وفاء عايش مدير إدارة التغذية العلاجية في «صحة دبي»:

رمضان فرصة لإعادة النظر في العادات الغذائية غير الصحية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشكل شهر رمضان الكريم فرصة لكي يعيد الصائمون النظر في بعض العادات الغذائية غير الصحية،‏ كالإفراط في تناول الطعام‏ عموماً والإكثار من تناول المأكولات الدسمة على وجه الخصوص،‏ والتركيز على أنواع محددة من الأطعمة والتي يحتوي معظمها على كميات كبيرة من السعرات الحرارية‏،‏ وتكون غنية بالدهون المشبعة.

ويحتاج الجسم لتأدية مهامه للطاقة التي تتوفر انطلاقاً من هضم الأغذية التي يتناولها الإنسان عبر وجبات متفرقة طوال اليوم، إلا أن شهر رمضان الكريم يعتبر حالة خاصة، لأن الصائم يمسك فيه عن الطعام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهي مدة غالباً ما تتجاوز 12 ساعة، وعادة ما يكون الشخص قد تناول فيها وجبتين أو 3 خلال أيام الإفطار. هذا التغير في نظام الوجبات يرغم الجسم على التكيف ويحدث العديد من التغييرات على المستوى الفيزيولوجي والنفسي تعود كلها على الصائم بالنفع.

هذا بالتحديد ما تقوله وفاء عايش مدير إدارة التغذية العلاجية في هيئة الصحة بدبي، خلال هذا الحوار المفصل والمبسط في معانيه ومفرداته، وبدأنا معها بالسؤال عن أهمية اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، طيلة أيام السنة وليس فقط في شهر رمضان. حيث بينت أن هذا النظام يعتمد على تناول الصائم أنواع الأطعمة المختلفة، حتى يحصل على جميع المركبات الغذائية التي يحتاجها الجسم، ومن أهم الأمور التي يجب مراعاتها، هي تناول الطعام ببطء وعدم الإسراع فيه.

جميعنا يسارع لشرب كميات كبيرة من الماء لحظات الإفطار الأولى، فهل هذا الأمر صحي؟

من الأهمية شرب كميات كافية من الماء، لكن بين وجبتي الإفطار والسحور لإمداد الجسم بالسوائل أثناء النهار، مع تجنب تناول المشروبات الغازية عند تناول وجبة الإفطار والسحور لأنها تؤثر سلباً على عملية الهضم وتملأ المعدة بالسكر‏،‏ إضافة إلى افتقار هذه الأنواع من المشروبات للقيمة الغذائية وتأثيرها على زيادة الوزن، ويفضل ممارسة الرياضة مساءً لـ 30 دقيقة بعد ساعتين من تناول أي وجبة.

ما هي النصائح التي تؤكدون عليها ويؤكد عليها أيضاً خبراء التغذية، والتي يجب أن يتبعها الصائم طوال شهر رمضان؟

عدم الأكل حتى الشعور بالشبع التام في وجبتي الإفطار والسحور؛ لتجنب الإصابة بالتخمة، وترك مجال لتناول وجبات خفيفة أخرى بين الوجبتين.

وتأخير وجبة السحور؛ لأن ذلك يساعد من التقليل من الشعور بالجوع والعطش ويعين الصائم على أداء مهامه اليومية دون تعب أو إرهاق. والإكثار من تناول السوائل التي تعوض الجفاف الذي يحدث نتيجة فقد هذه السوائل بسبب العرق، والإكثار من تناول الفاكهة والخضروات الطازجة لاحتوائها على نسبة عالية من الألياف والماء والأملاح والفيتامينات.

ملح الطعام

وتجنب الإكثار من ملح الطعام على المائدة وأيضاً المخللات والأطعمة المملحة والتوابل والبهارات لأنها بالإضافة إلى أضرارها الصحية فإنها تزيد الإحساس بالعطش. ومراعاة الإقلال من تناول الأطعمة الدهنية والدسمة لاحتوائها على كميات عالية من الطاقة والسعرات الحرارية ومثال على ذلك الأطعمة المقلية والطبخات الدسمة المضاف لها الزبدة والسمن.

كما يجب مراقبة ما يتناوله الصائم من حلويات مع اختيار الأصناف التي تحتوي ‏على سعرات حرارية أقل حسب مكوناتها، فيفضل أن يتناول الصائم طبقاً من سلطة الفواكه بدلاً من قطعة كنافة أو بقلاوة، أو حلوى قمر الدين بدلاً من البسبوسة ويمكن الاستعاضة عنها بحبتي تمر.

