تعريف العالم بالفنانين والحرفيّين المصريين

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

نحن هنا نتحرى كيف يقوم أسامة غزالي، مؤسس شركة «يدويّة»، بالربط بين الفنانين والحرفيين في الريف المصري والمشترين حول العالم.

تزخر مصر، وهي الدولة العربية الأكثر اكتظاظاً بالسكان، بالصناعات والتراث والتقاليد الثقافية الموروثة عن أجيالٍ سابقة.

يقول أسامة غزالي - مؤسس شركة «يدويّة Yadaweya»، وهي متجر إلكتروني لتجارة المنتجات يدوية الصنع عبر الإنترنت، يوجد الكثير من الحرفيين والفنانين المحليين الموهوبين في البلد، والذين يمارسون حرفاً عريقة دون أن يسمع عنهم أحد شيئاً.

يضيف أسامة غزالي قائلاً: «ينصب التركيز المحلي والدولي على القاهرة، لكن مصر ليست الأهرامات وحسب».

أسس أسامة غزالي شركته «يدويّة» كمتجر إلكتروني دولي، لنشر الوعي بمجتمعات الفنون والحرف المتنوعة في البلد، والتي غالباً ما تتمتع بأصول عريقة. وفي الوقت الذي تعتبر فيه «يدويّة» سوقاً عالمية للتجارة الإلكترونية، فهي تعمل أيضاً بمثابة منصة يتمّ من خلالها «تبادل القصص» عن الحرفيين اليدويين في محافظات صعيد مصر والمناطق الصحراوية.

وفي هذا الإطار، يقول أسامة غزالي: «تُتيح منصتنا للأفراد إمكانية استكشاف الحرف اليدوية التي تعبر عن تراث مصر الثقافي ضمن المجتمعات المحرومة اقتصادياً.

وبالتالي، نحن نسعى للربط بين الحرفيين المصريين غير المتصلين بشبكة الإنترنت والعملاء في جميع أنحاء العالم، وذلك من خلال نشر وتعميم قصصهم ومصنوعاتهم اليدوية».

تخدم «يدويّة» حالياً 4,500 فنان وحرفي في 250 مجتمعاً نائياً. وتمثل النساء أكثر من 60 في المئة من الفنانين والحرفيين على الموقع. يقول أسامة الغزالي عن ذلك: «إن حوالي 90 في المئة منهم غير متعلّمين أو تلقوا قدراً بسيطاً من التعليم. ولا يحظى العديد منهم بأجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية، إلّا أنهم أغنياء بتراث ثقافي عريق ومهارات حرفية متميّزة. لذلك، نحن نسعى جاهدين لمساعدتهم في الوصول إلى العالم الخارجي».

بعد تأسيس الشركة في عام 2015، نشط فريق العمل في التوجّه إلى خارج القاهرة، بحثاً عن المجتمعات المحلية النائية، والعثور على الحرفيين الموهوبين من سكانها. ومن ثمّ، يتولّى فريق العمل مهمة تدريب سكان هذه المجتمعات على التقاط الصور وتسجيل مقاطع فيديو، واستخدام مختلف وسائل التكنولوجيا للتمكّن من مشاركة قصصهم مع جمهورٍ أوسع نطاقاً. وبعد ذلك، يتم تحميل هذه القصص على منصة «يدويّة» للتجارة الإلكترونية، وإتاحتها للجمهور المحلي والعالمي من خلال الموقع.

عقدت الشركة، العديد من الشراكات الهامة مع مجموعة من المنظمات، بما في ذلك جمعية متنزهات البحر الأحمر الوطنية Red Sea National Parks Association، التي تمّ إنشاؤها في عام 2013، لتقديم المساعدات الضرورية للمجتمعات القائمة في الصحراء الشرقية، ومركز التراث العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بهدف توثيق حرف المجتمعات المستهدفة اليدوية والتراثية.

في السياق نفسه، يقول أسامة غزالي إن وظيفته السابقة كرحال، يبلغ من العمر 21 عاماً فقط في صحاري مصر النائية، قد ألهمته وساهمت في بلورة فكرة «يدويّة» لديه. ويضيف: «لقد ساعدني ذلك في استكشاف الجانب الآخر من مصر خارج القاهرة».

إلّا أن الفترة التي قضاها كطالب دراسات بيئية في المملكة المتحدة، هي التي أثبتت له إمكانية السعي للحفاظ على التراث. فيقول معقباً: «شاهدت متاحف وزرت منظمات غير حكومية، ورأيت كيف تعمل من أجل الحفاظ على التراث. ثم جمعت بين كل هذه الأفكار في كيان «يدويّة». فمصر حافلة بتراث ثري، ولا تنقصها العراقة أو الأصالة.

إلّا أن المشكلة الحقيقية تكمن في تمركز كافة الأنشطة والأعمال في القاهرة. أمّا خارج العاصمة، فيفتقر السكان للدعم الضروري لتحفيزهم وتطوير مهاراتهم. حينها، بدأت بالتفكير في سبلٍ من شأنها المساعدة في استكشاف تراثنا، وتقديم الدعم الضروري لكافة أبناء مصر».

حتّى الآن، حققت «يدويّة» نجاحاً باهراً، وبحسب أسامة غزالي، بدأت الشركة بالفعل تصدِّر إلى المتحف البريطاني ومجموعة من الدول، كالولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي.

تأسست «يدويّة» بتمويل تأسيسي من برنامج مسرعة الأعمال «فلات 6 لابز»، إلّا أنها نجحت في توفير دعم ذاتي خلال الأشهر القليلة الماضية، وذلك بفضل العمولات التي باتت تحصل عليها من المبيعات على الموقع. وفي هذا الصدد، يقول أسامة غزالي: «نحن نسعى لتصبح شهرتنا تضاهي شهرة موقع «إتسي Etsy» الإلكتروني لشراء وبيع الأعمال اليدوية المصرية».

وأضاف: «في الوقت الراهن، نسافر إلى مختلف المناطق في مصر لاستكشاف الفنون والحرف اليدوية المتاحة هناك. فالهدف هو التركيز على اكتشافها أولاً، ومن ثمّ على تسويقها. وحالياً نسعى إلى التعاقد مع مستثمرين جدد».

واختتم أسامة غزالي حديثه قائلاً: «تمتد هذه المجتمعات لآلاف السنين من الحضارة والتراث القيّم. ونحن لا نبغي سوى تقدير قيمتها ونشر قصصها للعالم أجمع».

أليشا بولر* كاتبة أميركية

 

Email