أطباء في هيئة الصحة بدبي يؤكدون دورها الإيجابي ويُحــذّرون مـن ترويجهـــا لمنتجات ضـارة

«التواصل الاجتماعي».. منصات للتـوعية الصحيـة لا تخلو من المخاطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي بتطوراتها الهائلة، قاصرة على الدور التقليدي لها، بل باتت بيئة خصبة لتداول المعلومات الطبية وساهمت في نقل مهنة الطب من الغرف المغلقة إلى الفضاء الإلكتروني، حيث تلعب دوراً كبيراً في نشر التوعية الصحية في حال استثمارها بطريقة صحيحة، من قبل الأطباء المتخصصين، إلا أن استغلالها من قبل البعض لنشر الأخبار المضللة مثل الترويج لبعض الخلطات العشبية والمكملات الغدائية يلحق أضراراً كبيرة بصحة المجتمع.

دور

ويرى الدكتور أنور الحمادي استشاري الأمراض الجلدية ورئيس مركز الأمراض الجلدية التابع لهيئة الصحة والناشط الاجتماعي أن وسائل التواصل الاجتماعي وجدت أصلاً لتناول وتداول الأخبار الصحيحة والمفيدة، التي تفيد كافة شرائح المجتمع بهدف إسعاد الناس، نتيجة لقوة تأثيرها وكثرة متابعيها، كونها وسيلة فعالة لنشر التوعية الطبية وتفنيد الشائعات ودرء مخاطرها بما يصب في مصلحة المجتمع وإسعاده.

وقال إن هناك نوعين من الأطباء، الأول يحاول خدمة المجتمع، والثاني يعتبرها وسيلة للشهرة والدعاية، مضيفاً أن المأخذ الوحيد على وسائل التواصل الاجتماعي هو أن أغلب الحسابات الطبية لا تدار من قبل أطباء، وإنما من قبل أناس عاديين لا علاقة لهم بالطب وغالباً ما تتضمن الكثير من المعلومات المغلوطة، الأمر الذي يشكل خطورة على صحة الناس.

وأوضح أنه يخصص أسبوعياً ساعتين من وقته يتفرغ فيهما للتواصل مع المرضى عبر قنوات التواصل الاجتماعي، قائلاً إن معظم المرضى تكون لديهم معلومات خاطئة عن طبيعة أمراضهم بسبب عدم توفير المعلومات الكافية لهم من قبل الطبيب المعالج، مما يدفعهم للبحث عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع بعض الأطباء ممن يجيبون مباشرة عل استفسارات المرضى، وهنا يكمن دورها الإيجابي في التوعية وإعطاء المعلومات الصحيحة للمتسائلين، مبيناً أن 60% من المعلومات التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي غالباً ما تكون مبهمة أو مغلوطة، لأنها لا تأتي من المتخصصين بل من عامة الناس.

التكنولوجيا الحديثة

وأكد الحمادي أن التكنولوجيا الحديثة والأجهزة الذكية التي أصبحت متاحة في يد الجميع، ساهمت في إعطاء زخم كبير لوسائل التواصل الاجتماعي، وجعلت منها وسيلة فعالة لنشر التوعية الطبية وتفنيد الشائعات ودرء مخاطرها بما يصب في مصلحة المجتمع وإسعاده، باعتبارها أصبحت سلطة خامسة، وخاصة بعد أن أثبتت الدراسات أن واحداً من كل 4 يتابعون المواقع الصحية.

ويضيف أن هذه الوسائل تعتبر وسيلة مفيدة وناجحة إذا استخدمت بشكل صحيح، داعياً الأطباء في جميع تخصصاتهم إلى التوسع في استخدامها لتوعية الجمهور، عوضاً عن بعض المواقع الطبية غير الموثوق بها، وأهاب باستغلال المنصات الطبية بشكل يفيد المجتمع.

وأوضح أن الرسائل الصحية من المؤثرين تنعكس إيجاباً على صحة الجمهور مثل صورة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التي نشرها عبر حساباته الإلكترونية وهو يمارس رياضة ركوب الدراجات الهوائية، وهذه رسالة قوية لكافة شرائح المجتمع تحثهم على ممارسة الرياضة للوقاية من أمراض العصر.