ويجب تجنب تناول المشروبات الغازية وعصائر الشراب غير الطبيعية مع وجبتي الإفطار والسحور لأنها تحد من كفاءة الهضم وتملأ المعدة ـ إضافة إلى ضعف القيمة الغذائية لهذه الأنواع من ‏المشروبات وتأثيرها على زيادة الوزن. كما يجب ضرورة ممارسة نوع من النشاط الحركي بعد الإفطار بساعة كي تساعد على الهضم وتمنع تراكم المواد الضارة في الجسم مثل المشي وأداء صلاة التراويح.

مائدة الإفطار.. كيف تكون متوازنة من حيث العناصر الغذائية، ومناسبة لحالة المعدة بعد ساعات الصيام؟

تناول طعام الإفطار يجب أن يكون على مرحلتين، إذ من المستحسن البدء بتناول بعض حبات من التمر وشرب الماء وبعدها تناول الحساء مما يساعد على التحكم بكمية الطعام التي يتناولها الصائم. وأما في المرحلة الثانية فمن المحبذ أن تكون بعد إتمام صلاة التراويح، وتحتوي هذه الوجبة على الطبق الرئيسي.

وينصح ببدء الإفطار بتناول البلح والشوربة، لكي تهيئ المعدة لعملية الامتصاص ولاجتناب عمليات عسر الهضم، وبعد نصف ساعة من تناول البلح والشوربة يمكن تناول الوجبة الرئيسية للإفطار.

ويعتبر التمر أفضل ما يبدأ به الإفطار لأن التمر به سكريات سهلة الامتصاص وسريعة الوصول إلى الدورة الدموية وهذا ‏ما يحتاجه الجسم بعد ساعات طويلة من الامتناع عن الطعام، حيث تنشط إفراز الإنزيمات ‏الهاضمة لتستقبل الطعام الذي سيتناوله الصائم، إضافة لشرب الماء بكمية قليلة ولكن لا يكون بارداً حتى لا يتسبب في انقباض الشعيرات الدموية بالمعدة.

تنشيط الخلايا

كما ينصح بتناول الشوربة الدافئة لتنشيط الخلايا ولتعويض سريع للماء بتناول الطبق الرئيسي الذي يمثل الوجبة الصحية المتوازنة التي تتكون من أصناف مختلفة من الأغذية لكل منها‏ ‏فائدة خاصة وبكميات معتدلة مثل الحبوب والبقول واللحوم والألبان ومشتقاتها، والفواكه والخضروات ليحصل الجسم على جميع العناصر الغذائية الأساسية، مع مراعاة عدم الإفراط في تناول المنبهات مثل الشاي والقهوة.

خطوات

وتتمثل خطوات تناول وجبة الإفطار بالبدء بطبق السلطة لإمداد الجسم بالفيتامينات والمعادن والألياف التي تساعد الصائم على الإحساس بالشبع، وتنشط عملية الهضم، وتقي من الإمساك، ثم تناول الشوربة أو الخضار المطبوخة «شوربة الخضار»، حيث إن فيها أنواعاً مهمة من البروتينات، مع الإشارة إلى أهمية إحكام إقفال غطاء الحلة عند طهوها للمحافظة على هذه البروتينات، ومن ثم تناول الطبق الرئيسي الذي يحتوي على «اللحوم، الأسماك، الدواجن» أو بدائلها مثل البقوليات كالعدس والفول والفاصوليا البيضاء أو اللوبيا، والنشويات كالأرز والخبز والمعكرونة والبطاطس، إضافة لضرورة تناول الفاكهة والخضار.

كيف يصل الصائم إلى وجبة سحور متوازنة؟

تعتبر وجبة السحور من الوجبات الرئيسية في شهر رمضان المبارك، إذ أنها تعين المرء على تحمل مشاق الصيام. ومن الأخطاء الشائعة في شهر رمضان، ميل الكثير من الأشخاص لعدم تناول وجبة السحور، ظناً منهم بأن لا أهمية لها، وبأن تناول وجبة الإفطار وما يليها من الأطعمة المختلفة كفيل بتزويدهم بما يحتاجون من الطاقة والسكر لليوم التالي. ومن جهة أخرى، يقوم بعض الأشخاص بتناول هذه الوجبة في وقت مبكر قبل موعد السحور.

وجبة السحور هي بمثابة بديل لوجبة الفطور التي نتناولها في اليوم العادي، لذلك يجب أن تحتوي على المكونات الأساسية نفسها التي نجدها في وجبة الفطور، بما في ذلك الخبز، منتجات الحليب قليلة الدسم كاللبن واللبنة، البيض، الخضار، الأرز بالحليب والفاكهة المجففة. أما الوجبات السريعة كالفلافل والشاورما أو الأطباق الغنية بالدهنيات فهي لا تتلاءم مع متطلبات وجبة السحور.

ويفيد تناول السحور في منع حدوث الإعياء والصداع أثناء نهار رمضان، ويخفف من الشعور بالعطش الشديد. ويفضل تأخير السحور بقدر الإمكان ويراعى اختيار الأغذية التي لها تأثير إشباعي طويل، حيث تستغرق زمناً طويلاً في الهضم فتؤجل الشعور بالجوع.

