استقبال رسمي انتهى بنقله الى مقر حكومي: نميري عاد الى الخرطوم بعد 14 عاماً في المنفى، ردود فعل متباينة إزاء السماح بعودته

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري الذي عاد الى الخرطوم امس بعد 14 عاماً قضاها في المنفى بمصر انه رجع الى البلاد(بدافع الحب للوطن والشعب وليس طلباً للسلطة)وقد صدرت على الفور ردود فعل متباينة لعودته من القوى السياسية المختلفة في الساحة السودانية . وقد كان في استقبال نميري الذي اطاحت به انتفاضة شعبية في عام 1985 والذي حضر برفقته زوجته بثينة خليل وعشرة من معاونيه في مطار الخرطوم اللواء بكري حسن صالح وزير شؤون الرئاسة وعبدالباسط سبدرات المستشار السياسي للرئيس السوداني وبدر الدين سليمان وزير الصناعة. ولم يكن الرئيس السوداني عمر البشير في استقبال نميري كما صرح بذلك بعض المسؤولين امس الاول ولم يرد تفسير على الفور لذلك وبلغ عدد مؤيديه الذين اصطفوا لاستقباله خارج المطار وفي الطرقات نحو 16 الفاً. وادى نميري صلاة العائد بأرض مطار الخرطوم وسط هتافات وزغاريد ودموع مؤيديه ومستقبليه وبدا وهو يحيي مستقبليه يرفع العصا على طريقته الشهيرة منهكاً ومرهقاً وقال للصحافيين (جئت للسودان مندفعاً بحب عارم للوطن ولشعبه الحبيب, ولم اصرح يوما بأنني عائد كحاكم او طالب للسلطة) . واضاف: سعيت مع رفاق دربي لبناء تنظيم سياسي جديد هو (تحالف قوى الشعب العاملة) في اطار قانون تنظيم التوالي السياسي المعمول به على الرغم من اننا ابدينا العديد من الملاحظات على بعض نصوصه حيث رأينا انه يتيح فرصة للتعددية وحرية التنظيم السياسي وقد اخذ بالكثير من ملاحظاتنا مما شجعنا على ان الحكومة جادة في مشروعاتها لنقل السلطة للشعب السوداني. واشار النميري الى انه عاد الى السودان ليشارك مع رفاقه القدامى في العمل على بناء الوطن والحفاظ على وحدته اهلاً وتراباً لينهض قوياً وعزيزاً وينعم اهله بكامل حقوقهم وحرياتهم الاساسية في ظل ما نطمح اليه من نظام ديمقراطي حقيقي يقوم على التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة في ظل مشاركة شعبية شاملة وفاعلة تعمل على استئناف مسيرة التنمية الشاملة المتوازنة التي وضعنا اسسها في ظل ثورة مايو. وابان انه يعود الى الوطن ليتشاور مع السلطة وسائر القوى السياسية الوطنية من اجل وحدة وطنية راسخة ووفاق وطني بناء يكون للوطن درعه واداة بنائه التي يشارك فيها كل اهل السودان بمختلف فئاتهم وعقائدهم وثقافاتهم. ورأى نميري انه عاد للعمل مع القوى الوطنية من اجل حقن الدماء والحفاظ على وحدته ومقدراته, وقال: سنعمل مع كل مخلص من ابناء الوطن لايقاف نزيف الدم واكساب الحياة في الشؤون معنى ان تعاش. وختم نميري حديثه للصحافيين بالقول: اتقدم بالشكر للشقيقة مصر ورئيسها الصديق حسني مبارك الذي تولاني بالرعاية والمحبة امتداداً لموقف مصر التاريخي تجاه السودان, وحيا السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد والامارات العربية المتحدة وعلى رأسها رائد الخير صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة, كما شكر الحكومة السودانية على الاستقبال الذي وجده. الى ذلك قال قيادي بارز بتحالف قوى الشعب العامة لـ(البيان) ان نميري سيباشر عقد لقاءات مع البشير وحسن الترابي رئيس المجلس الوطني (البرلمان) وعدد من الوزراء والمسؤولين بالدولة. واضاف كمال الدين محمد عبدالله الناطق الرسمي باسم تحالف انصار النميري ان النميري سيترأس اجتماع اللجنة المركزية لتحالفه يوم 26 مايو الجاري. وحل نميري ضيفاً على منزل حكومي بحي السفارات بمنطقة كوبر شرقي الخرطوم وقد استقل من المطار سيارة مرسيدس سوداء مضادة للرصاص وباشر النميري استقبال عدد من انصاره وسط ارهاصات بانتقاله الى ود نوباوي في