وأهاب الدكتور الحمادي الذي يعد من اكبر الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي بالجمهور عدم الدخول إلى حسابات أو بعض المواقع الإلكترونية المجهولة المصدر، كونها تشكل خطورة على صحة وحياة المريض، لافتاً إلى إن البعض ينشئ حسابات لترويج العقاقير العشبية، مستعينين بآيات من القرآن الكريم، مستغلين حاجة المرضى، إلا أن معظمها غير نافع، كما أن البعض منهم يستخدم العقاقير الطبية الحقيقية بعد أن يضعها في عبوات أخرى لتسويقها على أنها عقاقير عشبية.

واستطرد الدكتور الحمادي قائلاً:«هناك محاذير عدة تحملها تلك الخدمة بين جنباتها، إذ تُعد مواقع التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنشر الأخبار المغلوطة، وبات المشتركون بها يعرضون تجاربهم الشخصية على أنها معلومات ونصائح طبية يأخذها البعض بالحسبان».

تحذير

وبدورها قالت وفاء عايش مدير إدارة التغذية السريرية في صحة دبي: وسائل التواصل الاجتماعي نعمة من نعم الله، يجب استثمارها واستخدامها لأغراض وأهداف إيجابية لا لنشر المعلومات التي تضر المجتمع، وأضافت: المعلومات الصحية المتعلقة بالعلاج والتغذية واتباع ما يأتي فيها من حميات لتنزيل الوزن، أو علاج الأمراض المزمنة والمستعصية مثل مرض السكري تشكل خطراً على الصحة، مؤكدة أن كل الوصفات الشعبية التي يدعي المروجون لها فعاليتها في علاج أو تخفيض نسبة السكري هي معلومات مغلوطة ولا أساس لها من الصحة.

وقالت انتشر قبل فترة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن غلي الباذنجان بقشرة وأكله يعالج مرض السكري، وخلال دقائق انتشر الخبر كانتشار النار في الهشيم، الأمر الذي دفعني لنفي الخبر جملة وتفصيلاً خوفاً من توقف بعض المرضى خاصة من الناس العاديين عن تناول علاجهم وبالتالي ارتفاع نسبة السكر.

وتابعت للأسف يستغل البعض الانتشار الواسع لها، لنشر أخبار لا أساس لها من الصحة، مثل زراعة الخلايا الجذعية لمرضى السكري، علاج فعال للقضاء على المرض رغم انه ما زال في طور البحث، أو ما ينشر من نصائح وبرامج تنزيل الوزن، مشيرة إلى ان هناك فرقاً بين التغذية الثقافية، والتغذية العلاجية، والأخيرة لابد أن يتحدث فيها المختصون فقط.

فارق كبير

وعن نشر معلومات تحت عنوان «أثبتت دراسات طبية»، أشارت إلى أن توصيات الدراسة، هي ما وضعها الباحثون واستخلصوها، وليس معنى أن دراسة علمية نشر عنها عالمياً، أو حتى في مجلة علمية، يعني أنها أصبحت نهائية، أو أن ما نشر يمكن اعتماده وتطبيقه.

وقالت إن نسبة كبيرة من المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي غالباً ما تكون المعلومات الصحية بها غير دقيقة، وبالتالي يجب توخي الحيطة والحذر قبل تناول أي دواء أو شراء أدوية يدعي المروجون لها أنها تخفف الوزن أو تعالج السكري وغير ذلك .

وتوصي وفاء عايش بعدم اتباع طرق تتعلق بالصحة، من خلال ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة للمرضى أو من لديهم مشاكل صحية، لأنها غالباً ما تكون مغلوطة وليست موثقة، مشيرة إلى أن ما يفيد شخصاً قد يضر شخصاً آخر وبالتالي لا بد من استشارة الطبيب قبل التوقف عن تناول العلاج.

