الرعاية المنخفضة التكلفة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

فشل الجمهوريون في الكونغرس مرتين في حشد العدد الكافي من الأصوات لتحقيق وعدهم الذي قطعوه على أنفسهم منذ سبع سنوات بإلغاء وإبدال قانون الرعاية الميسرة لعام 2010 («أوباما كير»). ويبدو أنهم في ترنحهم نتيجة للهزيمة تخلوا عن محاولاتهم، ولكن المعركة من أجل تقويض القدرة على الحصول بسهولة على الرعاية الصحية الميسرة لم تنته بعد. وعلى حد تعبير القائمين على آخر محاولة فاشلة لإلغاء القانون، «عندما يتعلق الأمر بأوباما كير فإن الأسوأ لم يأت بعد».

لا ينبغي للأميركيين أن يسمحوا بحدوث أمر كهذا. والواقع أن عدداً متزايداً من حكام الولايات ورؤساء المدن والمواطنين يدركون أن أوباما كير كان ناجحاً. فقد عمل قانون الرعاية الميسرة على تقليص الفوارق في القدرة على الوصول إلى الرعاية، وشجع الإبداع في تقديم الرعاية الصحية الضرورية لمنع نمو التكاليف، والأمر الأكثر أهمية أنه زود عشرات الملايين من الأميركيين بالتغطية التأمينية وعمل على تحسين الرعاية.

يتطلب ضمان استمرار قانون الرعاية الميسرة في العمل بنجاح ــ وعلى نحو أفضل ــ اتخاذ أربع خطوات بالغة الأهمية:

أولا، يتعين على المؤيدين أن يتخذوا موقفاً هجومياً. فبين الحجج الأكثر خداعاً التي ساقها أعضاء مجلس الشيوخ الذين تولوا رعاية آخر جهود إلغاء القانون أن مشروع القانون الذي يطرحونه يوفر القدرة على الاختيار بين الاشتراكية والفيدرالية. الواقع أن قانون الرعاية الميسرة ليس تأميناً اجتماعياً ولا طباً اجتماعياً: فإلى جانب المساعدة الطبية لكبار السن (ميديكير) والرعاية الطبية للفقراء (ميديكيد)، يلعب التأمين الخاص دوراً بالغ الأهمية، وأغلب الرعاية متروكة للقطاع الخاص، بصرف النظر عن مصدر التأمين.

يُعَد قانون الرعاية الميسرة مثالا للفيدرالية العاملة ــ الالتزام الوطني بتوفير التأمين الصحي لكل الأميركيين، إلى جانب قدر كبير من المرونة على مستوى الولايات في ما يتصل بالسياسات المطلوبة لتحقيق هذا الالتزام.

في أعقاب قرار صادر عن المحكمة العليا في عام 2012، قررت عِدة ولايات عدم المشاركة في توسيع برنامج ميديكيد والذي كان يُعَد من أدوات قانون الرعاية الميسرة الأساسية لزيادة نطاق تغطية التأمين الصحي. واختارت 32 ولاية، بما في ذلك مقاطعة كولومبيا (واشنطن العاصمة)، المشاركة، وتقديم التأمين الصحي عن طريق برنامج ميديكيد لعشرة ملايين شخص إضافيين، أو نحو 56% من أولئك المؤمن عليهم حديثاً منذ عام 2013.

وكانت مكاسب التغطية التي حققها قانون الرعاية الميسرة كبيرة بين الأشخاص من ذوي الدخل المنخفض الذين يعيشون في ولايات قررت توسيع برنامج ميديكيد.وعلى الرغم من زيادة معدلات التغطية في كل الولايات منذ إقرار قانون الرعاية الميسرة، فإن أكبر تحسن مسجل كان في الولايات التي اختارت توسيع نطاق برنامج ميديكيد.

الخطوة الثانية اللازمة للدفاع عن قانون الرعاية الميسرة هي ضمان قيام القائمين على إدارته (وخاصة في واشنطن العاصمة) بواجبات وظيفتهم لإنجاحه، وليس تفكيكه سرا. يقوم قانون الرعاية الميسرة على ثلاث دعامات: القواعد التنظيمية، والتفويض، وإعانات الدعم. والواقع أن الجهود جارية لإضعاف الدعامات الثلاث. ولا يجب أن يُسمَح للإدارة الحالية بعرقلة تنفيذ تفويض التأمين للأصحاء، أو تقليص جهود التوعية والإعلانات لمساعدة الأفراد على الالتحاق بنظام التأمين الصحي الذي يحق لهم التأهل له. ومع ذلك فإن مثل هذه الهجمات المستترة تحدث بالفعل. كما لا يمكن السماح لأولئك الذين يرغبون في تخريب قانون الرعاية الميسرة بجعل الإعفاءات الضريبية أقل سخاء .

