تحذير من مخاطر التداول بالعملات المشفرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ديسمبر الماضي، ومع اقتراب سعر عملة بتكوين من 20 ألف دولار، طلبت مني صديقة النصح بشأن الاستثمار في تلك العملة من عدمه. أجبتها حينها بأنه ليست لدي أدنى فكرة عن الأمر. واليوم بعد أن أصبح السعر أقل من نصف ذلك الرقم، تظل إجابتي كما هي.

وقد يحدث خلال العام التالي أن يتضاعف سعر "بتكوين"، أو يرتفع عشرة أضعاف، وقد تنهار قيمتها بنسبة 95% أو أكثر، إذ لا يستطيع أي تحليل اقتصادي أن يساعد في التنبؤ بالمدى الذي قد تتراوح حوله تلك العملة. فقيمتها تتحدد تقديراً على أساس المزاج الجمعي لجمهور المستثمرين، إذ تستقر عادة حيثما يعتقدون أنها ستستقر. والبتكوين، كشأن العملات الأخرى المشفرة، لا تخدم غرضاً اقتصادياً نافعاً، لكن بالنسبة للاقتصاد الكلي، قد يكون لمثل هذه العملات أيضاً ضرر بسيط محتمل.

وعلى العكس من الذهب أو الخزامى، الذي يكون المعروض منهما ثابتاً على المدى القصير ومقيداً بعامل الطبيعة على المدى المتوسط، فإن عملة البتكوين غير الملموسة يمكن في الأساس تخليقها بكميات غير محدودة. لكن في الحقيقة يتقيد المعروض من العملة بخوارزميات برمجية ذكية مدعمة بكميات ضخمة من القدرة الحاسوبية، مما مكن منشئي البتكوين من تحقيق ثلاثية كانت مستحيلة سلفاً وهي: «التعدين» اللامركزي، والعرض الكلي المحدود على وجه العموم، ومجهولية الهوية.

ولهذا السبب حظرت كوريا الجنوبية التداولات مجهولة الهوية بالعملات المشفرة، وتفكر الجهات الرقابية الأخرى حول العالم في أن تحذو حذوها، لذا ينبغي للجهات الرقابية أن تكون متيقظة دوماً لأية مضاربات بالعملات المشفرة ، لكن يبقى التحدي الاجتماعي الأكبر متمثلاً في توجيه الإبداع البشري إلى ابتكار يعزز رفاهية الإنسانية بدلاً من أنشطة مقامرة مجموعها صفري ولا طائل منها.

* رئيس معهد الفكر الاقتصادي الجديد

Email