علي آل سلوم: أسرتي علمتني حب البيئة

أتكلم عن البيئة التي أعيشها، وليست بالضرورة التي ترتبط بالأخضر والأصفر، وربما تكون هذه الـ90% صحراء. لكن تحتها يوجد مياه وثروات باطنية مختلفة. يجب فهم مبدأ البيئة من منطلق أن الإنسان يعيش في البيئة دوماً، وهي عنصر غير منفصل عن أي إنسان.

في المحيط أب وأم وأسرة، وعندما تبيّن الأسرة أن المحيط ليس فقط غرفة النوم والمجلس والمكان الذي نعيش فيه فقط، إنما في أهمية تعريف الأبناء بالمحيط الموجود في هذا العالم، كتعريف الأب لابنه بوجود بلبل يعيش على شجرة سقاها هو بنفسه، وهي الشجرة التي مر بجانبها هذا العصفور ليستظل فيها ويرتاح، ويشرب من سبيل ماء قريب. هذا ما حصل لي عندما كان عمري 7 سنوات وأقطن في حي سكني مع عائلتي.

مرة نزل في حديقة منزلنا طائر لقلق، وكان سبب نزوله هو وجود مسبح في حديقة المنزل، شاهده اللقلق خلال طيرانه فنزل ليشرب، فاحتضنته أمي وأطعمته وسقته، ومن وقتها صارت لدينا هذه الصلة الطيبة مع الطيور البرية.

البيئة الصحراوية مكون أساسي في حياتنا، ورحلات البر تعتبر جزءاً من هويتنا الوطنية، وخلال تلك الرحلات المثيرة التي ترسخت في ذاكرتي، كان للجميع أدوار يقومون بها، وعلى عاتقي كانت تقع مسؤولية الفحم، وأذكر جيداً أن جدتي «رحمها الله» كانت تقول لا ترموا بقايا الفحم (السخام)، وتطلب مني الاحتفاظ بالرماد المتبقي وتعبئته في كيس، وهذا بسبب أن الرماد يستخدم كسماد لشجر الموز، وبالتالي من لم يكن يعلم هذه الأمور لن يعطي البيئة هذا الاهتمام.

تمر الأيام، ونذهب إلى البحر رفقة والدي «رحمه الله» لنصطاد ونستخرج بعض المحار، وعندما نأكل «الخرط» الموجود داخل المحار، كنا نريد رمي المحار، لكن والدي كان يطلب منا الاحتفاظ بها لاستخدامها بطريقة معينة كسماد لشجر النخيل. تصور أن البحر يقدم سماداً للنخيل!، سبحان الله.

البيئة ليست أن نعيد الممارسات، إنما أن نحييها من باب الوازع الديني الذي يفرض علينا أن نحترم كل ما خلق الله، سبحانه وتعالى، كما يسهم العامل الوطني في هذا المنحى، لأن أدنى مستويات حب الوطن أن تأخذ القمامة وتضعها في سلة القمامة، وأن تكون قدوةً للأجيال القادمة، فالمكان الذي تسير فيه هو جزء من وطنك الكبير الذي تحيا فيه.

إعلامي ومستشار ثقافي

أنت أيضاً بوسعك أن تكون من #وجوه_مضيئة.
شاركنا على الإنستغرام بصور تعكس اهتمامك بالبيئة في حياتك اليومية. جوائز صديقة للبيئة بانتظارك!