الأحزاب السياسية وشرط الكفاءة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل نحو 26 عاماً، أصدر الرئيس بوريس يلتسين مرسوماً حَظَر فعلياً عمل أجهزة الحزب الشيوعي في المصانع والجامعات وكل أماكن العمل الأخرى في مختلف أنحاء الاتحاد الروسي.

ولكن مرسوم يلتسين الجريء كان في بعض النواحي غير ضروري: ذلك أن الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي، الذي كان ذات يوم سلاحاً تنظيمياً مخيفاً، كانت أحواله متدهورة بالفعل بسبب افتقاره إلى الكفاءة، إلى الحد الذي حمل عامة الناس على عدم الاكتراث به.

هناك العديد من التفسيرات لسقوط الأحزاب السياسية. فقد أسهم انتقال الناخبين من أبناء الطبقة العاملة إلى الطبقة المتوسطة في سقوط الأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية بقدر ما أسهم فشل النظام السوفييتي في ذلك، وعلى نطاق أوسع، في الدول، حيث تضم الحكومات الائتلافية أحزاباً تتبنى إيديولوجيات متماثلة، ربما يكون من السهل على الناخبين أن يحولوا ولاءاتهم. بطبيعة الحال، زالت أحزاب سياسية كبرى من قبل.

ففي القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كان الحزب الليبرالي، وليس حزب العمال، هو المنافس الرئيسي للمحافظين في المملكة المتحدة، وكان الحزب مزدهراً تحت قيادة ويليام جلادستون وديفيد لويد جورج.

غير أن هذا انتهى قبل بضع سنوات من اندلاع الحرب العالمية الأولى، كما وصف الصحافي البريطاني جورج دانجرفيلد، الذي تحول إلى مؤرخ، في كتابه «موت إنجلترا الليبرالية الغريب». اليوم، يبدو أن بعض الأحزاب السياسية التي كانت عظيمة ذات يوم في الغرب وبعض الدول الناشئة تسلك أيضاً مساراً سريعاً إلى عالم النسيان.

ولكن في حين كان زوال الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي منطقياً تماماً ــ جاء القرار الذي اتخذه يلتسين قبل بضعة أشهر فقط من انهيار هذا المعسكر ، فإن تفسير انحدار الأحزاب السياسية الكبرى في بعض الدول ليس بهذه السهولة.

* كبيرة زملاء معهد السياسة العالمية

Email