تقمص

وشددت على أن الخطورة تكمن في أن الكثيرين يتقمصون شخصيات الأطباء عبر مجموعات بمواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي من شأنه أن ينتهك الخصوصية ويؤدي إلى نتائج سلبية، موضحةً أن البعض يعتبر الخبرات الشخصية للآخرين نصائح طبية مسلماً بها.

سلاح ذو حدين

من جانبه، قال الدكتور أحمد محرابي رئيس قسم الصيدلة في الرعاية الصحية الأولية في المنطقة الأولى بدبي: «وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر سلاحاً ذو حدين، مفيدة جداً في حال استثمارها في التوعية الصحية وتناقل الأخبار الصحية المفيدة، وضارة في حال استخدامها للترويج لمنتجات صحية قد تكون أحياناً مقلدة ولها أضرار كبيرة على صحة المرضى».

وأضاف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الاستشارات الطبية يعد خطوة جيدة للتوعية، لأن الطبيب يجيب مباشرة على أسئلة المرضى، وهي طريقة جيدة لمحاربة المواقع التي تنشر الأخبار المضللة.

ويضم الدكتور أحمد محرابي صوته للأطباء المطالبين بضرورة قيام الأطباء المتخصصين في كافة تخصصاتهم الطبية بتخصيص ساعة أسبوعياً من وقتهم للرد على استفسارات المرضى وتوعيتهم، لافتاً إلى أن صحة دبي تعتبر مصدراً مهماً لأن الأخبار التي يتم تداولها من قبل أطباء الهيئة موثوقة وتصدر من أطباء متخصصين في مجالاتهم.

وأضاف: «للأسف بعض الشركات اتخذت من وسائل التواصل الاجتماعي سلاحاً لمحاربة الشركات المنافسة لها وغالباً ما تقوم بنشر تحذيرات مخيفة عن الأدوية، تنتشر بسرعة البرق بين كافة أوساط المجتمع، علماً أنها تكون مغلوطة ولا أساس لها من الصحة، داعياً الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم المجتمعية وتزويد الناس بالمعلومات المفيدة بدلاً من نشر سموم الأخبار الملفقة والتي لا تمت للحقيقة بصلة».

وقال إنه في عصر المعلومات والتواصل الحالي، تأخذ مواقع التواصل والوسائط الاجتماعية حيزاً من الاهتمام، مؤكداً «يجب على الجميع الاستفادة من هذه التطورات دون مبالغة قد تضر ولا تفيد».

تنافس

قال الدكتور أحمد محرابي : «هناك تنافس بين الأطباء ومقدمي الخدمة الطبية، لذلك يلجأ بعض الأطباء لمواقع التواصل الاجتماعي لتوسيع قاعدة جمهورهم، بعد أن كان عملهم يقتصر على البيئة المحيطة بهم فقط»، وهناك آخرون يسعون إلى إيصال المعلومة الصحيحة، وهذا ما يجب أن تكون عليه الحال، والكارثة الكبرى تكمن في أن هناك أفراداً غير متخصصين يستغلون نسبة الجهل الكبيرة، فيأخذ بعض منهم الاستشارات دون أن يكون لديه الخبرة بذلك التخصص».

مواطنون ومقيمون:

منصات التواصل بوابات لخدمة وإسعاد المرضى

تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي مصدرا مهما لنشر التوعية الصحية وزيادة المعرفة بين الناس كونها دخلت كافة البيوت دون استئدان، ولكنها في الوقت نفسه تبقى سلاحا ذا حدين، وبات لتلك الخدمات محاذير كثيرة فضلاً عن ميزاتها الجمّة.

إذ إنه بعد غلاء الرسوم الطبية في بعض المستشفيات والعيادات الخاصة أصبح «الإنترنت» وتحديدا مواقع التواصل الاجتماعي هي الوجهة الأكثر تزايدا في الاستخدام من قبل البالغين من أجل البحث عن المعلومات والاستشارات الطبية والصحية.