ام درمان التي ترعرع فيها وتعتبر من مناطق الانصار التقليدية. وقد كان في وداع نميري بمطار القاهرة محمود ابو زيد وزير الاشغال والموارد المائية المصري واحمد عبدالحليم سفير السودان بالقاهرة. ولم يدل الرئيس الأسبق بتصريحات لدى مغادرته مصر قائلاً.. انه لا مجال للكلام الآن وسنتكلم في الخرطوم. على صعيد ردود الفعل قال د. حسين ابو صالح وزير الخارجية السوداني السابق ورئيس حزب مؤتمر وادي النيل لـ(البيان) ان الظروف الحالية تتطلب لم الشمل وعودة نميري تتيح الفرصة للوفاق الاشمل بين ابناء الوطن. واوضح ان انصار نميري هم الآن جزء من نظام الانقاذ وان الذين ينادون بمحاكمته يحاولون شحن الاجواء بالمزايدات والفرقة واضاف ان محاكمة الرئيس المعزول ما عادت ذات جدوى وتعتبر مسألة انصرافية. وقال الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد امير الاخوان المسلمين ان نميري من حقه العودة مثل كل مواطن سوداني آخر ومن اراد محاكمته على الجرائم التي اقترفها عليه اللجوء للقانون, واضاف ان لكل حاكم اخطاء ولا يوجد حاكم لم يعاده احد. وقال ان نميري رجل دولة واستقباله من جانب الحكومة باحتفال رسمي تأكيد لهذه الحقيقة. وعن امكانية عودة نميري مرة اخرى لحكم السودان قال صادق ان كل شيء متوقع والسودان بلد العجائب وليس فيه مستحيلات. من جانبه جدد ولي الدين الهادي المهدي رئيس حزب الامة الاسلامي المتوالي رفضه لقرار عودة نميري, وقال سوف نبتعد من حكومة الانقاذ بقدر اقترابها من نميري ووصف عودته بأنها محاولة من الحكومة لا تخلو من استفزاز لمشاعر اقرباء اصحاب الارواح التي ازهقها اثناء فترة حكمه في وقت تقتضي قواعد العدالة ان يطاله القصاص واضاف ان لم تفعل حكومة الانقاذ ذلك فإن العواقب الوخيمة سوف تأتي. وقال ولي الدين انه لا يستبعد ان تكون وراء اجراءات عودة نميري اياد خفية تلعب فيها بعض دول الجوار خاصة مصر دوراً ما الى جانب الولايات المتحدة واضاف ان نميري وفق تخطيط هذه الدوائر جاء ليحكم ويطرح نفسه في الساحة السياسية من جديد وليس مجرد مواطن يقضي ما تبقى من عمره في بلاده. اما الدكتور الجزولي دفع الله رئيس الوزراء السابق فقد قال لـ(البيان) ان الحكومة يجب ان تستقبل نميري كمواطن سوداني من دون ألقاب لان الشعب قد قال كلمته في مايو كنظام سياسي. واضاف ان الحكومة الانتقالية سبق ان طالبت حكومة مصر في 1985 باعادة نميري للخرطوم لتقديمه لمحاكمات عادلة مثلما جرت محاكمات اعضاء حكومته المذنبين لكن رفض نميري العودة واختارها بعد 14 عاماً, وحذر الجزولي الحكومة من تكرار تجربة دكتاتور شيلي بينوشيه في الخرطوم من جديد. وفي مسجد انصار الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق والمعارض بودنوباوي هاجم الشيخ آدم احمد يوسف الذي ام المصلين بالمسجد الترتيبات الرسمية لاستقبال نميري ووصف ذلك بأنه مكايدة تقوم بتنفيذها الحكومة للاساءة للمعارضة ولكل من طالهم التعذيب وتم ازهاق ارواح ذويهم خلال حكم نميري. وابدى عدد من قيادات المؤتمر الوطني (الحاكم) ارتياحهم الشديد لعودة نميري وقال محمد الحسن الامين امين الدائرة السياسية بالمؤتمر ان عودته تعد نصراً لتجربة التوالي السياسي. واضاف ان نميري مثله مثل أي مواطن سوداني يحق له ممارسة كافة انشطته السياسية والاجتماعية بكل حرية. واكد ان العفو الذي اصدره رئيس الجمهورية يسقط عن نميري كافة التهم المثارة ضده. اما الدكتور الطيب زين العابدين احد القيادات الاسلامية البارزة واستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم فقد قال ان عود الثقاب لا يقدح مرتين وعلى هذا الاساس يجب ان نرحب بالرئيس الأسبق كرجل له مكانة اذ ظل يحكم السودان لمدة ستة عشر عاماً مهما اختلفنا معه. الخرطوم ــ محمد الاسباط

Email