أو التردد من شأنه أن يحدث عدة نكسات سريعة بين صفوف الجيش. لذا سيتحقق النصر كما يراه «مونتي» من خلال القادة الجيدين في أعلى المناصب ومن خلال خيرة الضباط في هيئة الأركان العليا بحيث يكون للجنود الموجودين في الخط الأمامي الثقة في مثل هؤلاء الضباط، والا لن يتحقق شيء بخلاف ذلك. «مونتي» يشكر الجيش يذكر المؤلف ان «مونتي» قد مضى، لما كانت دبابات الجيش الثامن تطارد ما تبقى من مدرعات جيش رومل المدرع، إلى زيارة الجنرال مورشيد قائد الفرقة الأسترالية التاسعة ليشكره شخصياً على ما قام الجنود الأستراليون بفعله لتحقيق نتيجة مظفرة في المعركة. وبعد أسبوع من ذلك التاريخ 12 نوفمبر 1942 وجه «مونتي» رسالة شخصية تمت قراءتها، وفقاً لأوامره، على جميع تشكيلات الجيش الثامن، وفي الأخص على الجنود الذين كانوا يتجمعون حول الحطام المحترق لمعدات وعجلات العدو في قلب ميدان المعركة. وحرص «مونتي» في هذه الرسالة على أن يشيد بدور كل رجال الجيش الثامن وأن يعبر لهم عن امتنانه العميق لكل ما قاموا به. ثم بدأ بالتركيز على أهم العوامل التي جلبت نصر الحلفاء وما سيقوم الحلفاء بفعله في المستقبل القريب. ويذكر هاملتون إن «مونتي» أوضح في تلك الرسالة عدة أمور. فأولاً إنه أراد من الجيش الثامن وبكل صفوفه أن يضرب الألمان والايطاليين في سعي لطردهم من أفريقيا عندما بدأت معركة مصر في 23 أكتوبر، فكانت بداية رائعة بالنسبة له حيث لم يتبقَ في ذلك الوقت، 12 نوفمبر، أي جندي ألماني أو إيطالي على التراب المصري ما عدا الجنود الذين تم أسرهم. وثانياً لفت «مونتي» انتباه الجنود إلى ما تم تحقيقه. وقال إن الجيش الثامن قد تمكن في ظرف ثلاثة أسابيع لا غير من سحق الجيش الألماني والجيش الإيطالي كلية ليفر ما تبقى منهم خارج مصر، فأسهم ذلك في تقدم الحلفاء ثلاثة الآف ميل إلى ما وراء خط القتال وتم أيضاً أسر 30 ألف جندي من بينهم تسعة جنرالات. أما عدد الدبابات والمدفعية والمدافع المضادة للدبابات والعربات والطائرات فقد تم تدمير وغنيمة عدد هائل جداً منها بحيث بدا العدو كأنه جُرد من جميع أسلحته. ثم انتقل «مونتي» للحديث عن الأداء الذي قام به هؤلاء الرجال، بصرف النظر عن الخسائر، وأشار بأنه أول أداء رائع جداً وعبر عن امتنانه لمساهمة الجنود الذين لبوا نداءه وتجمعوا لأداء الواجب. وما كان لذلك النصر، كما أوضح «مونتي»، أن يتحقق لولا المساهمة التي نعتها بالرائعة من جانب القوة الجوية الملكية وتعاونها وأداؤها المحكم في إنزال أفدح الخسائر بالقوات الألمانية المدرعة. لذلك خلص «مونتي» للقول لأولئك الجنود إنهم وحدهم الذين جلبوا ذلك النصر الرائع وليس «مونتي» نفسه. وأخيراً أوضح «مونتي» لجميع أفراد الجيش الثامن، كشأنه دائماً قبيل المعارك الكبرى، عن الهدف المقبل الذي يود تحقيقه بالنسبة للألمان. وذكر ان العدو مازال يربض في بعض مناطق شمال أفريقيا بالرغم من طرده من مصر. وستكون الخطة التالية في مطاردة العدو غرباً صوب ليبيا حيث تم الشروع بعمليات إنزال القوات هناك. وفي هذه المرة وعندما يتم الوصول إلى بنغازي وما بعدها لن يكون للعدو عندئذ أية فرصة للنجاة أو الهرب.

Email