عالمة مصرية تقود بحوث السيارات المتصلة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ما العوامل التي تساعد شابة مصرية على تسلق سلم النجاح لتصبح مديرة قسم كامل بشركة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي في أميركا الشمالية؟

تشغل الدكتورة آلاء هلال منصب مدير مجموعة ذكاء البيانات والابتكار في شركة «إنتليجنت ميكاترونيك سيستمز Intelligent Mechatronic Systems (IMS) Inc»، وهي شركة متخصصة في السيارات المتصلة والمعلوماتية البعيدة، ويقع مقرها في مدينة واترلو في مقاطعة أونتاريو الكندية. ولدت الدكتورة آلاء هلال في مصر، وإلى جانب منصبها بالشركة، تعمل أيضًا أستاذًا جامعيًا مساعدًا وتنشط في مجال الدعوة لتعزيز دور المرأة في قطاع التكنولوجيا. وتُعتبر مسيرة آلاء دليلًا على التغيير الذي تحقق في المواقف من خلال المثابرة والسعي لبناء عالم أفضل للجميع. كما تثبت أن أصحاب المواهب من الشرق الأوسط قادرون على المنافسة في أي مكان حول العالم.

تقول آلاء إنها محظوظة لأنها ترعرعت في كنف أسرة محبّة وحنونة كانت تخصص حيزًا واسعًا للنقاشات العلمية أثناء تجاذب أطراف الحديث حول مائدة العشاء. فوالد آلاء لا يزال على رأس عمله أستاذًا لكيمياء الكمّ في جامعة القاهرة، لذا تجرعت منذ الصغر هذا الانبهار بتأثير العلم على طريقة عيشنا في حياتنا كبشر وكيف أسهم العلم في رسم ملامح مجتمعاتنا المعاصرة. وتضيف: «لقد تربيت على الإيمان بأن كلّ تحدّ هو فرصة بحدّ ذاته، وأنا أؤمن تمامًا بالمقولة «إذا كنت لا تعرف وجهتك، فلن تصل إليها على الأرجح!» وهذا هو النهج الذي اتبعه. وأعتقد أن ذلك ينطبق على كلّ شيء في الحياة، سواءٌ كان خيارًا مهنيًا أم خوارزميات نعمل على تطويرها.».

ترى آلاء أنه لتعزيز مشاركة المرأة في مجال التكنولوجيا في الشرق الأوسط وغيره، ينبغي مخاطبة الشباب العربي. واقتبست جملة شهيرة عن ماريان رايت إيدلمان، الناشطة المدافعة عن حقوق الأطفال: «لا تستطيع أن تكون ما لا تستطيع أن تراه متجسدًا أمامك». وانطلاقًا من هذه القناعة، ترى آلاء ضرورة زيادة عدد معلمات الرياضيات والعلوم والكمبيوتر الإناث الناطقات بالعربية، وذلك من أجل تقديم مثل عليا نسائية ناجحة.

وقالت: «عند النظر إلى قطاع التكنولوجيا الذي يحتاج إليه العالم العربي في الغد، أرى حاجة ماسة لمنصة يُعرض عليهما أمثلة عليا لنساء ينشطن في هذا الميدان، بالأخص في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أنه سبق وتم عقد العديد من المؤتمرات رفيعة المستوى، إلا أن استضافة المزيد من الفعاليات المماثلة وإتاحتها لأكبر عدد ممكن من الطلاب من الجنسين يمكن أن يسهم في إعداد جيل من خبراء التكنولوجيا العرب في المستقبل».

تشدد آلاء على ضرورة انضمام المزيد من النساء إلى قطاع التكنولوجيا على مستوى العالم، وكذا الحاجة إلى المزيد من التنوع في قطاع التكنولوجيا في الشرق الأوسط؛ إذ يمكن لمثل هذا التنوع أن يؤدي إلى تصميم منتجات أكثر شمولية. وضربت مثالًا على ذلك بأنظمة وسادات الهواء بالسيارات في مراحلها الأولى والتي كانت غالبًا ما تؤدي لإصابة الأشخاص من ذوي الأحجام الأصغر مثل النساء والأطفال بجروح عندما تنفتح في حال وقوع الحوادث.

وتستطرد قائلة إن المهندسين الذين أعدّوا تلك التصاميم كانوا جميعهم من الرجال وبالتالي استندوا إلى متوسط حجم ووزن الرجل. وترى آلاء أن النساء يمكن أن يفكرن أو يتصرفن أو يعالجن المشاكل بطرق مختلفة. فهن لا يفكرن بالنساء فحسب، بل أيضًا بالرجال والأطفال والمسنين! وتؤكد أن الفريق المتنوع يمكن أن يعالج المشاكل بطريقة أكثر شمولية. والباعث وراء ذلك هو أن اختلاف وجهات النظر يمكن أن يساعد في التوصل إلى حلول أكثر شمولية للمشاكل التي يحاول كافة المهندسين علاجها.

تستند خبرة الدكتورة آلاء في مجال تكنولوجيا السيارات إلى دورها الأساسي في شركة إنتليجنت ميكاترونيك سيستمز التي توفر الخدمات الذكية لسيارات المستقبل المتصلة. وتستعمل الشركة تحليل الأنماط والتعلم الآلي من أجل التوصل إلى مجموعة كبيرة من الحلول التحليلية لتسهم في التعرف على الأحداث المثيرة للاهتمام أثناء القيادة وسلوكيات القيادة العدائية والسائقين السلبيين.