ويقول عبد الرحمن عمر إنه يستفيد من الكثير من المعلومات الطبية المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أطباء موثوقين، ولكنه يعتقد أنها لا تناسب بالضرورة كل شخص، مشيرا إلى أن هذه المواقع توفر المعلومة بشكل عام، وقد يكون لدى المريض أدوية أخرى، فيتسبب ذلك بتداخلات دوائية خطرة.

استشارات

وأضاف إنه يقضي معظم وقته يتابع مواقع التواصل الاجتماعي، ومن المفيد قضاؤه فيما يفيد مثل متابعة حسابات الأطباء الموثوقين للحصول على المعلومات الصحية وتفنيد الشائعات التي يتم تداولها عبر «الواتس أب»، مثل الترويج لبعض الدهانات للبشرة وزيوت الشعر فضلا عن بعض العلاجات بالأعشاب الطبيعية والخلطات التي قد لا تصلح لكل مريض.

وشددت مها الهاشمي على أن الخطورة تكمن في أن الكثيرين يتقمصون شخصيات الأطباء وينشئون مجموعات بمواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي من شأنه أن ينتهك الخصوصية ويؤدي إلى نتائج سلبية، موضحةً: ذلك بالإضافة إلى أن البعض يعتبر الخبرات الشخصية للآخرين نصائح طبية مسلماً بها.

حسابات الأطباء

وأوضحت أن من ميزات الصفحات الطبية المتخصصة على فيسبوك تقديم المعلومة بطريقة مختلفة و«ظريفة»، تساعد على تثبيت المعلومة لدى المتلقي على عكس الطريقة التقليدية التلقينية القديمة المقتصرة على نصائح الطبيب داخل عيادته، لافتا إلى أنها تتوقع أن تزداد الحسابات الشخصية للأطباء على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، من أجل خدمة المجتمع وتقديم العون للغير، خاصة بعد إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بأن عام 2017 سيكون شعاره عام الخير، والتركيز على محور ترسيخ المسؤولية المجتمعية، وتقديم خدمات حقيقية لمجتمع الإمارات والاستفادة من الكفاءات المختلفة في كافة المجالات.

وأكدت ريهام مراد أنها كانت تعاني من الحموضة الزائدة في المعدة وتفاجأت بأنها تتقيأ دما وكان الوقت متأخرا من الليل ولم تستطع الذهاب إلى الطبيب، الأمر الذي سبب لها ذعرا شديدا لم يبدده سوى لجوئها للواتس أب حين تواصلت مع طبيبها الخاص وأبلغته بالأمر ونقلت إليه شعورها بالقلق حيال ذلك، إلا أن طبيبها طمأنها بعد أن شرحت له الحالة وهدأ من روعها بأن حالتها لا تستدعي القلق بقدر ما يجب عليها أن تراجعه في الصباح.

وذكرت أنه لولا طمأنة الطبيب لها عبر الواتس لكانت ازدادت حالتها سوءا بشكل قد يؤثر على صحتها، وفي واقعة أخرى أشارت أيضا إلى أن ابنتها أصيبت بطفح جلدي وطافت بها العديد من الأطباء من دون جدوى وكان طبيب العائلة غير متواجد بالدولة فاضطرت أن تتواصل معه عبر مواقع التواصل وأرسلت له صورة لوجه ابنتها توضح الإصابة، وبعد عدة أسئلة وجهها لها الطبيب ليستفسر أكثر عن الحالة، قام بتشخيصها ووصف العلاج والدهانات المناسبة، وعلى الفور ذهبت لشرائها من الصيدلية، مؤكدة أن النتيجة كانت طيبة.

وتبحث نورة شافع عن الطبيب الذي لديه عدد أكبر من المتابعين عبر حساباته، ويوثق فيه سواء كان داخل الدولة أو خارجها إذ إن مواقع التواصل الاجتماعي أزالت جميع الحواجز وجعلت العالم قرية صغيرة، إلا أنها تتعامل بحنكة مع هذه الحسابات وتأخذ فقط ما يفيدها، مدركة تماما بأن ما ينفع مريضا قد لا يصلح للآخر، ولكن بشكل عام تستفيد من الاستسفسارات والنصائح وتفنيد الإشاعات العلاجية.

Email