قوة اقتصادية ومالية كوكبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين تبنت الولايات المتحدة سياسات مماثلة في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، ساعدت بذلك على غرس بذور الحرب العالمية الثانية. وكانت سياسة فرض تدابير الحماية ــ التي بدأت بقانون سموت هاولي للتعرفة الجمركية الذي فُرض على آلاف السلع المستوردة ــ الشرارة التي أشعلت الحروب التجارية الثأرية وحروب العملة، التي فاقمت بدورها أزمة الكساد العظيم.

والأهم في الأمر هو أن عزلة أميركا ــ التي قامت على أساس اعتقاد مضلل بأن الولايات المتحدة يحميها بشكل آمن محيطان ــ سمحت لألمانيا النازية واليابان الإمبريالية بشن حرب عدوانية وتهديد العالم بأسره.

وبالهجوم على بيرل هاربر في ديسمبر من عام 1941، وجدت الولايات المتحدة نفسها في نهاية المطاف مُجبَرَة على رفع رأسها من الرمال.

واليوم أيضاً، قد تفضي عودة الولايات المتحدة إلى العزلة واقتصارها على ملاحقة مصالحها الوطنية إلى نزاع كوكبي في نهاية المطاف. ويبدو الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو في حالة تفكك بالفعل منذ الآن وحتى دون الأخذ بعين الاعتبار احتمال انفصال أميركا عن أوروبا، وقد يشهد عام 2017 فضلاً عن ذلك صعود الأحزاب الشعبوية المتطرفة اليسارية أو اليمينية المناهضة لأوروبا لسدة السلطة في فرنسا وإيطاليا، وربما في أجزاء أخرى من أوروبا.

ومثلما حدث في ثلاثينيات القرن العشرين، حين عرقلت سياسات الحماية والانعزالية التي تبنتها الولايات المتحدة نمو الاقتصاد والتجارة العالميين وعَبَّدَت الطريق للقوى الصاعدة المطالبة بمراجعة التاريخ العالمي لشن حرب عالمية، قد تمهد سياسة مماثلة التربة لقوى جديدة لتتحدى النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة وتقوضه. تظل الولايات المتحدة الأميركية قوة اقتصادية ومالية كوكبية في عالم مترابط الأجزاء بشدة .

* أستاذ الاقتصاد في كلية شتيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك

Email