وقالت الدكتورة آلاء: «يمكن استخدام خدمات إنتليجنت ميكاترونيك سيستمز للسيارات المتصلة من أجل التوصل إلى حلول لمشاكل النقل في الشرق الأوسط، بما فيها تحديد أسعار عادلة لشحن البضائع عبر الدول والمناطق وحتى إعداد حلول لإدارة السلامة والازدحام. إن منصتنا مصممة لإتاحة إبرام الشراكات، وسبق وتمّ دمجها بالفعل مع كبار مقدمي محتوى الجغرافيا المكانية ونظم المعلومات الجغرافية في الشرق الأوسط بهدف تقديم محتوى محلي عالي المستوى مصمم لتلبية الحاجات الخاصة بالمنطقة العربية».

وتتبع إنتليجنت ميكاترونيك سيستمز ما اتفق كثيرون على وصفه بالنهج المبتكر الذي يسعى إلى الحدّ من عوامل التشتيت أثناء القيادة، وذلك من خلال توفير حلّ يستوعب التأثير الحقيقي لاستخدام الهاتف أثناء قيادة السيارة ويبلّغ السائق به، ويناشد السائق بطريقة قائمة على الوقائع وتحاكيه شخصيًا ما يمكنه من التفاعل معه. إذ إن نظام «ذكاء تجنب القيادة المشتتة» يقيس مدى تأثير تشتت السائق على أدائه وسلامته أثناء القيادة.

يشير مصطلح «السيارات المتصلة» إلى قدرة تلك السيارات على التواصل مع العالم الخارجي. فاليوم نحيا حياة قائمة على التواصل إلى جانب التطورات التكنولوجية السريعة، وهي كلّها تزيد من إلحاح الحاجة إلى التواصل في كافة جوانب الحياة. وشرحت الدكتورة هلال قائلة: «ننظر في إنتليجنت ميكاترونيك سيستمز إلى مصطلح «السيارات المتصلة» بشكل مختلف، فنحن نعتبرها متصلة بالسائق؛ أي تفهم ما يحتاج إليه السائق وتوفر له معلومات حول تلك الاحتياجات في الوقت المحدد بما يمكّنه من التصرف على أساسها».

أما بحوث الدكتورة آلاء الجامعية فتتناول المعلوماتية الطبية الذكية لمعالجة بعض التحديات، مثل الكشف المبكر عن الخرف من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي وأنظمة التنبيه بنوبات الصرع باستخدام أجهزة يمكن ارتداؤها. وقالت معلقةً: «على الرغم من الاستعمال الأمثل لأدوية الصرع، لا يزال من الصعب التحكم بالنوبات بسبب طبيعتها المفاجئة وغير المتوقعة. إن التنبؤ بالوقت الحقيقي للإصابة بنوبات الصرع أمر مهم جدًا، ومن شأنه أن يحدّ من آثارها السلبية ويحسّن جودة حياة المريض. تدرس بحوثي إشارة القلب التي تستطيع الأجهزة القابلة للارتداء تسجيلها بهدف الكشف المبكر عن نوبة الصرع وتنبيه المريض».

انطلاقًا من موقع آلاء ونهجها الصريح المباشر واستعدادها للإصرار والمثابرة على تحقيق واقع مستقبلي قد يبدو اليوم بعيد المنال، من المأمول أن يسهم تقلدها أرفع المناصب بمجال عملها في إلهام الشباب العربي الطموح في مجال التكنولوجيا. وتشير آلاء إلى أنها استلهمت بحوثها في تكنولوجيا السيارات من احتياجات شباب اليوم الذين ينتمون إلى جيل الألفية، فهم أكثر عولمة من الأجيال السابقة ويدركون أهمية توفر التسهيلات. ولا يقتصر استخدام أبناء جيل الألفية على نوع واحد من وسائل النقل، بل إنهم يستخدمون الدراجات الهوائية والسيارات المشتركة والقطارات والمترو وغيرها. فمصدر إلهام الدكتورة آلاء هو بناء عالم الغدّ في الوقت الذي لا يكف عالم اليوم عن التغير باستمرار من حولنا.

ودائمًا ما تحب الدكتورة آلاء أن تقدم نصيحة صغيرة كثيرًا ما يتم تجاهلها رغم أهميتها الشديدة إلى الشباب الذين ينضمون إلى قطاع التكنولوجيا أو إلى قطاع الأعمال بشكل عام، وهي أنه على الجميع إعداد تعريف شفهي بأنفسهم لا يستغرق سوى ثلاثين ثانية. وأضافت: «على التعريف الموجز أن يشتمل على اسمك، والابتكار المختلف في جعبتك، والشيء الذي سيجعل الآخرين يتذكرونك. قد يحصل الشباب في الشرق الأوسط غالبًا على فرصة للقاء المسؤولين والمديرين التنفيذيين في مكان العمل أو قد يلتقون أشخاصًا مؤثرين في مؤتمر أو على متن طائرة. لذا من الرائع أن تستعد وفي حوزتك هذا التعريف».

وهذه نصيحة بسيطة ولكنها فعّالة جدًا لتحقيق النجاح - وبالتأكيد استفادت منها الدكتورة آلاء هلال.

* باحث اجتماعي

Email