شعبية الدولار والملاذ الآمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

طوال ما يقرب من قرن من الزمن، كان الدولار يُعَد الملاذ الآمن المطلق في العالَم المالي. فلم تَعِدنا أية عملة أخرى بنفس الدرجة من الأمان والسيولة للثروة المتراكمة. وفي أوقات المتاعب في الماضي، دأب المستثمرون المتوترون والبنوك المركزية الحصيفة على تكديس الأصول المقومة بالدولار، وخاصة سندات الخزانة الأميركية. ولكن لم يعد من الممكن أن تظل هذه الحال قائمة.

لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية أن تعرضت سلامة الدولار لمثل هذا القدر من الشكوك. ففي فترة ما بعد الحرب، وَعَدَت أسواق المال الأميركية الناضجة الضخمة إلى حد غير عادي بقدر من السيولة لا مثيل له. ولأن الولايات المتحدة كانت قوة عسكرية مهيمنة، فكان بوسعها أن تضمن الأمن الجيوسياسي أيضا. ولم تكن أي دولة أخرى في وضع أفضل يتيح لها توفير أصول آمنة يحتاج إليها النظام المالي . وكما قالت الخبيرة الاستثمارية الاستراتيجية كاثي جونز من نيويورك في حديث مع نيويورك تايمز2012، «عندما يشعر الناس بالقلق، فإن كل الطرق تؤدي إلى سندات الخزانة».

ربما يُعزى قدر كبير من ارتفاع الطلب على الدولار قبل عشر سنوات إلى الخوف المحض: فلم يكن أحد يعلم إلى أي مدى قد تسوء الأمور. وبوسعنا أن نقول الشيء نفسه عن المواجهة المتصاعدة اليوم بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. ولكن هل يكرر التاريخ نفسه، فيدفع بالمستثمرين إلى التهافت على الدولار؟

إن شعبية الدولار كمخزن للقيمة تمنح الولايات المتحدة «امتيازا باهظا». فعندما يضع المستثمرون والبنوك المركزية ثرواتهم في سندات الخزانة وغيرها من الأصول الأميركية، تستطيع حكومة الولايات المتحدة الاستمرار في الإنفاق بقدر ما تحتاج للحفاظ على التزاماتها الأمنية العديدة في مختلف أنحاء العالَم، وتمويل العجز التجاري وعجز الموازنة.

* أستاذ الاقتصاد السياسي الدولي في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا

Email