التنبؤ بالأزمات

ت + ت - الحجم الطبيعي

التنبؤ بالاضطرابات السياسية ليس بالأمر السهل. خبراء الاقتصاد ليس لديهم سجل مثير عندما يتعلق الأمر بالتنبؤ حتى بالأزمات الاقتصادية. لكن هذا الفشل في التنبؤ قد يعكس مشكلة أعمق مع الافتراضات والأطر الاقتصادية. إن الفشل في توقع الثورات السياسية يعكس، جزئياً على الأقل، القصور المفاهيمية.

يميل الاقتصاد السائد إلى التركيز على التوازنات وعلى الاقتصاد المتجانس، مسترشداً بالاختيار العقلاني، عندما تعادل الفوائد الهامشية التكاليف الثانوية. من الواضح أن هذا الإطار المفاهيمي غير قادر على التعامل مع الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، التي بالكاد يمكن وصفها بأنها تغييرات هامشية.

وهناك أيضاً أبعاد تجريبية لفشل التنبؤ هذا. فقد رسمت العديد من البيانات صورة إيجابية تماماً عن الوضع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا (MENA). خلال العقد الذي سبق اندلاع الانتفاضات، حققت اقتصادات المنطقة معدلات حقيقية محترمة سنوية لنمو الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 4-5٪.

يقدم كتاب أرسطو بعنوان «السياسة» تفسيراً مختلفاً جذرياً عن العلاقة بين الأداء الاقتصادي والاستقرار السياسي: «من أجل تأمين سلطته، يجب أن يُبقي المستبد السكان في حالة فقر، بحيث لا يترك لهم الانشغال بالعيش اليومي أي مجال للتآمر ضد الحاكم». هذا لا يعني أن الثورات هي امتياز للأغنياء، لكن تزايد الرخاء النسبي هذا قد ينمي الوعي بالحريات المفقودة ويغذي مقاومة الحوكمة السيئة.

وفقاً لنظرية عالم الاجتماع الأميركي جيمس س. ديفيز التي تسمى نظرية منحنى ج.، فالثورات تَحدث عند انعكاس فترات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لفترة طويلة بشكل حاد ومفاجئ. وبعبارة أخرى، إنها ليست صعوبات اقتصادية واضحة، وإنما إحباط ناتج عن التفاوت بين الانتظارات والواقع الذي يوقظ الشعوب.

 حسن حكيميان * مدير معهد الشرق الأوسط في لندن وأستاذ الاقتصاد في سواس، جامعة لندن

Email