‏ويجب تجنب تناول الأطعمة المالحة مثل المخللات أو الزيتون المالح والجبنة المالحة، وتجنب التوابل والبهارات واستعمال الأغذية المحفوظة، أو الوجبات السريعة التحضير. وينصح بشكل عام بتناول وجبة أو وجبتين خفيفتين بين الإفطار والسحور مثل «الفاكهة، الزبادي بالفاكهة، قليل من المكسرات».

كيف يمكن التقليل من التأثيرات السلبية للحلويات؟

تناول القطايف المشوية بالفرن عوضاً عن المقلية، واستخدام القطر المخفف «كوبان من الماء وكوب من السكر» بدلاً من القطر العادي للقطايف واللقيمات أو أي حلويات، كما يفضل تحضير الحلويات في البيت، مما يتيح فرصة التحكم بحجم الوجبة وتقطيعها إلى قطع صغيرة. كما يفضل تحديد كمية الحلويات المستهلكة في شهر رمضان وتناولها مرتين حتى 3 مرات في الأسبوع أو الاكتفاء بقطعة صغيرة كل يوم.

ويفضل أيضاً أن تكون التحلية هي الفواكه المجففة أو الأرز بالحليب الغني بالكالسيوم. ومن المستحب تأخير تناول وجبة السحور قدر المستطاع، لكي تقل الفترة الزمنية التي ينتظر الجسم فيها من الطعام والشراب.

أحد أكثر الأمراض التي يحتاج إجابة عنه مرض السكري ومضاعفاته، ماذا تقولون لمريض السكري في رمضان؟

الصيام له دور كبير ومهم في العلاج والتخفيف من أمراض السمنة وما يرافقها من أمراض ثانوية مثل اضطرابات دهون الدم كالكوليسترول والدهون الثلاثية وارتفاع ضغط الدم، كما أن لصيام رمضان دوراً في علاج أمراض أخرى مزمنة وشائعة بين الناس مثل مرض السكري «النوع الثاني»، وبعض أمراض القلب والنقرس، ولكن هناك قواعد عامة يجب اتباعها عند صيام هؤلاء المصابين بهذه الأمراض المزمنة:

فعلى المريض أن يزور طبيبه المعالج قبل رمضان، لتقييم حالته ومعرفة مدى قدرته على الصيام.

ومناقشة الطبيب مع المريض التعديلات اللازمة في جرعات ومواعيد الأدوية عند وجود إمكانية على الصيام بالإضافة إلى توضيح النصائح والإرشادات والمحاذير اللازمة.

والالتزام بتوجيهات الطبيب إذا كانت حالة المريض لا تسمح له بالصيام.

تحدثنا في البداية عن الأنماط الغذائية الصحية فما هي النصائح العامة لأطباق طعام صحية خلال الشهر الكريم؟

ينصح بتجنب الأطعمة المقلية قدر الإمكان، واللجوء إلى أساليب بديلة لتحضير الطعام كالشواء، الطبخ، التحمير أو التحميص. ويفضل نزع الجلد والدهون عن الدجاج واللحوم قبل طهيها. كما يوصى باستعمال منتجات الألبان قليلة الدسم لتحضير الوجبات والحلويات. ويستحسن الاستعاضة عن الملح بالتوابل على أنواعها والأعشاب المختلفة مثل النعنع، البقدونس، الزعتر، الثوم والبصل.

 

نصائح لصيام آمن لمريض السكري

إذا كان مريض السكري يعتمد في التحكم بمستوى السكري في الدم على التغذية السليمة وممارسة النشاط البدني فقط، فإن الصوم لا يشكل أية خطورة عليه، بل أنه قد يعود عليه بالنفع شريطة أن يراعى التعجيل بالفطور وضرورة تناول وتأخير موعد السحور إلى أقصى حد ممكن.

والمحافظة على كمية الطعام اليومية كما حددها الطبيب وأخصائية التغذية، وتقسيم كمية الطعام هذه إلى 4 أجزاء، الإفطار، السحور ووجبتين خفيفتين بين الإفطار والسحور.

وممارسة النشاط اليومي كالمعتاد مع أخذ قسـط من الراحة في فترة الظهيرة، والحصول على كمية كافية من السوائل والاعتماد على الأغذية المحتوية على نسبة عالية من الماء ضمن مكونات الوجبات الغذائية كالحليب، الخضروات الطازجة، الفواكه الطازجة والأنواع المناسبة من الشوربة.

وتجنب السكر والملح والأغذية المملحة، وتناول الأغذية التي تحتوي على الكفاية من الألياف الغذائية ضمن مكونات الوجبات مثل الخضروات والفاكهة الطازجة.

Email