ثالثاً، يتعين على الكونغرس أن يعيد تركيزه على الجهود الثنائية الحزبية لمعالجة المشاكل المعترف بها في قانون الرعاية الميسرة. فهناك اتفاق واسع النطاق على مجموعة من التحسينات التي كان خبراء الصحة ينادون بتحقيقها لبعض الوقت، ولكن هذا الاتفاق كان موضع تجاهل في سيرك «الإلغاء والإبدال». يقول زيكي إيمانويل، وهو واحد من المستشارين الاقتصاديين الرئيسيين لقانون الرعاية الميسرة، إن الأمر يتطلب ثلاثة تغييرات بالغة الأهمية: «فرض التفويض، وضمان تقديم إعانات الدعم لشركات التأمين بهدف تقاسم التكاليف، والبنود القابلة للخصم والمدفوعات المشتركة للأسر التي تكسب أقل من 50 ألف دولار، وضمان استعانة شركات التأمين بممرات مخاطر، حتى يتسنى لها أن تظل محمية إذا تصادف وجود عدد أكبر مما ينبغي من المرضى.

ورابعاً وأخيراً، ينبغي للمدافعين عن قانون الرعاية الميسرة أن يركزوا على الإبداع المعزز للإنتاجية. فكما كتبنا في عام 2014،»ربما يكون الإبداع هو الجانب الأقل مناقشة بين جوانب إصلاح الرعاية الصحية.

ومن الأهمية بمكان مع ذلك تطويع منحنى تكاليف القطاع، لأن هذا من شأنه أن يمكن تقديم الرعاية الصحية الجيدة بطرق فعّالة من حيث التكلفة. وقد وفر أوباما كير حوافز جديدة قوية لمثل هذا الإبداع«.

تقود العديد من الولايات الطريق من خلال تجربة نماذج جديدة تركز على تقديم نتاج أفضل للمرضى بتكلفة أقل. وقد تلقت ست ولايات»تنازلات«في إطار توسيع نطاق برنامج ميديكيد في ما يتصل بمجموعة عريضة من المجالات، بما في ذلك الأقساط، وترتيبات تقاسم التكاليف، وأنظمة التسليم. وتستفيد أكثر من نصف الولايات من مبلغ المليار دولار المخصص بموجب قانون الرعاية الميسرة لمركز إبداع برامج الرعاية الطبية لكبار السن والفقراء لتشجيع التجارب على مستوى الولايات.

ومؤخرا، أصبحت هاواي أول ولاية تحصل على»تنازل إبداع الولاية) بموجب قانون الرعاية الميسرة، في عام 2017. وتعمل إحدى عشرة ولاية أخرى على تطوير مقترحات لوثائق التنازل. وتوفر هذه الفقرة قدراً كبيراً من المرونة للولايات لإعادة تصميم أنظمة التأمين الصحي وتسليم الرعاية الصحية، ما دامت الإبداعات الجديدة لا تتسبب في ترك المزيد من الأشخاص بلا تأمين، ولا تجعل التغطية أقل تيسراً أو أقل شمولا، أو تزيد من العجز الفيدرالي.

وتستطيع الولاية أن تستخدم التمويل بموجب قانون الرعاية الميسرة لتقديم التغطية في إطار برنامج تديره الدولة، والآن تدرس بعض الولايات أسلوب الدافع الواحد.

الواقع أن العديد من الولايات - سواء كانت جمهورية مثل أركانساس وتينيسي، أو ديمقراطية مثل كاليفورنيا وماساتشوستس - بدأت تُظهر علامات النجاح بالفعل في تحقيق نتاج صحية أفضل بتكاليف أقل.

ولأن القليل من التحرك ربما يكون متوقعاً على المستوى الفيدرالي، فيتعين على الولايات أن تعجل بوتيرة هذه التجارب المبكرة وأن تستخدم قوتها في السوق كمشتر للتأمين لعملاء ميديكيد وموظفي الدولة للدفع في اتجاه التسعير المرجعي، وتحسين الجودة، وشفافية التكاليف.

وبوسعها أيضا أن تعجل بالتحرك نحو أنظمة تسليم الرعاية المنخفضة التكلفة، مثل المنازل الطبية، والابتعاد عن التسعير وفقاً للرسوم في مقابل الخدمة لصالح التسعير المجمع لعدد كبير من الإجراءات.

الحق أن حتى أنصار قانون الرعاية الميسرة يدركون أن أوباما كير يحتاج إلى التحسين. والحلول متاحة، ولكن لا يمكن العثور عليها في المحاولات المخادعة لنيل إعجاب الجماهير بالحديث عن الاشتراكية، بل في الإبداعات التي تستفيد من المرونة الفيدرالية التي هي السمة المميزة للديمقراطية الأميركية.

* رئيسة مجلس رئيس الولايات المتحدة للمستشارين الاقتصاديين سابقاً، وأستاذة في كلية هاس لإدارة الأعمال في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وكبيرة مستشارين لدى مجموعة روك كريك

* * كبير زملاء معهد بريسيديو، ومدير ماكنزي وشركاه سابقاً

Email