ضمان تحقيق النمو للجميع

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل بضع سنوات، بدا الأمر وكأن منطقة اليورو ــ التي تمثل نحو سدس الاقتصاد العالمي ــ تواجه مأزقاً خطيراً. فبدءاً بعام 2010، ساهمت أزمة ديون سيادية غير متوقعة في نشوء نقاط ضعف جسيمة في البنوك الكبرى، وبدورها أدت نقاط الضعف تلك إلى تفاقم الأزمة.

وساعد التقشف المالي في اليونان وغيرها من الدول الضعيفة نسبياً في تأجيج دورة انكماش اقتصادي شاملة. وفي غياب الدعم المتبادل السخي، شهدنا تحركاً يائساً في آخر لحظة، عندما أعلن البنك المركزي الأوروبي في مارس 2015 عن برنامج طموح لشراء ديون الحكومات.

الواقع أن الإنجازات الداعمة للنمو في السنوات القليلة الماضية حقيقية. فقد ساعدت أسعار فائدة البنك المركزي الأوروبي المنخفضة (السلبية في واقع الأمر) في دعم الائتمان في عموم الأمر وضمان استمرار تمويل العجز الحكومي على وجه الخصوص. وقد أدى هذا إلى إزالة الضغوط المفروضة على السياسة المالية، وكان التقشف أقل مما بدا مرجحاً في السابق.

ومن الخطأ استبعاد أوروبا من المعادلة. ذلك أن رأسمالها البشري سليم معافى، والرعاية الصحية الجيدة متاحة الآن لعدد أكبر من الناس مقارنة بحالها في الولايات المتحدة، فضلاً عن نشوء شركات أقوى من خلال عملية دمج الأسواق الوطنية.

وعلاوة على ذلك، كان القرار الذي اتخذته بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي سبباً في تركيز أذهان القادة القاريين. ويقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنشاء سلطة مركزية أكثر قوة، بما في ذلك احتمال إنشاء وزارة للمالية.

وقد يتضح أن أعظم أسباب القلق هو اختلالات التوازن داخل منطقة اليورو. فالاقتصاد الألماني قوي: إذ يبلغ النمو هناك نحو 1.5% إلى 1.6%، وتشغيل العمالة في ألمانيا شبه كامل، هذا فضلاً عن فائضها الكبير في الحساب الجاري. ويشهد اقتصاد إسبانيا تحسناً كبيراً، حيث يبلغ النمو نحو 2.6%، ولكن البطالة لا تزال مرتفعة بعناد ــ وبشكل مثير للقلق ــ عند مستوى نحو 18%.

وتظل إيطاليا تشكل السؤال الأكبر، مع توقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي هناك بنسبة 0.8% هذا العام والذي يليه.

وتظل التوقعات في فرنسا أيضاً غير واضحة. فهل يؤدي التحول المذهل الذي أحدثه ماكرون في السياسة الفرنسية إلى إصلاحات معززة للنمو؟ إذا لم يحدث ذلك، فربما تكون ألمانيا أقل ميلاً إلى لقاء ماكرون في منتصف الطريق نحو التكامل في منطقة اليورو.

في المقام الأول من الأهمية، يتعين على منطقة اليورو ــ أو ربما الاتحاد الأوروبي ــ أن تعمل على إيجاد السبل لضمان تحقيق النمو للجميع واستفادتهم من النمو. ولا أحد يستطيع أن يجزم بنجاح هذه الجهود أو فشلها. الأمر المؤكد هو أن المهمة تُصبِح أكثر سهولة في بيئة مثل البيئة الحالية، حيث مر الأسوأ وانقضى.

* أستاذ في مدرسة سلون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا

Email