الذكاء الاصطناعي والتعليم في الشرق الأوسط

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

من المتوقع أن تنتقل الفصول الدراسية في منطقة الشرق الأوسط قريباً من الإطار التقليدي للتعلم، إلى استخدام مزيج من الروبوتات والذكاء الاصطناعي المصمم حسب الحاجة والمعلمين. ووفقاً للخبراء، ستستفيد النسبة الكبيرة والمتزايدة من الشباب في المنطقة، من الروبوتات التي تتسم بالصبر والمرونة، كما سيتحرر معلمو الصفوف من الأمور الإدارية، وسيتفرغون للتركيز على الطلاب.

وفي هذا السياق، يقول ويزلي شوالييه، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة تحسين للاستشارات، إن المعلمين في دول مجلس التعاون الخليجي، غالباً ما يعانون من كثرة الأعمال المكتبية. ويوضح قائلاً: «بالنسبة للمعلم، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقلّص الوقت اللازم للتصحيح والعمل الإداري، وتخفيف أعباء العمل من أجل تكريس مزيد من الوقت للطلاب».

وبالنسبة للصف الدراسي نفسه، فإن خيارات «الخدمات المتخصصة وفق الاحتياجات»، التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي، من شأنها أن تساعد على تحسين استمتاع الطلاب بالحصص، وتحسين درجاتهم في الوقت نفسه.

وبحسب الدكتور سنثيل ناثان، المدير العام والشريك المؤسس لشركة إديو ألايانس المحدودة (Edu Alliance Ltd)، ومقرها في أبوظبي، فإن قطاع التعليم المحلي لا يزال في المراحل الأولى من تبني الذكاء الاصطناعي. «ومع ذلك، فإن الإمارات العربية المتحدة عادة ما تتبنى التقنيات الجديدة، وتتأقلم معها بسرعة، وهو ما أتوقعه في هذه الحالة أيضاً».

ويقول الدكتور ناثان «إن التركيبة الكبيرة من الوافدين في العديد من المدارس الإماراتية، يعني وجود نطاق واسع من أنماط التعلم والاحتياجات الأكاديمية داخل الصف الدراسي الواحد.

ويرى الدكتور ناثان، الذي كان يشغل سابقاً منصب نائب مدير مجمع كليات التقنية العليا في الإمارات العربية المتحدة، أن الروبوتات المدرّبة على نحو جيد، يمكنها استكمال دور المعلمين ذوي الخبرة في تقديم الدروس الخصوصية والحصص الإضافية لتقوية وتنمية مهارات الطلاب»، ويضيف قائلاً: «يشهد هذا العام الدراسي، حضور أكثر من 200 طالب في مدارس أبوظبي، دروساً عبر منصة تعليمية جديدة تستخدم الذكاء الاصطناعي.

وتتيح المنصة، المعروفة باسم ألِف (Alef)، للطلاب، التحكم في تعلمهم من خلال دروس تفاعلية وتشاركية، إضافة إلى أنشطة التعلم القائم على التجربة».

وقد تم إعداد ساعات عديدة من المحتوى التفاعلي لتسهيل تعلم جميع المواد والدروس المقدمة كجزء من المنهج الدراسي لوزارة التربية والتعليم لطلاب الصف السادس، مع استهداف التوسع للوصول إلى 1,000 طالب خلال الأشهر القادمة.

وقد تمت تجربة هذه التقنية على مجموعة من الطلاب في العام الماضي، وأسهمت في تحسن درجاتهم في مادة اللغة الإنجليزية بمعدل 27 % خلال سبعة أشهر من استخدام الذكاء الاصطناعي، كما تحسنت درجاتهم في اختبارات مادة الرياضيات بنسبة 78 % في المتوسط.

وتعتبر المنطقة جاهزة من نواحٍ عدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المدارس وخارجها، حيث يمثل الشباب المهتمون بالتقنيات نسبة كبيرة ومتنامية من السكان في منطقة الشرق الأوسط، إذ يمثل من تقل أعمارهم عن 25 عاماً 40 % من التعداد السكاني في المنطقة.

ووفقاً لموريشيو زوازوا، الشريك في شركة إيه تي كيرني (AT Kearney)، «بينما يشير ذلك بوضوح إلى الحاجة الملحة لإيجاد فرص عمل وبناء قدرات جديدة، يمكن القول إن الجيل الجديد من العاملين في هذه الألفية الذين نشؤوا على استخدام التقنية قادر على التأقلم مع احتياجات عصر الإنتاج الجديد»

مستقبل التعليم

تطلق الجامعات الإقليمية مشاريع عديدة، وتشجع على ظهور شركات صغيرة تبتكر في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، من خلال مبادرات مثل «جائزة الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان»، التي تبلغ قيمتها مليون دولار أميركي، والتي تهدف إلى تحفيز جهود التنمية الإقليمية.

ووفقاً للدكتور ناثان، بالإضافة إلى إدخال الذكاء الاصطناعي والروبوتات في مشاريع التخرج ومشاريع طلاب الجامعات، قامت العديد من الجامعات بإدراج الروبوت في المنهج الدراسي لبرامج الهندسة.

ويقول السيد شوالييه، من شركة تحسين للاستشارات، إن السنوات القادمة قد تشهد استخدام الذكاء الاصطناعي، حتى لضمان التطور المشترك لأنظمة التعليم والتدريب مع التنمية والسياسات الاقتصادية.

ويقول: «تتمثل إحدى الاستخدامات المحتملة للذكاء الاصطناعي، في تقوية الروابط بين أولويات التنمية الاقتصادية الوطنية وأنظمة التعليم والتدريب واحتياجات أصحاب العمل. ويمكن للذكاء الاصطناعي توفير نظام يمكن استخدامه من قبل مؤسسات التعليم والتدريب وصناع القرار وأصحاب العمل، لتقييم أداء نظام التعليم والتدريب».

كما يضيف قائلاً: «من ناحية التعليم التمكيني، يعتبر الذكاء الاصطناعي عنصراً محورياً في أنظمة التعليم الذاتي الذكي، والتي توفر إمكانية التعلم الفردي القابل للتكيف، بناء على الملاحظات الفورية، والذي يمكن تخصيصه ليناسب الاحتياجات والقدرات الفردية.

وقد تكون الدروس المصممة وفق احتياجات الطلاب، بمثابة وسيلة فعالة لمواجهة التحديات في تعليم اللغة العربية والمواد الأخرى». ونوه شوالييه بوجود عدد من المشاريع التجريبية الجارية في المناطق النامية، التي تعاني من نقص في المعلمين، حيث يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتعليم الطلاب دون مشاركة المعلمين، أو بأدنى قدر من المشاركة.

ويوضح ذلك قائلاً: «خلال العقد القادم، ستقدم هذه المشاريع التجريبية تعليماً قد يؤدي إلى تقليص الحاجة إلى المعلمين حول العالم، أو يؤدي إلى تغيير مهم في دور المعلمين في تعليم الأجيال القادمة».

وكما اتضح من تطبيق العديد من التقنيات التحويلية، لا سيما في مجال الاقتصاد التشاركي، في دول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي في السنوات القليلة الماضية، لا يمكن الاستغناء عن أي تقنية بمجرد تطبيقها وتبنيها.

أليشا بولر * كاتبة أميركية

 

Email